ياسمين غُبارة
ياسمين غُبارة

د

ذلك الحب الذي…..!

الحب الأول “

الأب هو الحب الأول فى حياة ابنته سواء خذلها فيُحدث ندبة أبدية فى وجدانها أو اتسع بعطائه وحنانه ليملأ مكانه الأوحد فى قلبها .
علاقة خاصة جدًا من الحنان والتفاعل والمشاعر التى ليس لها مثيل .. علاقة وصفها الناس بألقابٍ عديدة استُخدِمت بعد ذلك كأسماء للعديد من الفتيات مثل: ” بنت أبيها، أم أبيها، ست أبيها، حبيبة أبيها “،
علاقة لفتت نظر العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية التى تحدثت عن خصوصية هذا التفعال بين البنت وأبيها، فالفتاة تميل إلى تَبَنّى آراء والدها فى معظم أمور الحياة، فهو النافذة التي ترى من خلالها الدنيا. والابنة هى الوحيدة القادرة على إظهار الجانب العاطفى فى والدها.
ولاحظت الدراسات تلك الخصوصية فى علاقة الأب بابنته من الاختلاف الواضح بين علاقة الأب بابنه الولد وعلاقته بابنته، ووجدت أن الأب يستجيب بشكل أسرع لاحتياجات وبكاء طفله عندما يكون هذا الطفل بنت، كما أن الأب يميل إلى مسامحة ابنته على أخطائها أكثر من الولد، قد يبدو هذا الكلام غريبًا أو أفلاطونيًا لبعض الفتيات اللاتي لم يكن لهن من حب الأب ودعمه نصيب كاف،ٍ فيظل التحفظ فى إظهار المشاعر هو سمة مشتركة فى مجتماعاتنا العربية بين كثير من الآباء؛ مما يخلق حاجزًا بين الآباء والأبناء عمومًا، فما بالك بتلك المخلوقات الصغيرة الوديعة التى أوصى بها الرسول -عليه الصلاة والسلام- وقال عنهم: ” المؤنِسَات الغاليات “.
وإذا حاولت أن أتوقف عند علاقات مميزة وخاصة تحمل كل أنواع الجمال بين أب وابنته، فلن أجد بداية أفضل من الرسول -صلى الله عليه وسلم- وابنته فاطمة ..
ولكن لماذا فاطمة بالتحديد؟!،
فالرسول كان لديه أربع بنات، ولكن فاطمة كانت الصغيرة، لم تتزوج وتترك البيت باكرًا قبل الدعوة كأخواتِها، بل تفتّحت رحلة عمرها على السنوات الشّداد فى بداية الدعوة، رأت والدها يُعاني وكانت تصاحبه فى كثير من مواقف تصدى زُعماء قريش لدعوته ، ارتبطت به وشعرت بما يُكابده و يعانيه، فكانت رحلة والدها -صلى الله عليه وسلم- ورسالته الشريفة هى الحياة الوحيدة التى عرفتها.

لُقّبت فاطمة ب “أم أبيها “؛ و ذلك لفرط حرصها وحبها واهتمامها بشئون والدها الرسول صلى الله عليه وسلم، الذى كان أيضًا يرعاها طوال الوقت هى وكل ما ومن يخصها حتى بعد زواجها، فقد عانت السيدة فاطمة من مشقة الحياة بعد الزواج.
تطحن بالرحى حتى تشققت يداها، وتحمل قربة الماء التي تركت أثرًا غائرًا فى رقبتها. وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يمر عليها فى منزلها ، فيجدها نائمة منهكة ولا تشعر ببكاء الحسن رضى الله عنه الذى كان رضيعًا يبكي من الجوع أشفق عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يُرِد أن يوقظها، وكانت فى قلب الدار غَنَمة فحلبها بنفسه وظل يسقي الحسن حتى ارتوى .
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُجِلّ ابنته فاطمة ويُعظّم من شأنها، فيُعلن وسط الناس أن: ” فاطمة بضعة مني ويُؤذيني ما يُؤذيها “، يحترمها ويعطيها مكانة خاصة فى حياته، فإن دخلت عليه في أي مجلس؛ قام لها، قبّلها بين عينيها وأجلسها مكانه .. كانت أكثر بناته شبهًا به، وكانت ولا شك علاقة غارقة فى الخصوصية والحب والعطاء، يحتذى بها كل أب ينتوى خيرًا تجاه ابنته الغالية.

وللحب بقية …..