ياسمين غُبارة
ياسمين غُبارة

د

رواية “الحرام”…و البحث عن الحقيقة في الظلام !


كان من الممكن أن تنتهى مهمة “فكري أفندى” المأمور عند هذا الحد غير أن حب استطلاع ما بدأ يراوده …”تُرى ابن من هذا ؟”….ومن هنا تبدأ رواية “الحرام ” لأمير القصه العربيه “يوسف إدريس”، وهو أكثر الروائيين اقترابًا من القرية المصريه ويبدو هذا واضحًا فى رواية “الحرام ” .
تدور الرواية فى إحدى بقع شمال الدلتا حيث التفتيش، والتفتيش هو عبارة عن مجموعة من العِزَب .

تبدأ احداث الروايه بالخفير “عبد المطلب” الذي يجد جنينا حديث الولاده مُختنق على خليج العزبة الكبيره فيركض به إلى “فكري أفندى” المسؤول عن كل كبيرة وصغيرة تحدث فى التفتيش. يتحرك فكري أفندى هو وعدد متزايد من أهل التفتيش فى مسيرة لتسليم جثمان الطفل إلى إدارة التفتيش وكل ما كان يشغل هذا الجمع من البشر وقتها هو أن هذا اللقيط وُجِدَ على خليج العزبه الكبيره والعزبه يكاد يُعرف نساءها وبناتها بالواحدة فأيهن هى التي فعلت تلك الفِعلة؟!

تدور احداث الروايه كلها حول بحث أهل القريه عن الفاعلة، وتدور الشكوك حول كل سيدات وبنات العزبه ويعرض الكاتب لمحة من حياة كل سيدة وفتاة منهن، يُدخلك عالمها بكل تفاصيله ويُعرّفك على شخصيتها ليجعلك تفكر أنت أيضا هل من الممكن أن تكون هى من فعلت ذلك؟! ثم يأخذك الكاتب من البحث عن الفاعلة إلى جانب آخر فى نفسية أهل التفتيش ألا وهو احتقارهم لأبناء” الترحيله “.
أبناء الترحيله ليسو من أهل التفتيش، فهم يأتون من قُرى بعيده ،هم أفقر أبناء هذه القرى، يتركون أهلهم ومساكنهم ، يذهبون الى التفاتيش البعيده ثلاثة شهورأو أكثر ليعملوا فى الزراعة مقابل قروش قليلة. يميل أهل التفتيش إلى التفكير فى أن تكون الفاعله من فتيات الترحيله .
فى رحلة البحث يتغير كل شىء تتغير نظرة أهل التفتيش لأهل الترحيله بل يتعاونون ويتشاركون بشكل ما يصل للاندماج، فتراهم وقد أصبحوا صورة متكاملة لمجتمع واحد وبالرغم من أن الفاعلة تظهر فى النهاية، إلا أن رحلة البحث لم تصل فقط إلى الفاعل إنما وصلت الى أن تخلق حالة من مشاعر الشفقة والرحمة داخلك كقارئ وداخل كل شخصيات الروايه تجاه هذه السيدة التى أصبحت بشكلٍ ما بطلة مجتمع الروايه ورمزا للحياة وسبباً فى إخضاع “عَنجهية” الأهالي و تهذيب مشاعرهم .