مدونات أراجيك
مدونات أراجيك

د

عملة نادرة قابلة للزوال

تدوينة: مها الشاذلي

قد يتساءل العديد مِن الناس عن الصداقة فتختلط المشاعر بداخله، فالبعض يظهر أمامهم طيف الراحلين والبعض يبتسم لمرور طيف صديقه المقرب إليه… دعنا عزيزي القارئ نتحدث عن الصداقة وأهميتها والتفرقة بين الصداقة الحقيقية وصداقة المنفعة.

يؤكّد علماء النفس والاجتماع أن الإنسان بحاجة إلى إقامة صداقة أساسها العاطفة الصادقة والحب غير المشروط، وتجنّب الصداقات المرهقة التي تحكمها المصالح المتبادلة وتباعد وجهات النظر وعدم الفهم، فنحن نحتاج إلى شخص نروي له قصة حياتنا بالتفصيل ومناقشة مشاكلنا والشعور بالاهتمام وتضميد جروحنا وليس فتح جروح أخرى وزيادة عمق الجروح بالخذلان.

ولكيلا يحدث خذلان دعنا نتحدث عن أساسيات الصداقة وهي أن يكون الشخص صادقًا مع نفسه ومع الآخرين وقادراً على تفهم جوانب وأبعاد شخصيّته والتصالح مع عيوبه وخفض سلبياتها، فالأشخاص غير القادرين على تفهّم أنفسهم، وتقبل جوانب النقص فيهم، لا يستطيعون إقامة صداقات سليمة مع الآخرين.

أما عن كيفيّة التفرقة بين الصداقة الحقيقية وأصدقاء المنفعة والعلاقات العابرة، فهناك أشخاص تقضى معهم أوقات جميلة في نزهة أو ممارسة نشاط ما أو الدراسة وبزوال هذا السبب لا يصبح معنى لمعرفتكم فإجراء حديث شخصي أو مناقشة قضايا أمور غير محتملة الحدوث. فتلك العلاقات يمكن اعتبارها أصدقاء منفعة أو علاقات عابرة.

ولكن دعنا نقول أنّ هذه الصداقات جيدة أيضاً، فسبحان مَن جعلك سبباً في قضاء حوائج الناس فتلك نعمة من نعم الله لك.

أما الصديق الحقيقي هو الذي تجده قريبًا مِن النفس رغم كثرة المشاغل، وبجانبك في مِحنك، ويلتمس لك الأعذار، كتلة المشاعر واللطف التي نراها مِن أولئك بدون انتظار مقابل أو رد فعل طيب منا.

ولم أجد قولاً يعبر عن الصداقة أجمل من قول أبو بكر رضى الله عنه حينما قال:

«شرب الرسول صلى الله عليه وسلم فارتويت».

وأخيرًا قد يفضّل بعض الأشخاص تجنّب الصداقات خوفًا مِن المشكلات المترتبة على فشل اختيار الصديق الصحيح والاضطرار الناتجة مِن مواجهة الآلام والإحساس بخيبة الأمل والخذلان أو لاعتقادهم بأن الصداقة الكاملة مُستحيلة، ومثل هؤلاء الأشخاص يفرضون على أنفسهم عزلة اختياريّة، فهم يرفضون دفع ثمن لرابطة إنسانيّة لا يعرفون قيمتها الحقيقية وأهميتها الكبرى لدى الإنسان، وسيظل الخوف مُسيطرًا عليهم ويدفعون ضريبة خوفهم خسارة أصدقاء حقيقيون.

قد تخطئ في الاختيار مرة واثنتان وربما أكثر، ولا أستطيع أن أضمن وجود أصدقائك معك للأبد أو أنهم معصومون مِن الرحيل والأخطاء ولكن أضمن لك أن مواقفهم ستستمر كذكرى جميلة، فبعض الأشخاص يستحقون أن يحتلوا منطقة مختلفة بقلوبنا.