أقوى عملة في العالم!.. لماذا يعد الدينار الكويتي أقوى من الدولار الأمريكي؟

معظم الناس يعرفون الكويت بسبب ثروتها النفطية وموقعها الاستراتيجي في الخليج، لكن القليل منهم يدركون أن هذا البلد الصغير والغني يفتخر بأقوى عملة في العالم "الدينار الكويتي". لكن لماذا يعد أقوى عملة في العالم؟ وما هي العناصر التاريخية التي أدت إلى قوة الدينار الملحوظة مقابل الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية الأخرى؟

يتراوح الدينار الكويتي حاليًا بين 3.25 دولارًا أمريكيًا إلى 1 دينار كويتي، وتعود قصته إلى عام 1961 بعد استقلال الكويت. كان الدينار مربوطًا في البداية بالجنيه الاسترليني، ولم يحافظ على قيمته فحسب، بل زاد مع مرور الوقت. عندما غزا العراق الكويت في عام 1990، حل الدينار العراقي محل العملة الكويتية لفترة وجيزة. لكن بعد التدخل الأمريكي، استعاد الدينار الكويتي مكانته وحافظ على قوته منذ ذلك الحين. وعلى عكس الجنيه البريطاني، الذي فقد ما يقرب من ثلثي قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ الستينيات، استمر الدينار في الارتفاع.

ويمكن أن تعزى قوة الدينار إلى عدة عوامل متشابكة تشكل العمود الفقري للاقتصاد الكويتي أهمها:

أولاً وقبل كل شيء، تتمتع الكويت بواحد من أعلى أرقام نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، مدعوماً بانخفاض معدلات البطالة والنمو الاقتصادي المطرد. ويعود هذا الاستقرار إلى حد كبير إلى ازدهار صناعة النفط والغاز في البلاد. وباعتبارها مصدرا رئيسيا للنفط الخام، وخاصة إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية، تستفيد الكويت من انخفاض تكاليف الإنتاج، وبالتالي تصبح أقل اعتمادا على أسعار النفط المرتفعة مقارنة بالدول الأخرى الغنية بالنفط مثل روسيا. ويتيح هذا الموقع المميز للكويت الحصول على سعر تعادل يتراوح بين 40 إلى 50 دولارًا للبرميل، مما يوفر حاجزًا وقائيًا ضد تقلبات أسعار النفط.

علاوة على ذلك، فإن المسؤولية المالية وعادات الإنفاق المحافظة في الكويت تختلف بشكل ملحوظ عن دول الخليج الأخرى المعروفة بالمشاريع الضخمة. وتمتلك البلاد أيضًا أصولًا واستثمارات أجنبية كبيرة من خلال صندوق الثروة السيادية، الذي يتجاوز 700 مليار دولار. ولا يوفر هذا الاحتياطي الكبير الثقة في الدينار فحسب، بل يدعم أيضًا الميزانيات الحكومية خلال أوقات الركود الاقتصادي.

ومن المثير للاهتمام أن حكومة الكويت تحافظ بنشاط على القيمة العالية للدينار من خلال ربط استراتيجي بسلة من العملات الدولية. وعلى الرغم من أن هذه السلة يهيمن عليها الدولار الأمريكي، إلا أنها تضم أيضًا عملات قوية أخرى مثل اليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني. وتؤدي الضوابط الصارمة على رأس المال إلى زيادة استقرار الدينار عن طريق تقليل المضاربة والتقلبات، مما يمنحه ميزة طفيفة على العملات الخليجية القوية الأخرى مثل الدينار البحريني والريال العماني.

إن القوة الاستثنائية التي يتمتع بها الدينار الكويتي مقابل الدولار الأمريكي ليست مجرد صدفة؛ بل هو نتيجة لمزيج من التخطيط الاقتصادي الاستراتيجي، والموارد الطبيعية الوفيرة، والسياسة المالية الحكيمة. ومع تحول العالم تدريجياً نحو مستقبل خالٍ من النفط، فإن استثمارات الكويت طويلة الأجل وإطارها الاقتصادي القوي يجعل من الدينار رمزاً مقنعاً للمرونة المالية والازدهار في البلاد.