الإمارات المتحدة والمملكة السعودية: تنافس كبير تكنولوجيًّا واقتصاديًّا.. فمن سيصل للقمة؟

إن التنافس الدولي حسب النظرة الواقعية في العلاقات الدولية هي ظاهرة قديمة بين الشعوب والأمم، حيث تسعى الدول لتحقيق مصالحها بدوافع مختلفة. وتعدّ حالة طبيعية تنشأ معظمها نتيجة احتكاك وسعي للأفراد أو الجماعات من أجل تحقيق مصالحهم وأهدافهم انطلاقًا من إمكانياتهم المتاحة التي عادةً ما تكون متشابهة.

والتنافس الاقتصادي والتكنولوجي بين الإمارات المتحدة والمملكة السعودية يشكل ملحمة معاصرة، حيث تتسابق هاتان القوتان العربيتان نحو القمة في مجالات متعددة. فما هي أوجه هذا التنافس والتطور الذي تشهده المنطقة؟ فهل ستكون النتيجة صعود نجم جديد في عالم التكنولوجيا والابتكار، أم تحول في ميزان القوى الاقتصادية الإقليمية؟

برأيك من سيصل إلى القمة أولاً؟

قبل اكتشاف النفط في الخمسينيات من القرن الماضي، كان اقتصاد المنطقة مدفوعًا بشكل أساسي بالزراعة البدوية وزراعة النخيل وصيد الأسماك وصيد اللؤلؤ والملاحة البحرية. 

منذ اكتشاف النفط، تأثر الاقتصاد بمختلف القطاعات مثل تجارة الجملة والتجزئة، والعقارات، وشهد اقتصاد الإمارات العربية المتحدة ازدهارًا كبيرًا جعل الدولة ضمن المراتب الأولى من حيث بعض المؤشرات الاقتصادية، وتماشيًا مع أجندة التنمية الاقتصادية في البلاد، حققت دولة الإمارات العربية المتحدة نجاحًا في تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط وأصبحت مركز الأعمال الدولي الرائد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.  

برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي للأعمال والتجارة، حيث عملت على جذب الشركات متعددة الجنسيات وتعزيز بيئة مواتية لريادة الأعمال.

وبفضل موقعها الاستراتيجي، وبنيتها التحتية ذات المستوى العالمي، وسياساتها الحكومية ذات التفكير المستقبلي، أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة موطنًا للعديد من الشركات الناجحة في مختلف الصناعات.

وفرت دولة الإمارات العربية المتحدة بيئة متنوعة وتعاونية للشركات الناشئه ذوي الخلفيات المختلفة للعمل معًا ودفع عجلة الابتكار أهمها:

هي شركة موارد بشرية وتأمين، تعمل الشركة الناشئة في العديد من الصناعات: استحقاقات الموظفين والتأمين والموارد البشرية.  

تقدم مفهومًا ثوريًا لمشهد الألعاب في Dubai Web 3.0.  

هي شركة إماراتية ناشئة تستثمر في الجانب العقاري في المنطقة.  

وغيرها كان العديد أيضًا من الشركات الناشئة التي ساهمت في تطور الإمارات العربية المتحدة اقتصاديا.

تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة بأن تكون من أولى دول العالم في التكنولوجيا واكثرها تطورًا من خلال عدة أمور:

في يناير 2020، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اثنين من الذكاء الاصطناعي لتسريع اعتماد تقنية الذكاء الاصطناعي، تم إطلاق هذه المبادرات (بما في ذلك "برنامج البحث عن المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي") لدعم خبرات ومواهب الذكاء الاصطناعي، وجعل دولة الإمارات العربية المتحدة الخيار الأول "لشركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والمواهب من جميع أنحاء العالم".

أنشأت البلاد وزارة للذكاء الاصطناعي لوضع استراتيجية طويلة المدى للذكاء الاصطناعي، واقترحت الوزارة اعتماد منهج الذكاء الاصطناعي وإطلاق ست منصات ذكية لدمج التكنولوجيا في نظام التعليم، وستعمل حوالي 600 مدرسة تضم ما يقرب من 275000 طالب و21000 معلم على هذه المنصات.

إن تركيز المملكة العربية السعودية على تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط بدأ يؤتي ثماره. ففي عام  2021 شهد اقتصاد المملكة العربية السعودية تحولًا، حيث أطلقت الحكومة السعودية الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، وهي خطة لتحويل اقتصادها من خلال دعم إضافي للابتكار، وحوافز لتعزيز مساهمات القطاع الخاص، والدعم الموجه للقطاعات الاستراتيجية. 

قامت بتنفيذ إصلاحات للحد من الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز القدرة التنافسية. وكان التنويع مدفوعا بالتحسينات في البيئة التنظيمية والتجارية، ونتيجة لمجموعة جديدة من القوانين الرامية إلى تعزيز ريادة الأعمال، وحماية حقوق المستثمرين، وخفض تكاليف ممارسة الأعمال التجارية، نمت صفقات وتراخيص الاستثمار الجديدة بنسبة 95% و267% على التوالي في عام 2022، بالإضافة إلى ذلك، قام صندوق الاستثمار السعودي بتوزيع رأس المال، بما في ذلك للمساعدة في تحفيز استثمارات القطاع الخاص.

تشهد الشركات الناشئة والتوسع في المملكة العربية السعودية تطورًا سريعًا، مدفوعًا بالمبادرات الحكومية، والشراكات الدولية، ومجموع المواهب المتنامي، وبيئة الأعمال المحسنة. وكان هناك دورًا مهمًا لبعض الشركات الناشئه في تطور المملكة العربية السعودية اقتصاديًا منها:

وكان هناك العديد من الشركات الناشئة التي ساهمت في تطور وتقدم البلاد اقتصاديًا،

ولاشك أنه مع استمرار الدولة في الاستثمار في تطوير نظامها البيئي للابتكار، يمكننا أن نتوقع تطورات أكثر إثارة في السنوات القادمة.

في عام 2019، أعلنت هذه الدولة عن استثماراتها الكبيرة في الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الناشئة، وقد اتخذ السعوديون عدة مبادرات، بما في ذلك إنشاء منظمة المعلومات والذكاء الاصطناعي ومكتب إدارة البيانات الوطنية، لتسريع تنفيذ خطة الذكاء الاصطناعي في هذا البلد المتعلقة بقطاعات مثل الخدمات المصرفية، وخدمات الذكاء الاصطناعي الحكومية، بالإضافة إلى الاتصالات والصناعات الرقمية، وتجارة التجزئة، والتطبيب عن بعد وغيرها…

وفي ديسمبر 2022، استضافت المملكة العربية السعودية القمة العالمية الثانية للذكاء الاصطناعي في الرياض، اجتمع في هذه القمة مئات الممثلين من شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة والمستثمرين ورجال الأعمال والشخصيات الأكاديمية للمناقشة والتفاوض بشأن مستقبل الذكاء الاصطناعي ومشاركة المملكة العربية السعودية،

وخاطب وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي، في هذه القمة، بلاده باعتبارها أكبر دولة تمتلك موارد بشرية متخصصة وخبراء في معرفة الترميز ومعالجة البيانات، وذكر أن حاليًا أكثر من 70 ألف متدرب ينخرطون في تعلم الخبرات  في هذا الحقل، كما أعلن أن حصة المرأة في بلاده في التقنيات الناشئة تتجاوز 30%.

في مزيج مثير بين السلطة والسياسة والرياضة، أصبحت مجموعة مختارة من الأفراد في طليعة المشروع الطموح للمملكة العربية السعودية في ساحة الرياضة العالمية.

لقد ضخت المملكة العربية السعودية ثروات هائلة في عالم الرياضة لسنوات، ولكن في صيف عام 2023 استحوذت القوة القوية في الشرق الأوسط على معظم اهتمام العالم، أدى التدفق الكبير لبعض لاعبي كرة القدم الأعلى أجرًا إلى الدوري السعودي للمحترفين المحلي (SPL) إلى إحداث صدمة في عالم الرياضة، مهد كريستيانو رونالدو الطريق بانتقاله من مانشستر يونايتد إلى النصر في يناير 2023، وفي فترة الانتقالات الصيفية لنفس العام، انضم إلى رونالدو العديد من لاعبي كرة القدم الآخرين، بما في ذلك كريم بنزيمة، الفائز الفرنسي بجائزة الكرة الذهبية لعام 2022.  والنجم البرازيلي نيمار.

تستمر المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مع مناورة كل من الجارتين للظهور كمركز اقتصادي رئيسي في منطقة الخليج، لكن التنافس لن يسير بمعزل عن السعي للهيمنة الجيوسياسية في الخليج، وكيفية تعامل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مع التوترات المتزايدة بينهما أمر بالغ الأهمية: فالعواقب المترتبة على التنافس المتصاعد تهدد بالامتداد إلى ما هو أبعد من الخليج العربي.

لذلك، نرجح أن التنافس بين البلدين، وداخل مجلس التعاون بصورة عامة، سيشمل أبعادًا أوسع من الاقتصاد والتكنولوجيا، دون أن يعني هذا بالضرورة أن علاقات التعاون القائمة تتجه للانهيار، لأن السعودية والإمارات ما يزالان في إطار تعاون استراتيجي على المستويين الإقليمي والدولي، ويواصلان تشارك العديد من المصالح.

وفي الختام ، لاشك أن التطوّر المذهل والمتسارع الذي تشهده الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية جعل من الحاضر وقودًا هائلًا يُغذّي الخيال للمستقبل لكي نتصوّر كيف سيكون شكل المستقبل.