تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

الواقع المُشوَّش: رحلة داخل عالم الذكريات الكاذبة

هبة دلول
هبة دلول

5 د

ربما تعتقد أنك الشخص الذي يملك ذاكرة فولاذية، وأصدقائك يعتمدون عليك في تذكر كلمات سر حساباتهم الشخصية، فأنت تتذكر يومك الأول في المدرسة وماذا حصل، بل وتتذكر أحداثًا تصدم الناس حولك من كيفية تذكرها وأن لا أحد سمع بها غيرك، فهل أنت شخص خارق؟ كلا أنت تملك ذاكرة جيدة ومع هذا فإنك عرضة لأن تُصاب بالذكريات الكاذبة، فهل سمعت بها من قبل؟


هل الذكريات الكاذبة محض خيال؟


الذكريات الكاذبة هي حالة يتذكر بها الشخص أشياء لم تحدث أبدًا أو حدثت و لكنه لا يتذكر الطريقة التي حدثت بها، فهي إما أن تكون أحداثًا كاملة من صنع الخيال، أو تذكرًا مشوهًا لحدث حدث بالفعل، وقد يبدو هذا الكلام غريب للوهلة الأولى ولكن إليك بعض الأمثلة عن الذاكريات الكاذبة والتي نعيشها يوميًا دون أن ندري أننا مصابين بهذه الحالة، فكم مرة ذكرت أنك تناولت وجبة الغداء في حين أنك لم تتناولها أبدًا، ومن الأحداث التي كثيرًا ما نتعرض لها هو خلط بين ما حدث معنا في الحلم والاعتقاد أنه حدث في الواقع، فالذكريات الكاذبة لا تتعلق بنسيان تام لحدث حدث بالفعل بل تكمن في تذكر حدث لم يحدث أبدًا.


الذكريات الكاذبة والنسيان وجهان لعملة واحدة


أجرى بعض الباحثون في نظام الرعاية الصحية في فرجينيا دراسة للمقارنة بين النسيان والذكريات الكاذبة ليجدوا أن الذكريات الكاذبة شائعة مثل النسيان وأن تكرارها يرتبط بانخفاض الإدراك، وأظهرت النتائج أن نسبة انتشار الذكريات الكاذبة تتراوح بين ٧ إلى ٦٤%.

العقل البشري شيء مذهل ولكنه ليس كاملًا، فالدماغ عندما يُخزن المعلومات قد لا يستطيع استرجاعها بدقة، فقد تكون مشوهة، فقد تُعطى قائمة من الكلمات ويُطلب منك تذكرها فتتذكر وجود كلمة بارد على الرغم من عدم وجودها لماذا؟ 

لأن القائمة تحتوي على كلمات متشابهة مثل ثلج، صقيع، حرارة منخفضة، وتنشأ الذكريات الكاذبة بعدة طرق وهذا مايجعلها شائعة، فمثلًا قد يسألك شخص هل كان السارق يرتدي ساعة ذهبية عند دخوله إلى الشقة؟ فتقول له نعم ولكن سرعان ما تغير إجابتك وتقول أنها فضية على الرغم من أن السارق لم يكن يرتدي ساعة على الإطلاق، وهذه الطريقة تسمى الاقتراح فقد زُرع في ذاكرتك فكرة لم تكن حقيقية.

من المثير للدهشة أيضًا أن قدرتنا ترتفع على خلق ذكريات كاذبة عندما تشعر بمشاعر سلبية، وقد تسمع قصة تحوي فجوات متعددة فدماغك تدخل إليه معلومات غير دقيقة فسرعان ما يحاول سد هذه الفجوات عن طريق الذكريات الكاذبة.


الذكريات الكاذبة طريقك نحو السجن


من الممكن زرع ذكريات كاذبة في أدمغة الأشخاص مما يؤدي بهم على سبيل المثال إلى الاعتراف أمام الشرطة بأشياء لم تحدث أبدًا تؤدي بهم إلى السجن، قد يبدو هذا غريبًا ولكنه حقيقي، فالذاكرة هي شبكة من الأعصاب في الدماغ تستطيع تحديثها باستمرار، ففي كل مرة تروي فيها قصة أو حدث فأنت تعرض الذكريات للتجديد، فالذكريات الكاذبة خطيرة جدًا على نظام العدالة الجنائية ويمكن أن تؤدي بالأبرياء إلى السجن، فعملية الاستجواب يمكن أن تؤثر على ذكرياتنا فيتهمك المحقق بأنك اغتصبت طفلة عندما كنت في الرابعة عشر من عمرك، ويبدأ بالسؤال عن التفاصيل ويوهمك أن أهلك  قد اعترفوا بأنك ارتكبت الجريمة ويعطيك بعض المعلومات الدقيقة عنك مثل لونك المفضل أو اسم صديقك ويكرر عليك تهمة ارتكابك للجريمة، وهنا خلال أسبوعين أو أقل ستكون مستسلمًا لذكرياتك معترفًا بجريمة لم تحدث أبدًا، وأيضًا شهادة الشهود غير الموثوقة والتي تختلف عن الشهادة زورًا تجعلهم يتعرفون على الشخص الخطأ أو يصفون الأحداث بالخطأ، ويمكن أيضًا أن يتأثر الشهود بضباط الشرطة المتحيزين تجاه مشتبه فيه معين، فقد تطرح الشرطة أسئلة بطريقة توحي بمشتبه به معين أو بتسلسل معين من الأحداث التي يمكن أن تقود الشاهد إلى الاعتقاد بأن المشتبه به متورط في جريمة، كما يمكن إدانة الشخص الذي يواجه اتهامات جنائية بناءً على ذكريات غير دقيقة ظلمًا بناءً على شهادة غير دقيقة من الشهود.


هل ذكرياتي حقيقية أم كاذبة؟ 


لا بد أنك تتسائل كيف ستعرف ما إذا ذكرياتك كانت حقيقة أم كاذبة؟ إذا توجد عدة طرق للتأكد من حقيقة ذكرياتنا وعدم الوقوع في فخ الذكريات الكاذبة، فمثلًا إذا كنت تفكر فيما إذا كنت قد شاركت في حفلة المدرسة في العام الدراسي الأول لك فحاول البحث عن صور أو مقاطع فيديو تظهر بها وأنت تؤدي رقصات الحفلة و أغانيها، فالنقطة الأولى إذًا هي البحث عن الأدلة.

من مميزات الذكريات الحقيقية أنك قد تشعر بالثقة أنك تتذكرها وهذا ربما يدل بعض الشيء على حقيقتها، فالذكريات الكاذبة قد ينتابك احساس من عدم الثقة بها، ولاتنسى أيضا مشاركة ما تتذكره مع أشخاص كانوا شاهدين على ما حدث فقد يساعدوك في تحديد ماهية ذكرياتك.

إن احترام وتقدير الأشخاص الذي يعانون من الذكريات الكاذبة أمر عظيم لا سيما أن غالبية هؤلاء يعانون من اضطراب الوسواس القهري الذي أثر على ثقتهم بأنفسهم وذكرياتهم، لذلك يجب دعمهم  ومساندتهم حتى الوصول بهم إلى بر الأمان النفسي.

قد تعتقد أن ذاكرتك كبسولة زمنية خارقة وآلة تصوير تحتفظ بتفاصيل حياتك بأفضل طريقة تسترجعها عندما تريد، وتعيش تفاصيلها وتسعد بها ولكن كل شيء له وجهان فذكرياتك التي تسعدك، قد تصبح مصدر شؤمك عندما تصبح مشوهة وتقودك لجلد الذات و تشعرك بأنك مجرم خطير. 

ذو صلة

شاركنا لعبتنا هل من الممكن أن تعرف إذا كانت هذه الذكريات كاذبة أم حقيقية؟ 

  • تذكرك ملابسك أول يوم في المدرسة.
  • تذكرك تعرضك للاختطاف من قبل الكائنات الفضائية عندما كنت طفلًا.
  • تذكرك طعم الحلوى التي تناولتها الأسبوع الماضي في المطعم.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة