هل تساءلت يومًا كيف يتواصل الحيوانات؟ الذكاء الاصطناعي سيفشي السر قريبًا

للحيوانات لغتهم الخاصة. وكلمة لغة هنا تعني القدرة على التواصل من خلال الإشارات واللمس والكيمياء والكهرباء والسمع والبصر. فلكل حيوان حسب طبيعته والبيئة التي يعيش فيها لغة خاصة للتواصل، مثل الإسفنج البحري الذي يتواصل من خلال اللمس في قيعان البحار، أو النمل الذي يشعر من خلال موجات صوتية لا يمكننا سماعها، والقناديل من خلال صعقتها الكهربائية القوية. جميعها وسائل اتصال مباشرة لتوليد لغة تفهمها الفصائل فيما بينها. فكيف تعمل هذه الإشارات؟ وهل تشبه في طبيعتها لغة الإنسان؟

التواصل بين الحيوانات ما هو إلا وسيلة خلقت لتسهيل القيام بالأنشطة الضرورية للمخلوقات وتعزيز لغريزة البقاء. فتواصل الحيوانات لا إرادي وتلقائي وبدائي، لا يرتقي إلا بارتفاع مستويات الخطر والصعوبة في البقاء والنجاة في البيئة، حينها يبحث الحيوان عن طرق لحماية نفسه. إليك بعض الأمثلة للغات التواصل المنتشرة بين الحيوانات:

في النحل، تحسب النحلة المسافة إلى اللازمة لوصول السرب إلى منطقة الطعام، ومن ثم تطير وتتراقص في دائرة لتلفت انتباه السرب إليها، ويكون قطر هذه الدائرة هو المسافة التي عليهم الطيران خلالها للوصول إلى الهدف. ولتحديد الاتجاه تكوّن النحلة دائرتين أثناء طيرانها. ويتكون خط مستقيم عندما تتقاطع الدائرتين، لتكون زاوية هذا الخط مع الشمس هي الوجهة التي على النحل الطيران إليها.

القردة والشمبانزي لهم طرقهم الخاصة في الاستجابة للخطر. فالصوت الذي تصدره القردة عند رؤية الثعبان، يختلف عن الصوت الذي تصدره عند رؤية النمر، وعن ذلك الذي تصدره عند رؤية الصقر. فلكل حيوان طريقة مختلفة يتعامل بها القرد كوسيلة للنجاة والهروب وإيصالها إلى القردة الآخرين.ديدان القز والنمل وغيرها من فصائل الحشرات، تطلق مادة كيميائية تسمى "فيرمون"، لتخبر بها الشريك باستعدادها للتكاثر والتخصيب.

من هذه الأمثلة التي تمثل حاجات المخلوقات الأساسية: البقاء والغذاء والتكاثر، يتبين لنا مدى ضرورة وأهمية تواصل الحيوانات فيما بينها للنجاة في الطبيعة، ومدى الاختلاف بين لغة تواصل الحيوانات ولغات البشر.

يخبرنا العلماء اليوم أن الذكاء الاصطناعي سوف يلعب دورًا كبيرًا في فهم الطبيعة والحيوانات من حولنا. فمع اكتشاف العلماء لقدرة الحيوانات على إحداث الأصوات والإشارات والتواصل فيما بينها، يمكننا الآن تعليم الآلات هذه الإشارات واللغات لتتمكن من فهمها سريعًا كما لو كانت تجري محادثة معها. ولا تعني هذه التقنيات قدرتنا على الحديث مع حيواناتنا في المستقبل القريب، لكنها تمنحنا وسيلة أفضل تمكننا من التعامل مع الطبيعة بطريقة تساعد الطرفين على فهم بعضهما.

تمنحنا هذه التقنيات الكثير من الميزات فيما يتعلق بالأنشطة التي نقوم بها مع وداخل الطبيعة. فعلى سبيل المثال: يمكننا تحديد الأوقات المثلى للأنشطة كالصيد والتزلج والتخييم والزراعة وحتى قطف الثمار. وهذا التعاون لايعود بالنفع على مجتمعاتنا كبشر وحسب، بل يمكّننا من الحفاظ على بيئاتنا الحية لأطول وقت ممكن والتعزيز من قوى الطبيعة ودورات الحياة الطبيعية.

عند استماع الحاسوب لصوت حيوان ما، تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بمطابقة ومقارنة الصوت المسموع بالنماذج والأصوات والإشارات التي سبق إدخالها إلى الحاسوب وترجمتها إلى لغة يفهمها البشر، حيث أن فهم الحيوانات هو الهدف من هذه البرامج لا الحديث معها.

استطاعت برامج الذكاء الاصطناعي الكشف عن العديد من الحقائق المذهلة فيما يخص الحيوانات والطبيعة.  فقد وجد العلماء أن الأزهار تستطيع سماع صوت النحل أثناء قدومه ومن ثم تشرع في إصدار الرحيق. مذهل أليس كذلك؟ كما استطاع العلماء اكتشاف: 

في المستقبل القريب يطمح العلماء في بناء روبوتات قادرة على التواصل مع الحيوانات، ولكن ما الذي يمكن أن يمنع ذلك من الحدوث؟ 

الحيوانات هي فصائل وأجناس كثيرة ومختلفة تتفاوت في تعقيد أدمغتها وذكاءها في فهم ما يجري من حولها. وإذا ما استطاع حيوان ما فهم أن من يحادثه ويصدر هذه الأصوات ليس من فصيلته أو بني جنسه فسوف يلجأ إلى الهرب وحماية نفسه منه.  والحيوانات بشكل عام قادرة على التطوير من آلياتها الدفاعية سريعًا، الأمر الذي سيجعل الجميع يتخطى الوقوع في فخ الحديث مع الروبوت.

استخدام الذكاء الاصطناعي في كل شئ هو سلاح ذو حدين. وفي موضوعنا هنا نجد أن هذه البرامج قد تساعد فعلًا في إنقاذ الكثير من الحيوانات وتوفير سبل آمنة لبقائها في بيئتها. ولكن من ناحية أخرى، قد يستخدم البعض هذه البرامج في الأنشطة المحظورة كالصيد الجائر وتجارة الحيوانات وغيرها من الأمور التي قد تؤثر بالسلب على بيئتنا. ولذلك يتسائل الكثير من العلماء ما إذا كان السعي في بناء مثل هذه التقنيات مفيد وضروري حقًا، أم سيفتح آفاقًا غير مُجدية.