تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

هل يمكن أن نعيش على المريخ يومًا ما؟

ضحى نبيل
ضحى نبيل

7 د

الكوكب الأحمر هو أقرب جيراننا في المجموعة الشمسية، ولطالما كانت مساعينا تتجه نحوه على مدار العقود الماضية لنتحقق من كونه مناسب ليصبح الوطن المحتمل القادم للبشر أم لا، في ظل ما يحدث للأرض من استنزاف وتلوث لمواردها، لكن هل يمكن أن يتحقق هذا الحلم يومًا ما؟ أم أن العقبات أكبر من قدراتنا العلمية والتكنولوجية الحالية؟


ماذا نعرف عن المريخ؟


  • كوكب المريخ هو كوكب أرضي ويعد رابع كوكب في المجموعة الشمسية، فهو يبعد عن الشمس بنحو 228 مليون كيلومتر.
  • إن قارنا حجم المريخ بالأرض سنجد المريخ أصغر بنحو 53% أي نصف الأرض تقريبًا.
  • يطلق على المريخ اسم الكوكب الأحمر وذلك بسبب وجود مركبات الحديد على سطحه والتي نعرفها هنا بالصدأ، وتلك التي تعطي سطحه لونًا يميل للأحمر، حتى أنه عندما يظهر المريخ في سمائنا عن قرب فهو يظهر كنجمة مائلة للأحمر بوضوح.
  • طول اليوم على المريخ مقاربًا كثيرًا ليومنا على الأرض، لأن اليوم المريخي يساوي 24.6 ساعة بينما يساوي يومنا الأرضي 23.9 ساعة.
  • للمريخ قمران يدوران حوله هما فوبوس وديموس.

استكشاف البشر للكوكب الأحمر


لا عجب أننا نعرف الكثير عن كوكب المريخ فهو أكثر الكواكب المأهولة بالروبوتات الآن في المجموعة الشمسية، وذلك يجعلنا على دراية بالكثير من تفاصيل تكوينه الداخلي وسطحه وغلافه الجوي ومداره وأقماره وغيرها أكثر من أي كوكب آخر، فبينما تقرأ المقال الآن يمسح سطح المريخ مركبتان وهما كيريوسيتي (Curiosity) وبيرسيفيرينس (Perseverance)، ويدور في مداره 8 مسبارات أخرى.

بدأ البشر في إرسال المسبارات والمركبات الفضائية غير المأهولة بالبشر إلى المريخ منذ عقود، وتحديدًا من ستينيات القرن الماضي، فكانت مارينر 4 هي أول مركبة تهبط بنجاح على سطح الكوكب، أطلقتها وكالة ناسا من الأرض 28 نوفمبر 1964 لتصل بنجاح للمريخ 14 يوليو 1965، والتقطت 21 صورة لمناطق محددة من سطح الكوكب الأحمر وأرسلتها لناسا، ثم وصل بعدها لسطح المريخ مركبتا مارينر 6 و7 في عام 1969 وحصلت ناسا على مجموعة جديدة من الصور بواسطتهما.

كان الاتحاد السوفيتي خلال تلك الفترة يحاول إرسال العديد من المركبات للمريخ، لكن كانت رحلاته تنتهي بالفشل ولا تصل لسطح الكوكب الأحمر، حتى وصلت أخيرًا مركبة مارس 2 لوجهتها عام 1971 لكنها تحطمت فور هبوطها على السطح، بعدها في نفس العام أُطلقت مارس 3 والتي هبطت بنجاح على المريخ وعملت بالفعل لعدة ثوان قبل أن يفقد طاقم العمل التواصل معها وتفشل مهمتها هي الأخرى.

كانت تلك هي البداية ومن بعدها توالت على المريخ المركبات والمسبارات الفضائية التي أدت مهامها بنجاح، وأُرسلت الكثير من البيانات المهمة للأرض من أجل دراسة الكوكب دراسة متعمقة، ومن بين تلك المركبات مارينر 9 التي قضت نحو سنة على المريخ، وأرسلت خلالها للأرض 7329 صورة لأماكن مختلفة على سطح الكوكب، وكذلك مركبتا فايكينج 1 وفايكينج 2  اللتين عملتا على المريخ لسنوات عديدة أرسلتا فيها كم كبير من البيانات، والعديد من المركبات الأخرى اللاحقة.


عن ماذا يبحث العلماء هناك؟


لماذا ننفق كل تلك الأموال على استكشاف المريخ؟ فكل مهمة مريخية تتكلف ملايين ومليارات الدولارات، ذلك لأن العلماء يرون أن ظروف المريخ تشبه الأرض في العديد من النواحي، فهو كوكب أرضي ويومه مقارب ليوم الأرض، ودرجات الحرارة عليه هي الأقل قسوة من بين باقي كواكب المجموعة الشمسية -عدا الأرض- فهي تتراوح بين -153 إلى 20 درجة مئوية، وتلك المقومات قد ترجح وجود الحياة عليه في أي مكان على سطحه وهذا ما يبحث عنه العلماء.

ما يزيد من آمال العلماء في إمكانية العثور على الحياة هناك، هي أن الدراسات القائمة على سطح المريخ أثبتت أنه بالفعل كان بمثابة توأم لكوكب الأرض منذ ملايين السنين، إذ يرجح العلماء أنه منذ 3 مليارات عام كان للمريخ غلاف جوي أكثر كثافة وأكثر دفئًا وكانت المياه تغزو سطحه في صورة بحار ومحيطات، وأينما وُجد الماء وُجدت الحياة، لكن طرأ حدث ما غيّر كل ذلك وأصبح الكوكب جافًا وباردًا كما نعرفه الآن.


لماذا نفكر في احتمالية انتقالنا المريخ؟


أصبح الحال المُزري لكوكب الأرض لا يخفى على أحد، فآثار الاحتباس الحراري تبرز أمامنا بوضوح الآن والتغير المناخي أصبح حقيقة لا مفر منها، ناهيك عن استنزافنا لموارد الأرض وارتكابنا للجرائم بحق البيئة، كل هذا لن يعود علينا بالنفع أبدًا، ولذلك يرى العلماء أنه لا بد وأن يأتي علينا وقت نضطر فيه للخروج من كوكبنا الأم لنبحث عن وطن آخر لنا، وبما أن المريخ هو أقرب الكواكب من حيث الخواص بالنسبة لنا فلذلك تتعلق الآمال به كأول وطن محتمل لنا في القائمة.

حتى وإن تمكنّا من إنقاذ مستقبل الأرض، فإن اتخاذنا من المريخ موطن احتياطي لنا قد يساعدنا في الكثير من النواحي، فأعدادنا تزيد يومًا بعد يوم بمعدل غير مسبوق، وقد يأتي يوم لا تتسع لنا الأرض فيه، وإن نجحت فكرة العيش على المريخ قد يكون هو أرضنا الثانية، فهو قريب نسبيًا بالنسبة لكوكبنا، فمركبة بيرسيفيرنس التي أُطلقت بواسطة وكالة ناسا عام 2020 وصلت للمريخ في 6 أشهر و3 أسابيع وهي تعد مدة زمنية قصيرة بالنسبة لمسافات الكون الشاسعة.


عقبات الحياة على المريخ


على الرغم من أنه يشبه الأرض كثيرًا إلا أن عملية الانتقال للعيش عليه لن تكون سهلة بالمرة لأنه توجد العديد من المشكلات، أولها أن كوكب المريخ له غلاف رقيق يتكون أساسًا من غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل لـ 95% مقارنةً بـ 0.03% لتلك الموجودة في غلافنا الجوي، وذلك يجعل منه هواء يستحيل تنفسه. 

نقص الجاذبية هو إحدى العقبات القوية أيضًا، فالجاذبية على سطح المريخ هي 38% فقط من جاذبية الأرض، فإن كنت تزن 100 كيلو هنا على الأرض فستزن على المريخ 38 كيلو فقط، وهذا النقص الحاد في الجاذبية يؤثر على أجهزة جسمنا التي تكيفت على البيئة المحيطة بها في الأرض، فمع الوقت الذي تقضيه في الحياة على المريخ حيث الجاذبية المنخفضة سيرى مخك أنك لا تحتاج لتلك العظام أو العضلات القوية بعد الآن، ولذلك ستبدأ كتل العظام بالانخفاض وكذلك كتل العضلات، وبالتالي يبذل قلبك جهدًا أقل في ضخ الدم ويبدأ في الضعف هو الآخر.

المريخ لا يملك مجالًا مغناطيسيًا، فيبدو أنه كان يملك واحدًا منذ مليارات السنين كالذي تملكه الأرض ولكن فقده لسبب غير معروف حتى الآن، ووجود المجال المغناطيسي يحمي سكان الكوكب من مخاطر التعرض للإشعاعات الكهرومغناطيسية القادمة من الشمس، فمجالنا المغناطيسي هو بمثابة حائط صخري يصل سمكه ل 30 مترًا، وعدم وجود هذا المجال المغناطيسي على المريخ يعرض كل من على الكوكب لكميات مهولة من الإشعاعات الخطرة والقادرة على قتل كل من يواجهها في الحال.


هل يمكن أن نتغلب على تلك العقبات؟


العلماء ملمون بالطبع بكل تلك العقبات، ولذلك فهم يحاولون البحث عن أفضل الطرق لمعالجتها وتخطيها من أجل نجاح تجربة الحياة على المريخ، فبناء درع كهرومغناطيسي هو أحد الحلول المقترحة، عن طريق استخدام مواد كهرومغناطيسية فائقة التوصيل لتعمل كأنها مجال مغناطيسي يحيط بمكان تواجد البشر ويفصلهم عن السماء، وبالتالي منع الإشعاعات الضارة من الوصول إليهم، لكن مشكلة هذا الدرع أنه يحتاج لقدر كبير من الطاقة حتى يعمل والرحلات الأولى للمريخ لن يكن بوسعها إنتاج الطاقة بذلك الكم المطلوب، لكن من يعلم قد نستطيع بواسطة التكنولوجيا للوصول لها يومًا ما.

إن تمكننا من حل مشكلة الإشعاعات، سنحتاج لغلاف جوي كثيف وقابل للتنفس، وفكر العلماء أيضًا في حل لتلك العقبة، فإن تمكننا من زراعة النباتات بطريقة أو أخرى على سطح المريخ قد يساعد ذلك في إنتاج الأكسجين ولو بكميات قليلة، أضف على ذلك أنه نجحت بالفعل إحدى تجارب إنتاج الأكسجين على سطح المريخ عن طريق جهاز MOXIE المُحمل على مركبة بيرسيفيرنس الموجودة على المريخ حاليًا، وهو جهاز يعمل على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود بوفرة على المريخ وفصله إلى الأكسجين القابل للتنفس وأول أكسيد الكربون وهذا يعد تقدمًا كبيرًا ومبشرًا.


إذاً هل يمكننا أن نعيش على المريخ يومًا ما؟

ذو صلة

لم لا، فنحن لم نتخيل أن نصل يومًا إلى القمر ونجحنا في ذلك، ولم نتخيل أنه يمكن أن نصنع مركبة فضائية تظل تسبح في الفضاء لعشرات السنوات حتى تخرج عن مجموعتنا الشمسية وتعمل بكفاءة عالية ونجحنا في ذلك أيضًا، فلا أتصور أنه يصعب علينا بناء مجتمعات عمرانية بسيطة في المريخ في أي وقت من المستقبل القريب، فالعلم يتقدم بسرعة وتفكيرنا يتقدم معه وقد نجد أنفسنا أحد سكان المريخ بالفعل يوما ما!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة