فجر الطويري
فجر الطويري

د

عن مواقع التواصل الإجتماعي

إن رغبة الإنسان في التواصل جعلته يفعل المستحيل لأجل ذلك. فمنذ ما قبل الميلاد وقبل اختراع الكتابة، كان الناس يتواصلون بالدخان نتيجة إشعال النار أو بالأصوات، وبعد اختراع الكتابة بالنقش على الحجارة، بالإضافة إلى صناعة ورق البردي..

أما ما بعد الميلاد أخترع أول مطبعة خشبيه ولكن لم يتطور الامر كثيرا ففي بعض الأحيان كانوا يستخدمون الحمام الزاجل، بعدها ظهر التلغراف بصورته الأولى في عام 1792 وكان يعتمد على الإشارات البصريّة بين محطاتٍ ثابتة وكان على مستقبل الرسالة في كلّ محطة إعادة تشكيل الرموز وإرسالها إلى المحطّة التالية، وفي القرن التاسع عشر تمّ استخدام الكهرباء لأوّل مرة في خطوط التلغراف بعد ابتكار شفرة مورس التي تعتمد على النّبضات الكهربائيّة لنقل معلوماتٍ محدّدة.

وفي عام 1876 تم اختراع الهاتف من قِبل العالم جراهام بل وقد حصل على براءة اختراع بعد ان تمكن من إرسال صوت بشري بتأثير الذبذبات المغناطيسية، بعدها حدث ثورة اتصالات في القرنين العشرين والواحد والعشرين عندها تم تطوير الانترنت ،وغيرها من الإنجازات في مجال الاتصالات من هذا نستنتج ان البشرية فعلت الكثير لتطوير طرق التواصل، وهذا التطوير مازال مستمرا الى يومنا هذا واليوم لدينا مواقع التواصل الاجتماعي.

ان مواقع التواصل الاجتماعي أنشئت للتواصل بين المستخدمين بسهولة وبسرعة وبتوفير للوقت ،فهي تمتاز بهذا بخلاف الحمام الزاجل مثلا او التلغراف لكن معظم الناس تعدى مرحلة استخدامها للتواصل بل أصبح لديه ادمان عليها مما جعله يرمي بصحته ووقته الى الهلاك.


مراحل تطور التواصل

ما هو سبب هذا الإدمان؟

عندما يرى الشخص تفاعل الناس مع ما ينشره على هذه المواقع يفرز الدماغ هرمون السعادة ،ليس هذا فقط بل الانسان بطبعه فضولي يريد معرفة ما يحصل من حوله فعندما ينشر الناس اخبار وأحدث الموضات وما الى ذلك يشعر بارتياح لمعرفته بالجديد ،كما ان بنظري ان أحد أسباب الإدمان هو الشعور الجيد الذي ينتاب الشخص عندما يضع الناس له اعجاب وتعليقات على منشوراته ذلك يجعله يفكر كم هو مهم وانه قد قام بإنجاز عظيم.

كدت أنسى نقطة مهمه جدا وهي الحيل النفسية التي تعتمد عليها المواقع مثل Facebook ،Instagram وغيرها من المواقع للسيطرة على عقول المستخدمين منها استراتيجية تنبيه-فعل-مكافأة وهي حيلة تم انشاءها لجعل المستخدمين يبقون مدة أطول على هذه المواقع مما يعود على الشركات بالفائدة المالية ،ففي البداية يكون هنالك التنبيه لجذب الانتباه، ومن ثمَّ يتم الرد على هذا التنبيه من خلال فعل معين، وفي النهاية تُقدَّم مكافأة تتناسب مع هذا الفعل، بعد تكرار هذه الحلقة لفترة معينة يصبح هذا الفعل إدماني.

ما هي أضرار مواقع التواصل الاجتماعي؟

أولاً: هذه البرامج تعتمد على (الشكليات) أساس العلاقات والصداقات في هذه المواقع ما الذي تلبسه؟ ما الذي تأكله؟ ما الذي تفعله؟ باختصار ضعف العلاقات الاجتماعية.

ثانياً: قلة الإنتاجية في العمل او الدراسة، هناك الكثير من أصحاب الاعمال من كثرة ادمانهم بهذه المواقع يستخدمونها حتى في أوقات عملهم مما يسبب تشتتهم ،وذلك يؤدي الى سوء جودة العمل بشكل كبير اما بالنسبة للطلاب فمعظمهم يتعلق بالمشاهير والفنانين، فيتأثروا بهم ويتركوا الدراسة ويلتفتوا الى كسب المال من الشهرة على هذه المواقع بالرقص او بالغناء ويهدم مستقبلهم، لكن بعكس المثقفون المتعلمون الذين يشتهرون بعلومهم التي درسوها وامضوا مده طويله يدرسون ويتثقفون ويبحثون ويكتبون ويتعلمون ،هذه الفئة من المجتمع هي الأنجح وهي من تستحق الشهرة لا غيرهم.

ثالثاً: التأثير على الصحة السمنة وضعف النظر وارتفاع ضغط الدم وخلل في وظائف الدماغ والكثير أيضا.

رابعاً: تفكك الاسرة والطلاق، وهذا غالبا يكون ناجما عن المقارنة هل رأيتِ فلانه في فيسبوك انها طباخة أحسن منك، او هل رأيت فلان في سناب شات غني لديه شركة كبيره وضعها باسم زوجته ،فيحتد النقاش بينهم حتى يصل الى الطلاق اما بالنسبة للأبناء فيضيعون ما بين اب وام.

خامساً: قلة التركيز الناجم عن قلة النوم والاجهاد، يقوم الجميع بتصفح وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم مباشرة ،وقد أشار الباحثون إلى أن الضوء الناتج عن الهواتف الذكية يؤثر على إنتاج هرمون الميلاتونين وهو الهرمون المسؤول عن النوم.

سادساً: الاكتئاب ،وغالبا يكون المراهقون أكثر عرضه لذلك حيث يميلون الى العنف والعدوانية وتتغير الحالة النفسية والحالة المزاجية.

كيف الوقاية من خطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي؟

اولاً: استخدامها بشكل يعود بالفائدة علينا خاصة في الدراسة والتعلم ،فالعلم والثقافة ضروري جدا في الحياة فالعلم فيه الرفعة والتقدم.

ثانياً: لا تضيع وقتك .هناك برامج متطورة تقوم بفتح البرنامج لك لوقت مخصص ثم تقوم بإغلاقه كي لا تتمكن من فتحه. يمكنك استخدامها لقفل التيك توك مثلا ولا تستخدمه الا نصف ساعة في اليوم فقط.

ثالثاً: قم بإغلاق الاشعارات لكيلا تشتتك ابدا .

رابعاً: قم باستغلال وقت فراغك في القراءة او الكتابة او الرسم او غيرها المهم ان تمارس هواياتك.

في الختام ومع تعدد مواقع التواصل الاجتماعي واستخداماتها أصبح الاستغناء عنها شبه مستحيل. لكن هذا لا يعني ان نصبح مدمنين عليها، ولا يعني ان ندعها تؤثر سلبا علينا. بل يجب علينا ان نتحلى بالوعي والحصول على الفائدة والمتعة المرجوة منها.