ياسمين غُبارة
ياسمين غُبارة

د

متى تستقر تلك الشخصية بداخلنا؟!

متى تتكون شخصيتنا؟ متى تستقر طِباعَنا؟ متى يحدث ذلك الإتساق بداخلنا فيتطابق كل شيء سوياً وتتوقف الصورة عن الاهتزاز؟! يقول علم النفس أن ذلك الاهتزاز فى الشخصية يتوقف بعد الثلاثين وأن بعد عمر الثلاثين تتشكل شخصيتك بشكل كامل ويكون حتى من الصعب أن تغير شيئًا فيها، إذا أردت، فمن الناحية العلمية سن الثلاثين هو السن الذي يصبح فيه الانسان أكثر انسجامًا وفهمًا لنفسه وتقبلاً لها، ولكني كثيرًا ما أرى ثلاثينات العمر ما زالت مضطربة، فهل حقا يمكن أن يتوقف تكوُّن الشخصية عند عمر ما؟!

ألا تتكون شخصياتنا بتلك الأحداث التى نمر بها، بتلك الصدمات والاكتشافات التى نكتشفها طوال الوقت، من ذلك التفاعل الدائم بين نفوسنا و ما ومن حولها؟!
وماذا عن الطفولة ؟.. فدائمًا ما كانت سنين الطفوله تُحيرني وتُخيفني أيضاً. فماذا إذا كانت هذه السنين مُهترئة ومُذَبذبة فهل سنظل أسرى لها؟ أم من الممكن ان تتكون شخصياتنا بشكل مختلف عن ذلك الأساس المُهترىْ. كم هي مرعبة فكرة أن تتحكم فى حياتك سنين لا يد لك فيها! فحياتنا قبل تكليف الاختيار، ونحن أطفال، ملك لمجتمعنا وأهالينا وبعض نظريات علم النفس الأخرى تشير إلى أن تجارب الطفولة تُلقي بظلالها على مستقبل وشخصية الانسان عندما يكبُر وأن نوع شخصية الانسان هو قائم وثابت منذ سنينه الأولى وحتى كل مراحله العمرية.

إذًا فيبدو أن الشخصيه هي كاللوحة التي تُرسم منذ البداية وتكتمل تقريباً عند سن الثلاثين، ولكن فهمنا المُتأخر أو المنعدم لها هو ما يجعلنا نعاني من عدم الارتياح ويجعلنا نضطرب ونتذبذب أمام اختيارات الحياة المختلفة.

هل نأمل فى تضامن صور مشاعرنا العديده المتناقضة لتصبح شخصاً واحد؟ هل الراحة في مزيد من الوعي، أم في الاستسلام لعدم القدرة على إدراك وتحليل وفهم كل ما حولنا وداخلنا؟ كم هي قصيرة ومديدة هذه الاعمار وكم هو محير هذا الانسان! وإن كنت أبحث عن بصيص من النور فى كل تلك الأفكار، فيبقى أملي فى الفطره الأولى، فى ذلك التكوين السليم الذى خُلِقنا عليه. فطرة نستطيع أن نعود إليها دومًا، وهي أقوى وأصدق وأكثر ثباتًا من أى شخصية في أي عمر.