ميرهام محمود
ميرهام محمود

د

هل التظاهر بما ليس فيك يجعل منك شخصًا أفضل؟

سؤال ربما تبدو أجابته للوهلة الأولى لا.. ولكن هل تلك هي الاجابة الحقيقية؟ أم الأكثر أخلاقية؟ في كثير من الأحيان نشعر بالاختلاف عمن حولنا، وربما هم ينبوذننا جراء ذلك.

أي مجتمع نكون جزءًا منه بأي نشاط نمارسه نجد أن للقوة الجمعية به تأثيرًا علينا، بل وأننا مطالبون أن نتحور لنصبح قطعة من الصورة الكبيرة (Peer pressure). ولا نجد لأنفسنا مساحة من التقبل حتى نتصرف على طبيعتنا، فهل نستطيع أن نحيا طوال الوقت بهذا القناع الذي يخفي وجهنا الحقيقي حتي لا نتعرض للانتقاد؟!

فتجدنا نضيع الكثير من الوقت في جلسات لا نريد أن نكن موجودين بها حتى لا يتهمنا أحدهم بالانعزالية أو الانطواء، أو أن نذهب الي أماكن غير تلك التي كنا نرغب بالتواجد بها في لحظة ما فقط من أجل إثبات قدرتنا على المجاملة وأن نكون لطفاء.

لا، بل إن اللطف الحقيقي هو أن اترك كل شخص ليكن على طبيعته بأريحية وبلا انتقاد.

وربما الذنب الكبير في كثرة الزيف الذي نعيشه هو بسبب:

  • الأشخاص دائمي الانتقاد للأخرين، والذين لا يستطيعون تقبل الاختلاف فتجدهم دائمًا يدفعونك دفعًا لتصبح نسخة عنهم ولتندمج بينهم.
  • (وأنا ألتمس بعض العذر لهؤلاء) وهم الأشخاص الذين يخضعون لذلك الضغط بطريقة غير مباشرة، فمثلًا أنا يجب عليَّ أن أقرأ ذلك الكتاب حتي أصبح مثقفًا وأستطيع الإنضمام إلى هؤلاء الأشخاص، فمن وضع تلك القاعدة؟؟!

لماذا لا أستطيع فقط أن اقرأ ما أحبه ويعجبني وأراه مفيدًا لي دون ضغط من أجل أن أظهر بمظهر المثقفة في أعينكم؟؟!

هل من الضروري حتي يطلق عليّ شخصًا مثقفًا أن أكون قد شاهدت أفلامًا أو قرأت كتبًا معينة بالضرورة؟ أو ربما لذلك علاقة بالعدد؟

وكأننا لا نقرأ أو نشاهد الفن للإستمتاع به والاستفادة منه، لا بل نحن في مسابقة حول من حصد أكبر عدد رصيد من المشاهدات أو القراءات!

أنني بالحقيقة أعرف أشخاصًا يفعلون ذلك، فتجدهم يهرولون مسرعين لقراءة كتاب ما، أو مشاهدة فيلمًا بعينه حتى يستطيعون التباهي بذلك فيما بعد أمام من يعرفون أو من لا يعرفون تلك الأعمال… فلا يمكن لشخص مثقف مثله ألا يكون قد شاهد العمل الفلاني حتى الأن!!! يا إلهي أنها كارثة!!

فهل من الأفضل أن أستمع إلى موسيقى تعجبني فعلًا؟ أم لأنها عظيمة وذات شأن وأنني عندما أستمع إليها فإنها تدل بالضرورة على ذوقي الرفيع؟

أنا أعتقد أننا نعيش في مجتمع به درجة كبيرة من التناقض يُمارسه الكثيرين، بين ما يجب أن أكون عليه وما أريده أنا فعلًا…

في رأيي إن الحياة أقصر بكثير من أن تضيعها في محاولة إثبات أي شيء لأي كان، فافعل ما يجعلك سعيدًا طالما أنك لم تضر غيرك.