ياسمين أبو سرحان
ياسمين أبو سرحان

د

هل نملك الوقت؟

السنة اثنا عشر شهرًا، الشهر إحدى وثلاثون يومًا، اليوم أربعة وعشرين ساعة، الساعة ستون دقيقة، الدقيقة ستون ثانية، الثانية لا تهم!
السؤال هنا.. هل نملك الوقت؟ نعم نحن نملك الوقت، كل الوقت وقت للدراسة، للعمل، للأكل وللتنظيف، وقت آخر لمشاهدة التلفاز، وقت للحب وللنوم، وقت للأصدقاء والعائلة، للبكاء من الفرح، لقراءة رواية في وقت متأخر من الليل وقت للرياضة، للهاتف النقال الذي حولنا إلى آلة، للتفكير في هذه الحياة البائسة.
للحزن!
الحزن.. نعم نحن لا نملك وقت للحزن ولا نملك وقتًا للبكاء من فرط الحنين في الليل لأشياء لم يقدر لها أن تكون لنا؛ لأن علينا أن نستيقظ مبكرًا في اليوم التالي للدراسة والعمل وللهاتف النقال والتلفاز و و و…

للفشل؟ نعم نفشل ولكن لا نملك الوقت للحزن على فشلنا، لا! يجب أن ننهض ونحاول من جديد كيلا نخسر الوقت. الحزن على الأموات؟ لا، لا! الأموات يحتاجون منا الدعاء لا يحتاجون البكاء! ولكننا لا نبكي الأموات، نحن نبكي على حالنا بعدهم، نبكي على جهدنا الضائع وساعات النوم القليلة التي حصلنا عليها لننجح ولكن النتيجة كانت مخيبة للآمال، لأحلامنا التي رسمناها على مقابلة عمل ما، نبكي على دعواتنا التي نكررها مرارًا وتكرارًا ولا تتحقق، نبكي لرغبتنا بالشعور بالحزن ولكننا لا نملك الوقت للبكاء كما يجب، نحن نحزن ولكن يجب أن ينقضي حزننا سريعًا، لأننا حتى لو أردنا الحزن على موضوع ما و أخذ وقت طويل للبكاء والنواح عليه، فسنتفاجئ بأحزان كانت مخبئة، مرض عزيز، مسابقة خسرناها، أقساط متراكمة، كلها ستتسابق لنبكي عليها هي أيضا فلا يعد لدينا القدرة ولا الوقت الكافي للحزن على جميع الأشياء كما يجب.
لحظة!

لا تفهموني بشكل خاطئ أرجوكم، أنا لا أريد أن أحزن!
لو كان لدي أمنية واحدة اختارها لتتحقق كنت سأختار أن أظل سعيدة، ولكن بما أنه لا يوجد مصباح علاء الدين لأفركه ومن ثم أمنياتي تتحقق، سأطلب العدالة، أي أن يكون وقت خاص للحزن كما يوجد أوقات أخرى لأشياء أخرى.

أي إذا فشلت بإختبار ما لا أريد أن أسمع كلمات مثل: لا تحزني ولكن ركزي على الإختبار القادم أو ماذا يفيد البكاء الآن؟ حسنا سأدرس للإختبار القادم ولكن الآن أريد أن أبكي على هذا الإختبار بالذات وعلى صديق لم يحفظ العهد، على حياتنا المثيرة للشفقة على كل خيبة أمل، على كل لحظة شعرنا بها بالضعف، على أوطاننا الممزقة، نحتاج أن نعترف على الأقل لأنفسنا بضعفنا أو أن هذا الموضوع يهمنا ولو قليل.
لأننا نحتاج أن نعطي كل شيء وقته لنمضي قدمًا، وليس حبًا بالحزن، صدقوني!