سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

نسخ باهتة

عدم وجود رأي شخصي يمثلنا من مساوئ إنفتاح العالم على بعضه البعض والتي ظهرت علينا بإختلاف سبب ظهورها، فمنا من يرى أن ما هو مقبل على تقليده ملائم ومناسب للموقف وأن هذا هو التصرف الصحيح، ومن ناحية أخرى هناك من يقلد على سبيل التقليد بدون أية أسباب أخرى على سبيل تجربة ما فعله المشاهير أو حبهم بدون أي سبب منطقي. وأخيراً هناك التقليد حتى لا نخالف سياسة القطيع.

أن تقلد حتى لا تكون أنت الوحيد المختلف في الدائرة، بالرغم من معرفتنا في معظم الأوقات لما هو صواب وما هو خطأ، فقط لا نقدر على الخروج على المألوف، فإذا إتفقت الجماعة على شيء من أكون أنا لأخالفه أو لأكون على صواب أمام كل هؤلاء؟

أصبح العالم قرية صغيرة كما يقولون وأصبحنا نعرف بحدوث أي شيء بعد حدوثه بدقائق، وأصبحنا كذلك مطالبين بتكوين رأي والدفاع عن هذا الرأي والتصرف على أساسه. قديماً كان الناس لا يشغلون بالهم بما يحدث خارج بيوتهم والسبب كان عدم الجهل وقلة المعرفة، أما الآن وبعد كل ما أصبح متاح أمامنا من مصادر ومعلومات، ومنصات تمكننا من التواصل مع أي شخص بأي مكان تغير الوضع كلياً، وأصبحنا نطالب الآخرين بأخذ موقف وتحديد رأي في كل ما يحدث من حولنا وإلا إتهمنا بعضنا البعض بمجموعة جاهزة من التهم المعدة مسبقاً لكل موقف ورأي على حدا. ببساطة ما يراه الآخرون أنه لم يعد بإمكانك أن تكتفي بالحديث عن ما يشغلك فقط أو تهتم بأمورك الخاصة ولكن عليك أن تأخذ الجانب الذي يراه كل منهم عين الصواب.

بغض النظر عن موقف الشخص من القضية، وما قد يتعرض له من ضغوط بسبب إبداء هذا الرأي. والقصد هنا ليس النفاق أو المداهنة للعيش بسلام، ولكن ببساطة لا يمكننا أن نطلب من الآخرين أن يحيوا وفقاً لما نقرره لهم، ووفقاً لما نراه نحن ملائم بالرغم من جهلنا التام بكل ما يدور في حيواتهم الخاصة وآثر أفعالهم التي لن نكون جزء منها بأي شكل.

أصبحنا جميعاً نتصرف خوفاً من المجتمع ومما سيقوله الآخرون عما نفعله الآن أو لاحقاً. أصبحنا نتصرف وفقاً لأهواء الآخرين وليس وفقاً لمبادئنا حتى لا نتعرض للوصم أو تبرير ما لا يجب تبريره حتى نحصل على القبول من أشخاص لا يعلم أي منا بشأن الآخر ونتجاهل ما هو موجود بالفعل لنصبح نسخ باهتة كبلد العميان