نجوى الكناني
نجوى الكناني

د

أضواء خضراء.. مذكرات ماثيو ماكونهي

صدر مؤخراً لنجم هوليوود الممثل الشهير ماثيو ماكونهي كتاب “أضواء خضراء”، يحوي الكتاب مذكراته عن كل ما مر به في حياته من تجارب ونجاحات واخفاقات، عن محاولاته بأن يكون شخصاً جيداً، عن سعيه للحصول على ما يريد، وعن رغبته في أن يكون على طبيعته وسجيته بلا أقنعة ولا زيف.

يقول ماكونهي في أحد لقاءاته أن كتابه ليس كتاب نصائح ولا إرشادات هو عبارة عن رسالة حب للحياة، أراد وهو في عمر الخمسين أن يقدمها للناس، تحمل بصمته الخاصة ورؤيته. أنا شخصياً في هذه الفترة تحديداً أميل لهذا النوع من الكتب، الكتب التي تقدم رسائل غير مباشرة عبر سرد مجموعة  تجارب وحكايات ومواقف من واقع الحياة وربما أفكار وتأملات ذاتية، نلتقي فيها ونشعر برابط المشاركة الإنسانية مع كاتبها.

“أضواء خضراء” هو ثمرة كتابات ماكونهي لليوميات التي داوم على تسجيلها منذ الخامسة عشر من عمره، والتي كان يجمعها في صندوق خاص رافقه ما يقارب ستة وثلاثون سنة. عندما قرر ماثيو البدء في الكتابة بحث عن مكان معزول، قضى فيه اثنين وخمسين يوماً بمفرده وبدون كهرباء أو أي وسيلة  تواصل، أخذ يقلب في مذكراته الشخصية وكتاباته متفاعلاً معها بكل مشاعره  كان يبكي ويضحك كأنه يعيشها مجدداً. معظمها كان حاضراً في أوراقه وفي ذاكرته أيضاً، طفولته العنيفة حسب وصفه، مغامراته العاطفية  وحياته الروحانية العميقة.

لطالما دعوت وشجعت على كتابة اليوميات، فهي وسيلة لمعرفة الذات وفهمها، إنها ليست مجرد حفظ للذكريات بل هي أهم وأعمق من ذلك.

مذكرات ماثيو ماكونهي في “أضواء خضراء” حوت قصصاً من الماضي برغم أنه لا يهتم بالحنين إليه وليس لديه عاطفة تجاهه. كان هناك قصصاً وأشخاصاً وأماكن وقصائد وصلوات والكثير من الملصقات التي احتفظ بها في ذلك الصندوق.

تحدث عن وفاة والده، والأثر الذي تركه ذلك الفقد في حياته، واصفاً شعوره بقوله “لقد فقدت عكازي وشبكة نجاتي”. ذلك السند الذي اعتمد عليه طيلة حياته، النموذج الأبوي الذي كان يتخطى بالنسبة له القانون والدولة. لقد جعله الفقد يخرج من ثمالته ويدخل عالم الرجولة، لقد أصيب بمعاناة وجودية هائلة.

خلال متابعتي لأفلام ماثيو ماكونهي لفت انتباهي تحوله  في اختيار أدواره، من الأدوار الرومانسية الناجحة، إلى أدوار إنسانية أكثر تعقيداً. وخلال جولتي في اليوتيوب تعرفت بالصدفة على ماثيو ماكونهي صاحب الخطاب التحفيزي الملهم، بصوته المميز ولكنته الأمريكية الريفية الجذابة، هذا التحول في الشخصية لا يتم عبثاً أو صدفةً، إنه نتاج مراحل من التجربة والتفكير والبحث عن المعنى. لذا لم يكن مستغرباً بالنسبة لي أن يصدر ماكونهي كتاباً كهذا.

فلسفة ماثيو في الحياة اليوم: “كل ما عليك فعله هو أن تواصل الحياة فقط “. علينا التوقف عن تولي إدارة كل شيء فالكون يسير وفق نظام ثابت يقودنا معه. إن تقبل الأشياء هو أول خطوات النجاح وتحقيق أهدافك التي ما أن تضعها في حسبانك حتى تبدأ في السير نحوك. اعتمد على حدسك فهو صوت الله الذي يلهمك.

هذا الكتاب لم يترجم بعد، اتمنى من دور النشر المبادرة بترجمته في أقرب وقت.