سمانا السامرائي
سمانا السامرائي

د

في تقدير فن حمود الخضر

كنتُ أحضر حفل للفنان حمود الخضر المقام عن بعد بالتعاون مع المجمع الثقافي في أبو ظبي، ثم قررت!… علي أن أكتب، أكتب عن سبب استماعي لما يقدمه هذا الفنان من أغانٍ وعلى مدى ست سنوات، وماذا تعني تلك الأغاني، وهذا المقال سيكون تقديراً للفن الذي يقدمه حمود الخضر وكل الفريق الذين يقف خلف الكواليس… لأن ليس علينا الانتظار حتى يعتزلوا الفن لنكرم ونقدر ما قدموه.

مقدمة يمكنك اجتيازها: أنا كاتبة، محررة، مدربة في مجال الكتابة الإبداعي والمسرح، عاملة في المجالات الإعلامية، مهندسة، وحالياً طالبة في قسم الصحافة، ويمكنك عدي حارقة مراحل إذ إنني بدأت منذ سن صغيرة، وغير ما ذكرته تعلمت أكاديمياً الكثير من الاختصاصات الأخرى وعملت بها، وتقريباً نجحت فيها جميعاً إلى حد ما “هذا ما يعرفه الناس عني”

قبل سبع أو ثمان سنوات كنت فتاة مشرقة مقبلة على الحياة حتى تداعت حياتي وكل بصيص أمل كنتُ أستند عليه في حياتي الصعبة أساساً، توالت الصعاب، أكبر فأكبر، دون مجال للاستراحة وأخذ النفس، اعتلت صحتي النفسية، لم أكن راغبة بالحزن أو الموت رغم انغماسي حتى أعلى رأسي بهما، أنا شخص طموح ومتفائل، وكنت أواصل طريقي لتحقيق مساعيّ.

وهنا يبدأ كلامنا المهم الذي ستقرأه: كانت اللحظة التي استمعت إلى “كن أنت” بشكل غير مقصود مهمة بالنسبة لي وأتذكر بوضوح كيف وصلت عن طريق مقطع لجنود ماليزيين أو أندنوسيين يأدونها، ثم استمعت إلى ألبوم “أصير أحسن” كاملاً، ثم كل أغنية أصدرها الفنان حمود الخضر من بداياته وحتى الآن.

  • لقد كانت تشبهني

كانت الكلمات على مقاسي، تشبه المرحلة الحالية التي أمر بها، تشبه شخصيتي، تخاطبني، وكنت في كثير من الأحيان أرد على الأسئلة، وأعلق بعبارات خاصة حتى أضحت الأغاني في أحيان كثيرة صديقتي الوحيدة، لم أشعر إني غريبة ومنبوذة وغير مفهومة حين كنت استمع لتلك الكلمات… والغريب في الأمر وبعد كل تلك المدة ما زالت تشبهني رغم إني إلى حد ما على الجانب الآخر من الطيف الآن.

في فترة الحجر المنزلي لجائحة كورونا كان ألبوم “ماذا بعد؟” هدية سماوية… بالنسبة لي على الأقل، فقد قطعتُ تلك المدة دون توقفات كبيرة تذكر وواصلت بجد وأنا أستمع لـ “دندن معي” و”سلامي”.

  • الصوت المربت

الطريقة التي يغني بها الفنان حمود الخضر كانت وما زالت تشبه صوت ضمير الأحلام والأهداف (لو كان لهما ضمير أعني)، إنه نوع الضمير الذي تريد أن تشتريه بأموال الدنيا ليكون في داخلك، وهو يغفو ويبهت سريعاً وكثيراً حتى لو امتلكته من الأساس، الصوت يظهر الكلمات ويمنحها حقها.

  • رفيقة الحياة

كل تلك الأغاني رافقتني للسنوات الستة أو الخمسة الماضية، ما زلت أذكر حين كنت ألتفت حولي فلا أجد أحد، كنتُ أدخل لأي مكان فارغ وأغلق الباب، أسند ظهري عليه لضعف ساقاي على حملي، وأستمع لـ “أصير أحسن”، حينها كانت دموعي تنهمر، وأرتجف بشدة، عملية الـ”أصير أحسن” كانت مؤلمة، ولكن الكلمات ذكرتني دائماً بأني سأكون أحسن، يمكنني أن أكون أحسن، إنها مجرد سماء ملبدة بغيوم ويعلوها النجوم، أحياناً بدت لي الكلمات سخيفة، لكني تمسكت بها بكل قوتي، واصلت، وسعيدة إني فعلت، الآن أستطيع الاستماع لها وأنا أبتسم حتى النواجذ، وأجد كل كلماتها حقيقة، إنها قصتي الآن.

  • الأفضل للاستماع

إن كنتَ في السيارة، تدير مبادرات، في حفل تخرج، تطلق مشروعاً، تريد أن تبدأ يومك، مسافراً، في مساءٍ ما مع العائلة، هل هناك أفضل من هذه المجموعة المنوعة من الأغاني معنى ولحناً؟

لعل ما نفقده في هذه المجموعة هو الأغنية التي تناسب المساء.

  • إنها معاصرة ومنوعة

ليست قديمة، ليست مملة، إنها سباقة ومبتكرة، تجد الألحان بأنواعها الهادئ والصاخب، وبنسق متباينة، إنها موسيقى حية وملونة.

  • إنها موسيقى الحياة

أنت لا تشعر بمركزية الفنان (وهو أمر وإن حصل ليس بخاطئ بالمناسبة) بل بمركزية الرسالة والعملية الإبداعية التي ساهمت بتقديم تلك الرسالة، لذلك أنت ترتبط مع الفن وليس مع الأشخاص، مما يجعلها قابلة لأن تكون رفيقة لأيامك على اختلاف الأيام، ويجعلك لا تمل منها حتى بعد الاستماع الألف بعد المليون، إنه فن ولد ليبقى دون أن تؤثر عليه سيرة أحد القائمين عليه بل حتى وإن تخلخلت صورة أحدهم لن يتأثر، فهو قائم بذاته.

  • نقطة معترضة لم يكن مخططاً لها

الفنان حمود الخضر لا بد إنه يبذل جهداً كبيراً للحفاظ على صورته الفنية في عصر الانفتاح الاتصالي، كما إنه يبذل جهداً لكي لا تتضخم ذاته كثيراً وهو أمر عسير للقيام به إذ إن كل شيء في أيامنا قائم على الذات ويدور في فلكها، ولا بد إنه كشخص يمر بصعوبات ورغبته لمساندة الآخرين عن طريق أغانيه أمر عظيم، لذا دعونا نقف ونقدر هذا الأمر.

إن لم تكن قد استمعت بعد لشيء من أغاني هذا الفنان فيمكنني أن أرشح لك بعضاً منها

فكرة“، “خله“، “أصير أحسن“، “مثل كل يوم“، وكل شيء آخر لم أذكره، أتمنى لك استماعاً طيباً.

لا أعلم كيف أنهي هذه المقالة، إنها المرة الأولى لي في الكتابة عن فنان، وهذا الفنان حي ويتحدث باللغة العربية، إن مر على هذه المقالة مصادفة لا بد إنه سيشعر بنوع من عدم الارتياح، الارتباك، أو الثقل، إن كنتم تفهمون ما أعنيه، فعلى عكس ما هو متوقع، ليس من السهولة أن يتقبل المرء تعليقات مثل (ما تقدمه من أعمال غير حياتي)، (بفضلك أصبحتُ سوبرمان)، تخيلوا الشخص الذي يسمع التعليق وهو لا يعرفك بتاتاً، كم سيشعر بالفزع!

على العموم هذه هي تحيتي الصادقة للفن الذي يقدمه الفنان حمود الخضر، والتي حاولت جعلها خفيفة وبسيطة.

ربما في وقت لاحق سأكتب مقالاً أنيقاً وأدبياً وقد يسبقني لذلك كثر، حتى ذلك الحين استمع لحمود الخضر.

أحاول أعلاه تقليد نهايات مقاطع الأغاني، هل لاحظتم؟

2:31ص

2021/2/14 الأحد

سمانا السامرائي