نادين عبد الحميد
نادين عبد الحميد

د

من الألم والتجربة: كيف تتعلم من دروس الحياة؟

منذ عدة أيام أُصبت بتدهور صحي بسيط إذا ما تم وصفه طبقًا لشدة أعراضه، ولكنه كان عظيم التأثير في نفسي حيث غرقت في أفكاري حول ضعف الإنسان الواضح أمام عيني رغم قوته التي يدعيها على الدوام، كنت أعاني من فقدان أشياء لم أعي بأهمية وجودها إلا حينما اعتلت وتعطلت، تألمت لضعفي وأصابني الخوف لأنني لم أكن أريد ان أواجه عجزي وجهًا لوجه ولم أكن أحمل ما يكفي من الشجاعة حتى أتعلم درسًا عنوانه الصبر حتى يمر كل شيء وأتعافى من جديد، حتى أدركت أخيرًا معنى الحكمة وراء حدوث الأشياء التي لم تحدث لكي أتالم او أعاني وإنما لكي أدرك قيمة شي ما يُدعى القدر.

فقدت الثقة في كثير من الأشياء حتى أنني فقدت الثقة في ذاتي في بعض الأحيان وبدت لي كيانًا منفصلًا عني أتعجب منه بل أن الأمر وصل إلى شكي في العالم بأكمله حتى أتبين ماهية كل شيء عن يقين حقيقي أصل إليه بخطوات أسيرها بنفسي بدلًا من أن أسمع عنها، حتى أصل أخيرًا إلى يقين لم يهتز أبدًا هو ثقتي في القدر لأنه يصعب على الإنسان دائمًا أن يبني أسوارًا منيعة لكي تحيط بثقته في خارطة طريقه، لابد وأن يعيش أيامًا من حياته مشككًا في السبب وراء حدوث كل شيء من حوله ظنًا منه أن الحياة تختصه من بين الجميع بأصناف وألوان من الألم والعذاب. لحسن حظي أنني اختبرت هذه الظنون في بداية الطريق حتى أنعم برحمة من الله أني لم أعد أشك في القدر ولا أُكثر من التساؤل.

رأيت بعيني كيف أتمنى هلاكي بنفسي وأن الهلاك التام هو نهايتي الوحيدة لو أن كل ما أتمناه يتحول إلى حقيقة في التو واللحظة، قاصرة هي بصيرتي رغم نموها يومًا بعد يوم إلا أنها ستبقى في سباق مع الزمن لتكبر وتنضج حتى تدرك كل شيء على نحو أفضل، سباق لا نهاية له لأنها مهما أدركت ستظل محدودة أمام خالقها.

 وجدت أن بعض اختياراتي السيئة قد تجد طريقها إلى النور حتى تصبح درسًا، ها أنتِ تعيشين نتيجة كل مل تختارينه لكي تكتشفي قصورًا في نفسك يحتاج إلى تقويم وتدارك وإلا أصبحت الأمور أكثر سوءً، فأسقط مرات وأتعلم مرات كثيرة، ولكن أبقى في حيرة من أمري حينما يختلط كل شيء فأفقد قدرتي على الامتنان حينما تتوافق أمنياتي مع قدري بتلك البساطة، أختار شيئًا جميلًا ثم أحلم به ثم يتحقق وفقًا لطريق أمشيه تجاه أحلامي مهما قصر ذاك الطريق أو طال، أسعد بالحلم الذي تحقق ولكن سرعان ما أفقد قدرتي على الشكر والامتنان بل وقد أتصور أن أحلامي تتحول إلى كابوسًا حقيقيًا في بعض الأحيان.

تلك البصيرة تتطلب أن يظل صاحبها متيقظًا دائمًا ومستعدًا لكي يمتص كل يتعلمه من حكمة في الأشياء من حوله، وإلا فقد القدرة على رؤية ما لا يدركه الغافل الغارق في أوهامه، فيظل غافلًا يدفع من عمره ثمنًا لغفلته حتى يفيق يومًا بانتهاء الدرس.

علمتني الأيام ألا أفقد قدرتي على اختيار الأشياء خوفًا من الغد، ولكن أن أتعلم كيف أختار، ربما الحياة تقوم في الأساس على أن نسقط ونقف من جديد، لا أن نحافظ على حدودنا في بقعة ثابتة دون حراك، وأن الإنجاز الأهم دائمًا وأبدًا هو أن بوصلتي تزداد يقينًا وحكمة ورضا بمرور الوقت، تلك الطمأنينة التي تُكسبني قناعة بمثابة الكنز في الرحلة، وخير رفيق يعين صاحبه على مشقة الأيام.