ندى رفعت
ندى رفعت

د

عقوق الآباء للأبناء!

عقوق الآباء موضوع شائك، قلما تجد مناقشات تُدار حوله، فالكل ينادي بشكلٍ أهوج بـ طاعة الأبناء للآباء، غاضين الطرف عن حقوق الأبناء التي تُهدر تحت ستار الدين، وظلم بعض الآباء لأبنائهم حتى أنهم يتهمونهم بالعقوق إذا كانت رغبة الابن ضد رغبة الأب.

سنتناول في هذا المقال بعض النماذج التي رأيتها وقصها عليّ اصدقائي.

ابني فرصتي الثانية في الحياة!

يعتقد معظم الآباء أن أبنائهم فرصتهم الثانية في الحياة، وهذا نِتاج نقصٍ في شخصية الأب، ربما يشعر أنه أخفق في حياته وما كان يريده؛ فيرسم حياة ابنه ظانًا أن هذا هو النهج الصحيح غاضًا الطرف عن ميول ولده وإحتياجاته وأولوياته، فبعض الآباء يختارون أصدقاء أولادهم، قصات الشعر، مجال الدراسة، ويصل الأمر أحايين كثيرة إلى إختيار شريك حياتهم.

أبي كف عن نظرة خيبة الأمل التي تؤلم قلبي!

منذ أسبوعين أخبرتني صديقتي أنها تتألم من سياط نظرات والدها مذ ظهرت نتيجة الثانوية العامة، يُلقي على مسامعها دائمًا أنها خيبة أمله فهي  لم تحصل على الدرجة التي كان يرغبها، وعندما تشتكي من صعوبة الدراسة في كليتها الحالية ينعتها بالفشل!

وأخري كلما قصت علينا موقف والدها عند نجاحها في الثانوية العامة وعدم مباركته لها تبكي!فهو يرى أنها لم تحقق شيء رغم دخولها كلية العلوم.

أمي كفِ عن مقارنتي بأصدقائي!

رأيت بأم أعيني أمًا تقسو على إبنتها وتقارنها بصديقتها في كل شيء، طريقة التعامل والكلام والمستوى الدراسي، رغم أنهم ليسوا بنفس السنة الدراسية!

تنعتها دائمًا بالفشل وأنها عديمة الفائدة، تصرخ عليها أمام أي شخص وتسُبها، وفي نهاية الأمر تطلب منها أن تعاملها كما تعامل صديقتها أمها.

ويبقى السؤال هنا، هل أنت تعاملينها بالطريقة التي ترغبها حتى تعاملك بنفس الأسلوب؟ أنسيتِ أن حين يُقصر الإنسان في واجبه، ليس من الحكمة أن يسأل عن حقه؟!

أبي أشعر بالخواء داخلي، ضُمَني!

يبخل بعض الآباء والأمهات في إظهار الحب لأولادهم، يعتقدون أنهم إذا ضموا أولادهم فهذا ضعف وتدليل مفرط، وإذا أثنوا على ما يقومون به سوف يُفسدهم، ويغفلون عن تأثير هذا الفراغ العاطفي على نفسيتهم، ومحاولة تعويضه بطرق غير شرعية.

يرى أساتذة الطب النفسي أن هذه الظاهرة تعود لدوافع شعورية ولا شعورية.

النوع الاول: يأتي من الخوف الذي يسيطر على الآباء من التغيرات الحاصلة في المجتمع فينتج عنه طريقة التعامل الجافة.

النوع الثاني: الخوف من فقدان السيطرة؛ فالشاب عندما يكبر يرى بعض نقاط الضعف في والده،والتي لم يرغب الوالد في معرفته عنها.

وبالنهاية أخبرني كيف ينسى المرء خذلانه من عائلته؟ التي كان يتمنى أن يرتمي بأحضانهم فيخبرونه أنهم يحبونه لأنه ابنهم لا لأي سبب آخر،لا يجلدونه بسوط الكلام والنظرات لأنه أخفق في بضع أرقام يزعم الناس أنهم يعطونه قيمة أو يحددوا مصيره.

لم يخلقنا الله مُسيرين كليةً فلماذا تضع نفسك بمصاف الإله وتخضع ابنك لك في كل شيء، من حقه إختيار الطريقة التي يعيش بها والوظيفة التي يعمل بها والزوجة التي يحبها، طالما كل شيء يتوافق مع الدين، فلا تُسقط عليه رغباتك التي لا يرغبها وتتهمه في النهاية بأنه ابن عاق، فأنت تسلب حقه وتريد بِره!

أتمنى أن يستفيق الآباء من غفلتهم يضموا أولادهم ويدعمونهم في القرارات الصائبة طالما لا تخالف الدين، ينظرون لهم بحبٍ ويتحدثون عن أي شيء يقومون به بفخر.