نادين عبد الحميد
نادين عبد الحميد

د

السر لكي تنجح في هذا العالم

داومت مؤخرًا على أن أستمع إلى منصة عربية تقدم “بودكاست” في موضوعات مختلفة، وأصبح رواد هذه المنصة ومقدمي المحتوى هم أصدقائي الذين أستمع إليهم على مدار يومي، تعلمت منهم الكثير وأمضيت وقتي وأنا أحظى برفقتهم الممتعة ولكن لم يعكر صفوي إلا أنني يجب أن أستمع إلى إعلانًا مدفوع الأجر قبل كل حلقة، في البداية كنت أتجاهله ولكن بمرور الوقت ظلت تتردد في عقلي الجملة الأبرز في هذا الإعلان “لكي تنجح في هذا العالم، عليك أن تفهمه أولًا”، لم أكن أعي المقصد منها لأنني لم أهتم كثيرًا في بداية الأمر ولكن بمجرد أن أدركتها بعقل واعٍ بدأت أفكر في سؤال أهم “كيف يمكن أن أفهم العالم؟”.

عادةً عندما أشعر أنني أملك أسئلة بلا جواب أبحث عنها في شبكة الإنترنت، ثم إذا لم أعثر على ما يشبع عقلي أبحث عن كتاب يتناول بشكل أساسي الموضوع الذي يثير فضولي، وكنت دائمًا ما أوفق في ذلك، فأنهي قراءة الكتاب ولدي الكثير والكثير من المعلومات النظرية التي تكفيني لكي أعي جيدًا ما كنت أجهله من قبل، ولكن هذا يعد كافيًا؟

تجربة الحياة بشكل تفصيلي ليست بالشيء الذي يمكن شرحه وتداوله في صورة كتاب شامل ووافي يجعلك تشعر وكأنك تتناول الحكمة بمعلقة من ذهب، فالباحث في التاريخ سيجد أن المعرفة الحياتية تتوارث عبر الأجيال من جيل إلى آخر، الحكماء كثيرًا ما سعوا لنشر خبراتهم الناتجة عن حياة ذاغرة بالتجربة الثمينة ولكن من أين لنا الآن بتلك الحكمة في زمن متسارع لا يسمح لأحد لكي يلتقط أنفاسه ويدرك ماهية الدرس الذي تعلمه، بل وحتى لو أتيح له الوقت فلابد من عقل واع منفتح قادر على التقاط كل درس خفي لا يدركه الغافل.

لم تكن الحياة سهلة يسيرة أبدًا، ولكن هكذا كانت وستكون حتى آخر يوم للإنسان، ولكن رغم تلك الصعوبة فإن السعي لمعرفة وفهم القوانين الأساسية في الحياة واجب أصيل على كل إنسان، واتخاذ الخبرة والحكمة من أصحابها سيوفر عليك عناء التعلم بالتجربة العملية والتي كثيرًا ما تأخذ ثمنًا لا يعوض لكي تدركها، ربما قد يخبرك من حولك ماذا يجب أن تفعل دائمًا ولكن يخبرك أحد كيف تعيش هذه الحياة وتنجح في اختياراتها، عليك دائمًا أن تستقبل كل شيء بذهن يقظ، واعٍ لكل ما يدور من حوله، أن تتقبل ضعفك البشري وقلة معرفتك بكل شيء وأن تسعى دومًا لكي تعرف وتتعلم فلا الخبرة تكتسب بالتجربة وحدها ولا العلم يرفع بيوتًا لا عماد لها.