خديجة مطاعي
خديجة مطاعي

د

هل فشلي المتكرر في تحقيق أهدافي يجعلني فاشلة؟!

حتى أفهم نفسي أكثر؛ قمت العام الماضي بتسجيل قائمة بمشكلاتي، أمنياتي وأهدافي. ومع نهاية كل عام وبداية آخر جديد وكغيري من الملايين حول العالم؛ فتحت دفتري لأرى ما إذا كانت سنتي جيدة؟ هل تخلصت من مشاكلي؟ هل تحققت فيها أمنياتي التي وضعتها وهل أنجزت أيَّ شيءٍ يذكر؟

لكني، أحصيت مايقارب 14 أمنية لم تتحقق، وأكثر من 11مشكلة لم تُحل و7 أهداف كبيرة تندرج تحتها أخرى صغيرة فشلت في تحقيق معظمها. حلقة فشلي هذه بدأت قبل سبع سنوات بعد أن أنهيت دراستي الجامعية ومكثت في البيت. ومجددًا، فشلت في الحصول على وظيفة في القطاعين العام والخاص وفي العمل الحر والترويج لمدونتي الخاصة، لم أحقق أي دخل مادي، لم أسافر، ماذا أضيف؟ آه قائمة كتب لم أنهها، دورات تعليمية لم أكملها ومشاريع لم أنجزها بالإضافة للأرق والقلق. لذلك تستطيعون القول بأنها كانت سنة فاشلة –كسابقاتها- على جميع الأصعدة الشخصية ،المادية، المهنية، الصحية وغيرها…

بَطَّالة، مُفلِسة، وَحِيدة…أنا في نظر المجتمع ومن حولي وأحيانًا في نظر نفسي فاشلة.لكن هل أنا حقًا كذلك؟ ماهي معايير النجاح على أية حال؟ هل هي الحصول على وظيفة، الشهادة، الزواج، السفر، المال، عدد اللايكات على منشوراتك؟ وهل عليك تحقيق كل هذا لتثبت بأنك لست فاشلًا؟

الإجابة البديهية والطبيعية هي نعم! لأن المقابل المادي الملموس هو الدليل الوحيد على أنك تفعل شيئًا ما، فالناس لايهتمون لكونك تملك حلمًا أوشغفًا تجاه شيء ما، أوتعلم تمامًا ما الذي تريده، وتبذل كل ما في وسعك لتصل إليه ولكنك لم تصل بعد، وتحتاج للمزيد من الوقت. فالوصول ليس غايتك الوحيدة بل أيضًا الاستمتاع بالرحلة التي خلالها تجرب وتخطئ، تتعلم وتحاول، تنضج وتتغير وتكتشف ذاتك. وفي النهاية لابد أن تصل؛ إلى ماتريده أنت لا ما يريده لك غيرك وبالطريقة التي تختارها أنت لا هم.

الخجل من الفشل!

 الغريب في الأمر؛ أنَّه لا أحد يتحدث عن فشله في تحقيق أهدافه أوعلى الأقل صعوبة تحقيقها، عن هزائمه وانكساراته والأشياء التي اضطر لفعلها أو التخلي عنها ليحقق هدفه. في المقابل، لايترددون في مشاركة حياتهم الرائعة التي تتوافق مع معايير النجاح “الشائعة” على منصات التواصل الاجتماعي، ويسمحون لأنفسهم بوعظك بكلمات عن قوة التفكير الإيجابي: “بإمكانك فعل أي شي تريده إن اعتقدت ذلك”، “ولاشئ مستحيل”، “والشخص الوحيد الذي يعيق تقدمك هو أنت!” يجعلون الأمر يبدو وكأنه خطؤُك؛ فتبدأ في لوم نفسك وفي الاعتقاد حقًا بأنك لست جيدًا بما فيه الكفاية، فهناك دائمًا أشخاصٌ بسيرةٍ ذاتيةٍ ومؤهلات ومهارات أفضل منك ومهما حاولت فلن تستطيع أبدًا التفوق عليهم.

وبينما أقرانك يصلون لخط النهاية، أنت تركض بكامل قوتك ثم تتعثر وتسقط. تحاول اللّحاق بهم، لكنك تجد نفسك دائمًا في نفس المكان. تصرخ، تصلي، تبكي ولكن لاشئ يحدث. تتنظر الرد على إيميلات طلب العمل التي أرسلتها، أو اتصال قبولك في الوظيفة -وقد يستمر انتظارك لأشهر وسنوات- دون أن تتلقى أيًّا منهما؛ تتحمل في كل مقابلة عمل تجريها إهانة المقابِلين وأمزجتهم، أسئلتهم الغريبة والمحرجة، ثم يرفضون توظيفك بحجة أنك لاتملك خبرة.وكيف تمتلكها إن كانوا يرفضون باستمرار توظيفك! وهكذا تجد نفسك عالقًا في حلقةٍ مفرغةٍ من العجِز والفشلِ والخيبة.

هكذا هي الحياة بعيدًا عن مواقع التواصل الاجتماعي صعبة وقاسية. ولن تستطيع تحقيق هدفك مهما كنت إيجابيًا، طموحًا وقوي الإرداة بدون أن تمتلك منصة ثابتة تنطلق منها سواء كانت وظيفة، مال، علاقات، فرص، إمكانيات ومهارات. ولكن لاأحد يمتلك الشجاعة ليقول: “أنا فقط محظوظ لأنَّ لديَّ المال لأطلق مشروعي”،  أو “محظوظ لأني تلقيت تعليمًا أفضل”، أو “محظوظ لأني حظيت بفرص وعلاقات ساعدتني على النجاح”.

فالحقيقة هي؛ أنه في معظم الأحيان تكون ظروفك هي السبب في فشلك كأن تعيش في محيط سام يستنزف طاقة الحياة منك، يثبطك، يهدر وقتك وقدراتك ومهاراتك وسنوات عمرك.. تحاول الخروج منه لكنك لاتستطيع.

بداية جديدة؟                    

نعم ، فالأوان لايفوت أبدًا على البدء من جديد. ومهما بدا وضعي ميؤوسًا منه فإني أختار دائمًا المحاولة، وفعل الأمور بطريقة مختلفة في كل مرة، حتى أصل إلى ما أريد. قد أخطئ وقد أصيب المهم ألّا أبقى ساكنة لا أفعل أي شيء؛ فهذا هو الفشل الحقيقي؛ أن تتوقف عن التعلم والنمو، أن ينطفئ شغفك وتفقد نفسك بينما تحاول مجاراة الآخرين …هذا ماتعلمته من فشلي المتكرر.