تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

”شاهد ابني يبكي عندما أخبره بوفاة جدته“… صور صادمة من استغلال الأطفال لتحقيق الشهرة و المال

استغلال الأطفال عل السوشيال ميديا
آية حسني
آية حسني

7 د

إذا كنت تقرأ مقالي الآن، فأنت بالطبع أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أوقاطني العالم الرقمي، دعني أريك إلى أي حدّ من الجنون وصل الكثير من الناس بسبب الهوس بجمع المال وتحقيق الشهرة بطريقة سهلة ورخيصة وغير متعبة! ماذا لو أخبرتك أن سوق النخاسة عاد ولكن بحلّةٍ إلكترونية وسلعتها الأطفال. لا، لا أتحدث عن التجارة في أطفال مخطوفين، لكن أن يبيع المر أطفاله ويزايد عليهم على السوشيال ميديا.

كلمة السرّ في هذا المقال هي (الأطفال)، فمهما بدت فظاعة فكرة الاستغلال، عندما تكون السلعة طفل، فتلك الفظاعة تتضخم لتغطي كل نظرتك للحياة.


النخاسة بحلّتها الجديدة

إذا كنت أحد أولئك الأهالي الذين لديهم أطفال في سن ما بين السابعة والعاشرة، فما عليك َ إلا أن تفتح مواقع و تطبيقات مثل يوتيوب أو فيس بوك و تيك توك، وسترى الكثيرين ممن هم مثلك، وربما لديهم أبناء في مثل عمر أبنائك وقد فتحوا كاميرا الهاتف وقدموا محتوى هادف أوغير هادف، يعرضون فيه أطفالهم كسلعة رخيصة، البعض عرض حياة أبنائه اليومية من الاستيقاظ حتى النوم، دون أدنى احترام لخصوصياتهم الإنسانية.

البعض الآخر اختار تصويرهم وهم يلعبون أو يرقصون، أو حتى وهم يقومون بتقليد النساء العجائز على سبيل الكوميديا، والبعض طلب منهم أن يقوموا بالضرب أوالسبّ على طريقة الكبار حتى تتهافت الناس على وضع اللايكات والقلوب الحمراء التي ستنقلب مع الوقت مالًا وفيرًا بغير جهد يذكر!


استغلال الأطفال ليس مرضًا عصريًا نقلته الإنترنت

لا يمكن القول إنّ استغلال الأطفال لتحقيق الشهرة و المال هي مشكلة وليدة العصر الرقمي ، ولكن جذورها قد ولدت بولادة الإنسان نفسه، فمثلًا حينما نعرف أن والد الموسيقار العظيم، بيتهوفن، كان يضربه أبوه وهو طفل كل صباح من أجل إجباره على تعلم الموسيقى كي يصبح عبقريًا مثل موتسارت، حتى يستطيع أن يحصد ثمار فنه مالًا وياقوت.

وفي مطلع الثمانينيات أو أواخر السبعينيات، من القرن الحالي كان لدينا مثالًا صارخًا حول استغلال الأطفال من أجل الكسب والشهرة، وهو مغني البوب الشهير الراحل مايكل جاكسون، ذو القصة المأسوية التي رواها كثيرًا في مقابلاته التلفزيونية، ورواها بشكلٍ غير مباشر من خلال أغنياته الحزينة والمعبرة و على رأسها أغنيته المرهفة (Childhood) التي يقول في مطلعها:


يقول الناس إنني لست بخير
لأنني أحب مثل هذه الأشياء البسيطة
لقد كان قَدَري أن أعوَّض
من أجل طفولة لم أعرفها يومًا!

يعتبر فنان البوب العالمي مايكل جاكسون مثالًا متطرفًا معاصرًا على هذا الاستغلال، وعلى تخريب طفولته بالكامل من قبل الآباء الذين لا يعرفون ولا يفهمون ما تعنيه كلمة الرعاية والتربية، ويتخلّون عن دورهم في هذه الرّحلة حتى يتحولوا إلى جامعي أموال من وراء تخريب طفولة الأطفال، ولا ينتج عن هذا الأمر إلا إنسانًا مستقبليًا معطوبًا ومجروحًا، ينضح بالألم كما في أغنية جاكسون السالف ذكرها، وكانت النتيجة حياة إنسان امتلأت بالأسى والاضطرابات النفسية وعدم الاتزان و الوصول إلى الانتحار و ترك الحياة!


ماذا يخسر الإنسان بخسارة طفولته؟

كي نجيب على هذا السؤال ينبغي أولًا أن نعرف قيمة مرحلة الطفولة في حياة الإنسان، فالطفولة هي بداية تعرّف الإنسان على عالمه الذي يعيش فيه، يحتاج الإنسان في هذا الوقت إلى رعاية صحية من الأبوين، و اعتناء شديد بالجانب النفسي و العقلي لدى الطفل، كما يحتاج الطفل حينها إلى أن يكوِّن نظرته لنفسه وللعالم بطريقة سليمة وغير مشوهة فيتلقّى الأخلاقيات و المبادئ والمثل، وتبدأ لديه سلوكيات البحث والاكتشاف والمعرفة حتى يستطيع أن يصل إلى أجوبة على كل سؤالاته التي تدور في ذهنه مع بداية وصوله إلى مرحلة المراهقة لكي ينتقل إلى مرحلة جديدة من الفهم والشعور والإدراك يحتاج معها إلى تطوّر في المعاملة من الأبوين!

يحتاج الإنسان لإثبات ذاته من خلال أفعاله وهو ما لا يتحقق بالتأكيد وهو جالس تحت وطأة كاميرا ترصد وتترقب كل أفعاله ولا تشعره بقيمة وإنجاز إلا من خلال رد فعل الآخرين عليه، ناهيك عما قد يصيبه لو لم يجد ما يقدمه تفاعلا جيدًا من الجمهور الذي يخاطبه فكيف ستكون حالته حينئذٍ!

إن للشهرة خطورة بالغة على نفسية الشخص العاقل البالغ فما بالنا بالطفل الذي لم ينضج بعد! كيف ستقنع طفلًا أنّه يساوي أكثر من معدل التفاعل الذي حصده آخر فيديو له! وأن خوارزمية بسيطة قد تكون سبب هبوط عدد القول التي حصل عليها وهو يراك تقوم ولا تقعد لأنّ معدل الوصول انخفض!


الطفل تحت العدسة يخسر أكثر من سنين طفولته

يحرم من قدرته على التلقائية والحرية في الاختيار، من قدرته على البحث والاستكشاف و التأمل، وهو حين يحرم من التجربة الحرة واللعب و الاستكشاف، يخسر قدرته على الاختيار الصائب في ما بعد وتتأثر خياراته المستقبلية بمحدودية قدراته في هذا الأمر حيث لم يكن يسمح له صغيرًا بالوقوع في الأخطاء لمعرفة الصواب!

تهتز ثقته بذاته كثيرًا، لأنها تستمد من الناس وليس من ذات الطفل وأفعاله، وربما ظل رهين هذه الرغبة طوال عمره !

يحرم من تكوين صورة حقيقية عن العالم حيث يعيش في عالم افتراضي من تهيئة الأهل، وكل ما يهيأ من أجل الظهور أمام الكاميرات به هو مجرد عالم افتراضي مختلف تمامًا عن العالم الحقيقي الذي يخضع لثنائيات مثل الخير و الشر ولا يختبر ألوان مختلفة من المواقف التي يجب أن يتعلم الإنسان التعامل معها!


صور من استغلال الأطفال لتحقيق الشهرة و المال


تصوير الرضع بأوضاع جسدية معيقة للنمو


طفل رضيع في جلسة تصوير

يبدأ الأمر منذ الطفولة المبكرة عند تصوير الأطفال الرضع الذين لم يتجاوزا الأشهر بأوضاع طفولية رقيقة مع إلباسهم أقمشة وبعض الحلى وهم نائمون من أجل الحصول على صورهم التي تلقي الضوء على براءتهم وعذوبتهم ولكن الكثير من الأوضاع التي تنثني فيها الأرجل والأيدي لجلسات التصوير هذه هي أوضاع خطرة جدًا على عظام الأطفال
ومهددة لنموهم بطريقة سليمة. هذه الجلسات قد تطول لساعات لتحصل على اللقطة المناسبة.


استغلال الأطفال وإجبارهم أحيانًا على التصوير


صبي أجبر على ارتداء ملابس فتاة

فقد قامت إحدى البلوجرز العربية بتصوير ابنها البالغ من العمر ثماني سنوات في زي فتاه وقد بدت على الطفل أمارات الضيق والاعتراض أثناء التصوير وتعرضت البلوجر لحملة هجوم واسعة بسبب فعلتها، ولكن صورة الفتى كانت قد بلغت الآفاق و حصدت أكثر من مائتي ألف مشاهدة في أسبوعين فقط! من سيكترث بعدها لتجهم الطفل أو مشاعره؟


تعليمه الكذب والنفاق


امرأة تطلب من ابنها تصنع البكاء سعيًا للشهرة

في حادثة شاهدتها على الفيسبوك من فترة لا بأس بها، انتشر فيديو لمدوّنة أمريكية في الغالب، كانت قد بثته مباشرة دون انتباهٍ منها وهي تعلّم ابنها التباكي وتضغط عليه ليبدو حزينًا وتبلل وجهه ليبدو كأنّه كان يجهش بالبكاء، بغية أن يصورا فيديو يعلنان فيه إصابة أحدهما بمرض خطير، لتحصل الأم على تعاطف الجماهير ومشاهداتهم.

على الرغم من أن الأم فور إدراكها لما حصل حذفت الفيديو، إلا أن الضرر كان قد حصل بالفعل وانتشرت عنها منشورات تحت عنوان "دموع التماسيح" ما كلّفها 500 ألف متابع في ومضة عين.

الملفت في الأمر أن الأم راحت تبرر تارَة وتكذب تارَة، وتعتذر من جمهورها تارة أخرى، ثم أغلقت حسابها، لكنّها لم تتوجه بالاعتذار لابنها الذي عرّضته لكل هذا مرة واحدة، على الأقل ليس أمام الكاميرا التي باتت حياتهما بالكامل تجري أما عدستها!


فمن لهؤلاء الأطفال!

تنص اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة لاستغلال الأطفال، على حق كل طفل في الحماية من أي شكل من أشكال الإساءة والاستغلال (المادة 32 و 36 من الاتفاقية)، وأن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره.

هذا وقامت الكثير من الدول العربية بمحاولات لحماية هؤلاء الأطفال، مثل الإمارات حيث طالبت نائبة جمعية الإمارات لحماية الطفل موزة الشومي بإصدار ضوابط لظهور الأطفال في السوشيال ميديا، وعدم استغلال براءتهم لكسب المتابعين وعدم تعريضهم للضرر بأي شكل كان، سواء التمثيل أو التلفظ أو رصد ردات الفعل و وأضافت: "نشر مقاطع تستغل براءة الأطفال لكسب متابعين أو تحقيق الكسب المادي يعتبر في القانون استغلالاً اقتصادياً لأنه يسمح بتعريض الأطفال لأضرار مختلفة، منها التنمر من قبل المتابعين على المقطع وأحياناً يتم إحراج الطفل بتصويره في مقطع فيديو ونشره والإساءة للطفل عبر التعليقات من أفراد الجمهور".

ذو صلة

في النهاية أنا لا أعارض مجرد ظهور الطفل و استخدامه (الطبيعي) لمواقع التواصل الاجتماعي، ولكني ضد أن يستغله أهله وأن يخترقوا حقًا من حقوقه في الخصوصية بسبب سلطتهم الطبيعية عليه.

اقرأ أيضًا: المشاهير والسوشيال ميديا: كفاكم عبثًا بواقع معجبيكم (¬_¬ )

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة