تعلم لغة الجسد
يُقال أن من يفهم لغة الجسد يستطيع التواصل مع غيره بشكلٍ أفضل، ويقال أن تكريس الوقت في تعلم لغة الجسد ـ المُحيرة غالبًا ـ سيكون مثمرًا في فك شيفرة شخصيات الناس المختلفة وما تخفيه من أسرارٍ.
نبذة عن لغة الجسد
لغة الجسد هي مجموعة الحركات والإيماءات المختلفة التي تنتج عن شخصية الإنسان وتكون الانعكاسات المرئية لها، ومن الخاطئ استخدام "التواصل غير اللفظي" كمرادفٍ لها، لأن لغة الجسد مبنيةٌ فقط على حركة الجسم وموضعه دون الأخذ بعين الاعتبار الصوت، وليس فقط الكلام واللفظ.
إن لغة الجسد هي أسلوب تواصل
رئيسي وكبير بين الناس حتى وإن لم يكن واضحًا أو معروفًا لدى الجميع، فنحن جميعًا نستخدمه دون الشعور بذلك كونه تعبيرًا عن شخصيتنا، فإذا أردنا مثالًا على هذا الكلام، يمكن أن نقول أن 60% من تواصلنا يكون عبر الكلام وما إلى ذلك، ونسبة 40% عبر إيماءات لغة الجسد.
أنواع لغة الجسد
لكي نستطيع تعلم لغة الجسد وفهمها أكثر، يجب أن ندرك ونحفظ أنواعها الرئيسية وهي :
- تعابير الوجه: فوجه الإنسان الجزء الأكثر تعبيرًا فيه، ونستطيع من خلال وجهنا إفراز مشاعر عديدة ومختلفة دون قول كلمة واحدة، وأحيانًا تظهر على وجوهنا تعابير لا نريدها أن تظهر أو نقاوم لإخفائها والتظاهر بالفرح أو السرور.
- حركات الجسم وطريقة الوقوف أو الجلوس: إن الطريقة التي تمشي بها أو تقف وتتحرك بها بشكلٍ عامٍ، تبعث رسالةً واضحةً إلى العالم من حولك، وهذه الحركات والاختيارات المعينة لطريقة الجلوس أو المشي أو الوقوف قد تدل على شعورك بالخجل أو الثقة أو عدم الاكتراث وغيره.
- الإيماءات: كثيرٌ منا يلوح بيديه أثناء الكلام دون أن ينتبه لنفسه، وجميع هذه الحركات تعتبر جزءًا من لغة الجسد، وأحيانًا يكون استخدام إيماءاتٍ معينةٍ مسيئًا في بلدانٍ محدّدةٍ، ويدل على الفرح في بلدانٍ أخرى.
- العين: التواصل عبر العين أمرٌ سبق وسمعت به أو شاهدته في أفلامٍ رومنسيةٍ، العين تدل كثيرًا على ما يريده الإنسان وهي جزءٌ كبيرٌ من لغة الجسد؛ نظرًا لضرورتها الكبيرة في التواصل بين الناس، فتخيل أن تُغمض عينيك أثناء حوارٍ مع شخصٍ ما أو تنظر إلى الأسفل باستمرارٍ دون سبب، لا شك أن هذا سيجعل المتلقي في حالة استغراب وقد يعتبرها إهانةً حتى.
- اللمس: عنصرٌ آخرٌ مهمٌ في لغة الجسد، يُعتقد أن طريقة المصافحة تدل على مدى ثبات شخصة المصافح، كما ويعتبر الاحتضان ووضع اليد على الكتف أو الرأس من الصور المختلفة للغة الجسد اللمسية.
- منطقة أمان كل إنسان: هل شعرت يومًا أنك غير مرتاحٍ أبدًا بسبب حديث مع شخصٍ اقترب منك كثيرًا؟ هذا بسبب اعتقادٍ بأن لكل واحدٍ منا دائرة أمان لا يرتاح عندما يقتحهما الغريب، وهذه الدائرة تكبر وتصغر حسب نوع العلاقة بين الشخصين، وبالمقابل على الإنسان أن يستوعب منطقة أمان غيره وأن لا يقترب منه كثيرًا بلا سبب، وفي الحقيقة مثل هذه الأمور تناقلناها مع الزمن عبر الأخلاق الحميدة وآداب الحوار.
تعلّم الأساسيات
ستجد أنه من الممتع تعلم لغة الجسد انطلاقًا من أساسياتها، وتطبيقها على أرض الواقع، وإذا شعرت أن لديك اهتمامًا واسعًا في هذا المجال فعليك بالتوجه نحو كتبٍ من مختصين نفسيين تحدثوا بعمقٍ حول شخصيات البشر المختلفة وعبّروا عنها.
إليكم هذه الأساسيات:
- قراءة العين: انتبه إذا كان الطرف الآخر ينظر إليك باستمرارٍ أو ينظر بعيدًا، فإذا كان ينظر بعيدًا قد يدل هذا على الشعور بالملل أو عدم الاهتمام أو حتى الخداع خصوصًا إذا نظر بعيدًا إلى الجانب، بينما في حال نظر الشخص إلى الأسفل فقد يدل هذا على القلق والتوتر أو الاستسلام، كما وأن اتساع حدقة العين يشير إلى اهتمام الشخص بك، بالإضافة إلى أن معدل الومض يشير إلى توتر الإنسان أو التفكير باستمرارٍ إذا ازداد وأحيانًا يشير إلى أن الشخص يكذب إذا رافق ذلك لمس للوجه وبالأخص العين أو الفم، وأخيرًا النظرة السريعة تدل على الرغبة بما تم النظر إليه.
- حركة الوجه: انتبه بالأخص لحركة الوجه لأنها تكشف الكثير عن الشخص، ويمكنك معرفة إذا كانت ضحكته مثلًا حقيقةً أو لا، فعندما تكون مزيفة لا يتحرك في الوجه سوى الفم، بينما إذا كانت حقيقة ترى انفعالًا من كامل الوجه، ويعتبر إغلاق الفم بإحكامٍ دليل على عدم السعادة أو الراحة، وأيضًا عند وجود فاصلٍ قصيرٍ قبل الضحك، واسترخاء الفم بشكلٍ عادي فهذا دليل على استرخاء الشخص والتحلي بمزاجٍ جيدٍ.
- انتبه أيضًا لقرب الشخص الآخر منك فهي من أسهل العوامل لفهم الشخص الآخر ومعرفة إذا ما كان مسرورًا بالوجود معك أم لا، وببساطةٍ يُعتقد أن اقتراب الشخص منك دليلًا على الانجذاب والسرور والعكس عند ابتعاده، لكن يجدر بالذكر أن هذا الكلام ليس دقيقًا بالكامل؛ لأن المسافة بين الشخصين تختلف طبيعتها حسب طبيعة المجتمعات، فبعضها يعتبر وجود مسافة جيدة بين الشخصين دليلًا على الرقي الأخلاقي.
- من السهل أيضًا ملاحظة محبة شخصٍ لك ورغبته التقرب منك من خلال الانتباه إلى تقليدك في لغة الجسد الخاصة بك وتحديدًا طريقة الجلوس أو الشرب بنفس الوقت، فعند لقائك مع شخصٍ ما انتظر بضعة ثواني ولاحظ إذا ما كان يقوم بتقليد طريقة جلوسك أو إيماءاتك المختلفة.
- من المعروف أيضًا أن تحريك الرأس والإيماء به بسرعةٍ دليل على عدم امتلاك الصبر أو الاهتمام بهذه المحادثة والعكس صحيح، ولكن قد يكون التحريك بسرعةٍ ملحوظةٍ دليلًا على أن الشخص اكتفى من سماع فكرتك ويريد أخذ دوره في الحديث لا أكثر، وعند تحريك الرأس للخلف قد يدل هذا على الشك وعدم الوثوق بما يجري أو يتم سماعه، وتحريكه باتجاه شخصٍ ما دليل على الاهتمام.
- قراءة أقدام الشخص الآخر أيضًا تساعد كثيرًا على فهم ما يجري داخل هذا الشخص، خصوصًا أن الكثير من الناس لا يتحكم بهذا العامل بالتحديد لأنه ينشغل في إخفاء تعابير وجهه الحقيقية، وبأية حال، يقال أنه عند الجلوس أو الوقوف يقوم الشخص بتوجيه قدميه إلى المكان الذي يريد الذهاب إليه، فإذا كان اتجاه القدمين نحوك فهذه إشارةٌ جيدةٌ، وهذا الكلام ينطبق في الاجتماعات الثنائية والجماعية الكبيرة، بل ويمكنك الحكم على مدى ترابط مجموعةٍ من الناس مع بعضها واهتمامها ببعضٍ من خلال دراسة حركة وتوجه أقدامهم
- حركة اليدين أيضًا مهمةٌ هي الأخرى، حيث يشعر الشخص بالتوتر أو إخفاء الخداع عندما يضع يديه داخل جيوبه أو على رأسه، كما وأن إيماءات اليدين وتوجيههما بشكلٍ تلقائيٍّ نحو شخصٍ ما دليل على الاهتمام به، بالإضافة إلى أن استرخاء الرأس على اليد دليل التركيز في خطاب الشخص الآخر، بينما استرخاء الرأس بكلتا اليدين قد يكون دليلًا على الشعور بالملل.
- طريقة تمركز اليدين مهمةٌ أيضًا، فيُعتقد أن لف اليدين حول الصدر أثناء المحادثة دليل على عدم الرغبة بالحديث وآلية دفاع، وأحيانًا تدل هذه الحركة على القلق أو انطواء عقل الشخص أو شعوره بالضعف، ووضع اليدين على الوركين يستخدم للتعبير عن الهيمنة، وهي حركةٌ منتشرةٌ عند الذكور أكثر من الإناث.
من الجدير بالذكر أن المعلومات السابقة لا تكفي لوحدها لفهم لغة الجسد 100%؛ وذلك لأن هنالك عواملًا أخرى تعود إلى طِباع كل شخصٍ فينا والعادات المختلفة التي نمارسها، بجانب الاختلافات الأخلاقية بين الدول.
لغة الجسد السيئة
بعد تعلم لغة الجسد في مراحلها ومكوناتها الأساسية، لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار أننا قد نبعث رسالةً سلبيةً عن شخصياتنا بسبب اتباع عاداتٍ تنطوي تحت مربع اللغة السيئة للجسد، ونتائجها واضحة على الفور! فسوف ترى عدم ارتياح وانزعاجًا من الأشخاص الموجودين حولك، ولكن في أحيانٍ أخرى قد يكون طبع الإنسان الخجول أو الودود يمنعه من إظهار انزعاجه!
لذلك علينا الانتباه من هذه العادات: