تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

كيف يحدث انقلاب الاقطاب المغناطيسية للأرض

مروة عمران
مروة عمران

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

5 د

تكثر تساؤلات الإنسان حول هذا العالم، كيف بدأ وكيف سينتهي! ولعل الضجيج الذي يحدث حول نهاية العالم أو ما يعتبره البعض يوم القيامة مرتبطٌ بتغير نظام الأرض كما يرى بعض المفكرين والباحثين، بمعنى آخر أنه في حال تغير نظام الأرض الواحد والثابت سيؤدي ذلك لنتائجَ سلبيةٍ تجعل الحياة صعبة التأقلم مرةً أخرى، أو حتى مستحيلة العيش في ظل هذا التغيير، ولعل ما يقلق الباحثين الآن هو ظاهرة انقلاب الاقطاب المغناطيسية لكوكب الأرض ليصبح شمالها جنوبًا وبالعكس، وما سيلحق ذلك من أضرار ومشاكل تهدد استمرار الحياة على هذه المعمورة.


مغناطيسية الأرض

الأرض هي مغناطيسٌ عملاقٌ يملك مجالًا مغناطيسيًّا كبيرًا جدًا ومؤثر، حتى أنه ثنائي القطب المغناطيسي؛ بحيث أنّ قطبه المغناطيسي الجنوبي بالقرب من قطبه الجغرافي الجنوبي، والقطب الشمالي المغناطيسي بالقرب من الجغرافي الشمالي مشكّلًا بذلك غلافًا للأرض يكون بمثابة درعٍ حقيقيٍّ لها من مخاطر الفضاء كالرياح الشمسية التي كانت قد تتسبب في تخريب طبقة الأوزون من الأرض لا بل تجريدها بالكامل، حيث يساعد في حماية الأرض من انفجارات الإشعاع الشمسي.

فمثلًا، ممكن أن تخترق الجسيمات المشحونة الغلاف الجوي خلال العواصف الشمسية لينتج عن ذلك مشاكل وكوارث جمّة تلحق بالأرض وسكّانها، لذلك يُعتبر المجال المغناطيسي أو الغلاف المغناطيسي للأرض من مسببات الحياة عليها، وهو في الواقع العامل الذي يفسر اتجاه البوصلة التلقائي للشمال والجنوب.


مفهوم الانقلاب المغناطيسي

يحدث انقلاب الاقطاب المغناطيسية عندما تنعكس أقطاب الأرض المغناطيسية وينقلب الحقل المغناطيسي الكلّي للأرض، أي يتجه الشمال نحو الجنوب وبالعكس، وتتحول البوصلات ذات الاتجاه الشمالي 180 درجةً باتجاه القطب الجنوبي، وحينها ستحدث الكارثة العالمية بنظر بعض المحللين والباحثين، الذين يعتقدون أن القارات سوف تتدحرج باتجاهٍ واحدٍ مسببةً بذلك الزلازل وتغير المناخ، بالإضافة لانقراض بعض أنواع المخلوقات، وبالتالي تبعثر الحياة واختلاف أنظمتها.


مصير الأرض في حال حدوث انقلاب الاقطاب المغناطيسية

دعونا نخمّن بحسب الأبحاث ما الذي سيحدث لكوكبنا إذا تغير نظامه وانقلب رأسًا على عقبٍ، لا بدّ لنا من الخوض في تاريخ هذا الكوكب وصولًا للانعكاس الذي حصل للأرض خلال السنين الماضية، حيث حدث هذا الانعكاس منذ حوالي 780.000 عام، كي نستطيع التنبؤ بالانقلاب الآتي ولو بشكلٍ نسبيٍّ، حيث ستصبح الأمور كلها معكوسةً إلى حدٍّ تفصيليٍّ كبير جدًا، حتى لا يبقى ما يشبه الحياة التي نعيشها الآن على الأرض، وكأن الخالق قد عفى عن هذه الأرض ليجنح إلى حياةٍ أخرى غير هذه الحياة، وتتحول الدنيا إلى دنيا جديدة محمّلة بمواصفات ومعايير تفرزها قوانين الطبيعة.

لعل التأثير الرئيسي الملحوظ والذي نضمن حدوثه هو أن إبرة البوصلة ستشيرنا إلى الشمال نحو القطب الجنوبي، وسيكون أكبر المتأثرين بهذا التغيير هي الحيوانات التي تعتمد على المجال المغناطيسي في التنقل، فستتوه في رحلتها الروتينية حتمًا، بما في ذلك الطيور وأسماك السلمون والسلاحف البحرية والنحل، كما ستتأثر التكنولوجيا بالتأكيد وستصبح في خطرٍ، فلن تتبقى أقمار صناعية وستنقطع بذلك الاتصالات اللاسلكية والتيار الكهربائي، ما يؤدّي لتدمير الأنظمة الإلكترونية كليًّا، وبالتالي تدمير التقنيات التي نعتمد عليها، بالإضافة لكثيرٍ من التغيرات المفاجئة بالمناخ والذي سيؤثر بدوره على بعض الحيوانات أو المخلوقات بشكلٍ عام.


موعد حدوث الانقلاب المغناطيسي التالي افتراضيًا

إن الأرض معقدةٌ للغاية، مما يجعل مهمة التنبّؤ أمرًا ليس بالسهل، لكن بحسب الأبحاث، فإن الأرض لا تستطيع أن تقوم بتلك الألعاب البهلوانية بفترةٍ قصيرةٍ، أي لا تتوقع أن تستيقظ يومًا لتجد كندا أو روسيا في نصف الكرة الجنوبي، فعملية انعكاس القطبين هذه تستغرق آلاف السنين وقد يستغرق المجال المغناطيسي ما بين 1000 إلى 10000 عام للانعكاس، وهي عمليةٌ بطيئةٌ تصبح خلالها قوة المجال ضعيفةً، ومن المحتمل جدًا أن يصبح الحقل أكثر تعقيدًا ليظهر أكثر من قطبين لفترةٍ من الوقت.

كما من المحتمل أيضًا أن يخضع هذا المجال لرحلةٍ فقط بدلًا من الانعكاس، أي أنه يعيد نفسه في وقتٍ لاحقٍ بنفس القطبية، ويبقى الشمال شمالًا والجنوب جنوبًا.

هناك بالفعل أدلةٌ تشير إلى أن الكوكب قد يكون في المراحل الأولى من انقلاب الاقطاب المغناطيسية الآن، وهذا يعني أننا قد بدأنا في مواجهة هذا التغيير ليس في المليون سنة القادمة ولكن في الألف المقبلة؛ حيث أنّ هناك أبحاثًا تشير أن المجال المغناطيسي للأرض بدأ يتدهور منذ 3000 عام، فقد انخفضت شدته 30% خلال هذه الفترة، وإذا استمر معدل هذا التدهور بالارتفاع فسنكون في فترةٍ حرجةٍ في غضون أقل من ألف عام.


ما الذي يحرّض حدوث انقلاب الاقطاب المغناطيسية داخل لبّ الأرض

هناك عدة احتمالاتٍ اعتقدها العلماء بناءً على أبحاثهم فيما يخص قلب الأرض؛ فاعتقدوا أن المجال المغناطيسي يرجع إلى تأثير الدينامو الذي يحدث بسبب حركة السوائل المعدنية في قلب الأرض مما ينتج عنه تيار كهربائي، وهذا ما يجعل خطوط المجال المغناطيسي في الأرض موجودة، وتشير نظريةٌ أخرى إلى أن دوران الأرض حول محورها ينتج تيارًا كهربائيًّا قويًّا لأن الطبقات الخارجية للأرض مؤيّنة، نتيجةً لذلك عندما تدور الأرض ستكون هناك حركة للأيونات المشحونة، والتي في المقابل تنتج تيارًا كهربائيًّا، ليتم إنشاء المجال المغناطيسي عن طريق تدفق الحديد السائل داخل القلب الخارجي للأرض.

بعد غوص العلماء في لب الأرض لمحاولة فهم ما يحدث داخله أثناء الانعكاس المغناطيسي، توصلوا إلى عدّة احتمالاتٍ، أحدها هو أنه قد يكون هناك إعصار كبير في الجزء الجنوبي من اللبّ الخارجي المعدني السائل للأرض والذي قد يدفع المجال المغناطيسي من منطقة جنوب المحيط الأطلسي.

الاحتمال الآخر هو أن انقلاب الاقطاب المغناطيسية سيحدث عندما تصبح بقع ذرات الحديد في قلب الأرض الخارجي السائل بمحاذاة عكسية نتيجة الأعاصير الداخلية، ليشبه بذلك المغناطيس الصغير الموجه في الاتجاه المعاكس لمجاله، فعندها تنمو الرقع المعكوسة إلى درجة أنها تسيطر على بقية النواة ينقلب الحقل المغناطيسي الكلي للأرض، وبكل الأحوال ستستمر العملية على مدى آلاف السنين القادمة، مما يتيح لنا الوقت للتكيف مع التغييرات.

هل أعجبك المقال؟