تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

بين الأنانية وظلم النفس…تعلّم كيف تحب نفسك بشكل صحي مع ديفيد هاميلتون

ديفيد هانيلتون وحب الذات
منة الله سيد أحمد
منة الله سيد أحمد

9 د

إن أكثر وقت يتحدث فيه العالم عن الحب هو وقت عيد الحب أو الـ “Valentine's Day”، الوقت الذي ينكشف فيه اقتصار مفهوم الحب لدى الكثير على وجود شريك حياة فقط، بالرغم من أن مفهوم الحب أعمق من ذلك بكثير، فهل تعلم أن الحضارة الإغريقية قسمت الحب إلى 8 أنواع؟ وأن أهم نوع فيهم هو حب الذات.

قبل أن تتسرع وتحكم على حب الذات بالأنانية أو النرجسية دعنا نتعرف أولًا على معنى حب الذات وتأثيره على الفرد والفرق بينه وبين الأنانية، ثم سيعرفنا الكاتب ودكتور الكيمياء ديفيد هاميلتون على طريق الوصول لحب الذات، من خلال كتابه أنا أحب ذاتي.

لكن قبل ذلك سنتعرف على أنواع الحب الـ 8، ولماذا اخترنا النوع الثامن تحديدًا للحديث عنه؟


أنواع الحب لدى الإغريق

  • (philia)، وهو حب الصداقة الذي تحب به أصدقاءك وتحب تواجدهم معك والحديث معهم.
  • (Eros)، وهو الحب الرومانسي مع الشريك، وهو نوع غير عقلاني من الحب، يعمي عن رؤية عيوب الآخر.
  • (storge)، وهو حب العائلة، حبك لإخوتك ووالديك وحبهم لك ورعايتهم لك بدون مقابل.
  • (ludus)، وهو حب المرح، ويكون عبارة عن مزيج من الحب والصداقة.
  • (Agape)، هو حب غير مشروط، حبك لأي إنسان والذي يدفعك لمساعدته بدون مقابل، حبك لله، للطبيعة، حب الخير.
  • (pragma)، هو الحب العملي المبني على العقل، حيث يوجد مثلًا في زواج الصالونات، أو بين الأزواج القدامى الذين يشعرون بالارتباط العميق رغم اختفاء حب “Eros”.
  • (Mania)، هو حب مرضي يصل إلى الهوس.
  • (philautia)، وهو حب الذات الذي نتحدث عنه هنا، وقد اخترنا الحديث عنه لأنه أهم أنواع الحب، فبدونه لن تتمكن من إعطاء أي نوع من أنواع الحب السابقة، كما أن أهميته تكمن في تأثيره عليك من كل الاتجاهات، من الناحية النفسية والجسدية، وعلى مظهرك، وعلاقاتك الاجتماعية، وعلاقتك بأسرتك، لذلك من المهم جدًا أن تصل إلى هذا النوع من الحب.

الفرق بين حب الذات والأنانية

إن حب الذات ليس أنانية، فهو لا يعني أن تحب نفسك بدلاً من الآخرين. بل إننا كلما أحببنا ذواتنا أصبح لدينا المزيد من الحب نهبه إلى الآخرين. إن حب الذات ينظف قلوبنا وتفكيرنا ويترك الكثير من المساحة من أجل التعاطف واللطف.


الفرق بين حب الذات والنرجسية

يدور حب الذات حول حب نفسك والاعتزاز بأدائك وإنجازاتك دون الحاجة إلى إجراء مقارنات مع الآخرين، والاعتراف بأنه من المقبول أن تشعر بعدم اليقين وتشك في نفسك بين الحين والآخر.

أما النرجسية هي عكس ذلك: يقارن النرجسيون أنفسهم بالآخرين ليشعروا بتحسن، ويحاولون إثبات أنهم أفضل من أي شخص آخر، إذ تركز النرجسية على الآخرين، بينما يركز حب الذات على الذات.

بعد أن تعرفنا على حب الذات وأهميته، حان وقت أن يعرفنا دكتور ديفيد على كيفية الوصول إليه:


3 مراحل لحب الذات وفي المرحلة الثانية تكمن المعجزة

كتب دكتور ديفيد هاميلتون كتابًا بعنوان أنا أحب ذاتي "I love me"، يتحدث خلاله عن طرق وتمارين الوصول لحب الذات مستعرضًا تجربته الشخصية وبعض الأبحاث العلمية والدلائل الطبية، ويتكون الكتاب من 14 فصلًا، لذا سنختصر الموضوع في أهم نقاط الوصول لحب الذات.

قسم هاميلتون حب الذات إلى 3 مراحل: المرحلة الأولى حيث تعتقد أنك لست كافيًا، ولست جيدًا، وكثيرًا ما تحاول أن تثبت للآخرين أنك جيد، وليس من الضروري أن تشعر بذلك طوال الوقت، بل يكفي أن يزورك هذا الشبح في بعض الأوقات، وقد قضى الكاتب 42 عامًا من حياته في هذه المرحلة.

أما المرحلة الثانية ففيها تحدث المعجزة، فالشعور بأنك قد اكتفيت من استغلال الآخرين أو اكتفيت من معاملتهم لك معاملة سيئة، أو من الشعور بالخوف وأنك صغير، أو اكتفيت من تخطيهم لك في الترقيات، هنا يبدأ التغيير.

بينما في المرحلة الثالثة وبعد وقت طويل يشعر العديد منا أنه كافي، وهنا لا نحتاج لأن نظهر للآخرين أننا أسياد حياتنا بل نشعر بذلك داخلنا.

تذكر أنه كما يحتاج جسمك تمارين اللياقة البدنية تحتاج روحك الذهاب لنادي حب الذات وممارسة بعض التمارين لتحقيق اللياقة الفكرية والعاطفية أثناء مرحلة أنا كافي، إذ أن الوصول لحب الذات يحتاج إلى تمرين وتكرار دائم لكل ما سنذكره لاحقًا.


لا تكن سببًا في تدمير حب الذات لدى أطفالك

يعد حب الذات أمرًا مكتسبًا، وتعامل الآباء والتربية يؤثران على حب الطفل لذاته وتقديره لها، كما أن هناك ما يسمى بعدوى تقدير الذات فعندما يرى أبناؤك حبك لذاتك ستساعدهم أن يتعلموا من أفعالك وأقوالك. انتبه هناك عدة طرق تجعل الأطفال يصدقون ما يقوله لهم الكبار عن ذاتهم، منها:

1- توبيخهم ووصمهم بأشياء تقلل من تقديرهم لذاتهم، فمثلًا بدلًا من أن تقول لطفلك أنت كاذب وتترسخ لديه تلك الصفة ويشعر بالخجل ويقل حبه لذاته، حدثه عن سلوك الكذب نفسه.

2- نقدهم ومقارنتهم بغيرهم، فمثلًا بعض الآباء عندما يحصل ابنهم على تقدير جيد يبدأوا في لومه لعدم حصوله على امتياز فيترسخ لدى الطفل شعور بالنقص وربما يعيش طوال حياته محاولًا تعويض ذلك بالسعي وراء المزيد من الإنجازات ومع ذلك لا ينجح في القضاء على هذا الشعور، فمعرفته أنه كافي فقط هي وحدها من ستملأ هذا الفراغ، ويحدث هذا التأثير عندما يصبح النقد سلوكًا دائمًا وليس في موقف عابر عادة.


تظاهر بها حتى تصنعها فأجسامنا تغير من تفكيرنا

بالتأكيد جميعنا نعرف أن ما نشعر به ينعكس على ملامحنا ويؤثر على أجسادنا لكن ما لا يعرفه الجميع هو إمكانية حدوث العكس، إذا فكيف نستخدم جسدنا لتغيير شعورنا؟ هذا ما يخبرنا به هاميلتون حيث يعرفنا على مكونات العاطفة الأربعة، وهم العاطفة وكيمياء الدماغ والجهاز العصبي المستقل والعضلات، فما نشعر به متصل بكيمياء الدماغ، فمثلًا عندما نرى من نحب ينتج الدماغ هرمونات السعادة ويتأثر أيضًا جهازنا العصبي اللاإرادي فتتسارع دقات القلب وتقوم العضلات بردة فعل لا إرادية فنبتسم.

وكما تؤثر عواطفنا بلغة جسدنا وعضلات وجهنا يحدث العكس، لذلك يمكننا في أي لحظة تحريك أجسادنا بطريقة تعكس الشعور الذي نريده، الأمر بسيط ولكنه غير شائع، فبعض الأطباء يستخدمون هذا التكنيك مع مرضى الاكتئاب ويشجعونهم على الابتسام عمدًا.

أثبت أحد أبحاث جامعة هارفرد أن دقيقتين من وضعية جسد واثقة تستطيع أن تؤثر على كيميائية الجسم والشعور بالثقة، لذلك أخبر نفسك أنك كافي، قف باستقامة، اجعل وجهك يظهر تعابير هادئة ومريحة، ولا تحني رأسك، اضبط معدل كلامك وسيتغير شعورك تجاه ذاتك إلى الحب والثقة، وبالتكرار سيصبح هذا الشعور هو الطبيعي، فالتظاهر بالقوة ينتج قوة والتظاهر بالوهن ينتج الخوف.


تخيل الأشياء كما تريدها

لا يميز الدماغ بين الحقيقة والتخيل فهو يتغير عندما نقوم بشيء مثلما يتغير عندما نتخيل القيام بالشيء ذاته، لذلك درب نفسك على تخيل موقف تكون فيه قيمتك الذاتية قليلة، مثل تنمر أحدهم عليك، ثم تخيل كل تفاصيل تصرفك الواثق، أي ماذا ستقول وكيف ستتحرك، كيف ستتنفس، كيف ستكون نبرة صوتك؟ ثم مثل المشهد من 5 إلى 10 مرات، حتى تصل إلى التصرف من حيز تقدير الذات "أنا كافي". وداوم على تكرار التمرين عدة مرات أسبوعيًا.


اسأل نفسك هل من المهم أن يحبك الناس؟

الرغبة في محبة الناس أمر طبيعي لكن لا يجب أن يكون هاجسًا، وتقبل فكرة أنك لا يمكن أن ترضي الجميع، لذلك كن على طبيعتك فقط: مخلصًا، جديرًا بالثقة، وصادقًا مع نفسك.


تخلص من الخجل وأظهر ذاتك الحقيقية

الخجل هو اعتقاد بالنقص وأننا غير جديرين بالحب والانتماء، فهو يجعلنا نعتقد أن ذواتنا الحقيقية معيبة، ومن ثم نجد صعوبة في إظهارها. وللتخلص من ذلك عليك فصل ذاتك عن السلوك المخجل، فلا تصف نفسك بالغبي بل قل إنك فعلت شيئًا غبيًا، فهذا التغيير البسيط سيبعدك عن شعور أنك معيب وسيجعلك تميز السلوك الذي يمكنك تغييره.

وعليك أيضًا أن تكون مرنًا مع الخجل، من خلال معرفة أنه أمر غير فردي فالجميع يشعر بذلك، لذلك تفاعل مع الناس في كل مكان بذاتك الحقيقية وحينها ستشعر بالانتماء وأنك كافي.

تعامل مع نفسك بجدية أقل، ولا تنتقد ذاتك بشكل دائم، فأحيانًا ينمو الخجل من المثالية، إذا كنت تعتقد أنك إن لم تكن كاملًا لم تكن مقبولًا، وتظل تركض في ذلك الطريق لتصبح حينها الكفاية وحب الذات مثل الجزرة والعصا.. شيء لا تحصل عليه، فإن كنت شخصًا لديه مثالية غير صحية أكد على نفسك دائمًا أنك لست إنجازاتك وأنك كافي بغض النظر خسرت أم كسبت.


تقبل شكلك في كل حالاته

يحكي الكاتب عن إحدى المشاركات في واحدة من محاضراته قائلًا: تحدثت المرأة عن عدم رضاها عن شكلها، فدعمها الحضور مؤكدين على جمالها فقالت: "أنا في حاجة ألا أهتم سواء كنت جميلة أم لا. أريد أن أحب نفسي كما أنا".

فلكي تصل إلى ذلك وتغير نظرتك إلى ذاتك وشكلك عليك أن تعرف أن شكل الجسم المثالي شيء متغير ونسبي، وبالرغم من أن التغيير شيء جيد إلا أنه لا يجب أن تتجاهل كل ما هو جيد وتركز فقط على ما تعتقد أنه من العيوب، لأن هذا سيجعل شعور أنك غير كافٍ ملازمًا لك. ركز على ما تحبه في نفسك، إن حب ذاتك وتقبُل شكلك كما هو لا يمنعك من التغيير بل يجعلك تقوم به لأسباب أخرى بعيدة عن إرضاء الناس.

لا تقارن نفسك بأحد، وجرب ولو ليوم واحد أن ترتدي ما تريده وتصرح عما يجول في خاطرك، وأن تكون أنت. حرر نفسك واحتفل بتفردك.


انفتح واظهر ذاتك الحقيقية

عندما نظهر انفتاحنا ونكشف عن روحنا يرى الآخرون عظمتنا، هذا لا يعني أن نكون كتابًا مفتوحًا ولكن أن نقلل دفاعاتنا ولو مع أناس محددين، ويجب في نفس الوقت ألا يكون سبب الانفتاح هو لفت انتباه الآخرين، بل الشجاعة وتقبل الذات والصدق معها ومع الآخرين.


احنُ على ذاتك

"يا لي من غبي"، "أنا فاشل"، لن أستطيع فعل ذلك"، وغيرها من العبارات التي نستخدمها مع أنفسنا كثيرًا، دون الانتباه إلى أنه كما أن كلمات الناس تؤذينا، فكلماتنا أيضًا تؤذينا، لذلك علينا أن نكف عن ذلك، فهل تنتقد طفلًا على سقوطه في محاولة المشي؟ عليك أن تعلم أن جميعنا مثل الأطفال نتعثر ونخطئ خلال حياتنا، فنحن مجرد بشر، لذلك ارفق بذاتك وقل لها "لا بأس"، فالحنو على الذات هو المكان الذي تذهب إليه عندما تسوء الأمور ليخبرك أن كل شيء سيكون بخير.

الوقت الذي تريد فيه أن تحنو على ذاتك تنفس بعمق واشتري لنفسك شيئًا تحبه، أو ذكَر نفسك بموقف تصرفت فيه بشجاعة أو ذكَرها بذكرياتك الأكثر سعادة.


سامح نفسك والآخرين

إن عدم القدرة على مسامحة الذات هي إحدى عقبات البعض للوصول لحب الذات، لذلك عليك أن تسامح نفسك وأن تعرف أن الجميع لديهم أشياء يندمون عليها، وأن الاستمرار في الندم لا يفيد، لكن التسامح مع أنفسنا ومع الآخرين أمر جيد لصحة الجسد ويمهد الطريق لحب الذات.


اسأل نفسك ما الذي تفعله من أجلها؟

إن عدم الرغبة في أي شيء ليس أمرًا يجب أن تفتخر به، بل هو دليل على أنك مهمل في نفسك، لدرجة أنك لم تعد تعرف ما تحتاجه، لذلك اسأل نفسك ماذا تريد؟ وماذا تحتاج؟ أو ما المفقود في حياتك؟ ودوّن إجابتك، بعد ذلك قرر ماذا ستفعل بشأن تلك الاحتياجات.

ذو صلة

إن جزءًا كبيرًا من حب الذات يكمن في مدى سيطرتك على حياتك، لذلك تخلص من الفوضى، وفكر في تعديل علاقاتك وصحتك، وقم بالأشياء التي كنت تؤجلها، تعلم كيف تقول "لا"، واسعَ لمعرفة هدفك في الحياة.

اقرأ أيضًا: يقسم كثيرون أنّهم شاهدوها… فهل يستطيع العلم أن يطرد الأشباح؟

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة