لغز الكون المستمر.. ما هو أصل الأشعة الكونية وكيف نشأت؟

تستمر الأرض في تلقي هجوم دائم من الأشعة الكونية، وهي عبارة عن دفقات من الجسيمات ذات الطاقة العالية التي تصطدم بكوكبنا من كل الاتجاهات بسرعات تقترب من سرعة الضوء.

رغم أن هذا قد يوحي بسيناريو من أفلام الخيال العلمي حول غزو الفضائيين، إلا أنه في الواقع ظاهرة طبيعية معروفة للعلماء منذ أكثر من مائة عام. على الرغم من الوصف المثير للاهتمام، فإن الأشعة الكونية شائعة جدًا، إذ تخترق الأرض باستمرار بحيث يُقدر أن حوالي مليون جسيم كوني يمر خلال الجسم البشري أثناء النوم ليلاً، وفقًا لما ذكرته جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة.

بالرغم من وجودها الواسع، ما زالت الأشعة الكونية تخفي العديد من الألغاز العلمية. من المعروف أن الأشعة الكونية ذات الطاقة المنخفضة التي تصل إلى الأرض تأتي من الشمس، بينما تأتي الأشعة ذات الطاقات الأعلى من ما وراء المجموعة الشمسية، من أعماق الفضاء. تبقى مصادر هذه الأشعة الكونية القادمة من خارج المجموعة الشمسية أقل وضوحًا، حيث يُشتبه في أن الثقوب السوداء وانفجارات النجوم العملاقة (السوبرنوفا) قد تكون من بين مصادرها.

صرحت جوليا تيوس، أستاذة الفيزياء وعلم الفلك في جامعة الرور بألمانيا، لموقع Space.com عبر البريد الإلكتروني قائلة: "لقد تم رصد الأشعة الكونية على الأرض منذ أكثر من قرن. لكن مصدرها لا يزال إلى حد كبير غير محدد." "تصل هذه الجسيمات الصغيرة إلى مستويات طاقة تفوق بكثير ما نستطيع تحقيقه هنا على الأرض. نحن نعكف على حل لغز يزيد عمره عن 100 عام، نجمع الأدلة شيئًا فشيئًا بدقة وصبر.

الأشعة الكونية هي جسيمات فائقة الطاقة تندفع نحو الأرض بسرعات تقارب سرعة الضوء، مما يجعلها واحدة من الظواهر الكونية الأكثر فرادة وإثارة للاهتمام. اكتُشفت لأول مرة في القرن العشرين، حيث أطلق عليها روبرت ميليكان اسم "الأشعة الكونية" في عام 1925. يتم حجب الغالبية العظمى من هذه الأشعة بواسطة الغلاف المغناطيسي للأرض وطبقات الغلاف الجوي، مما يحمي الحياة على الأرض من تأثيراتها المباشرة. الأشعة الكونية تتألف بشكل رئيسي من بروتونات الهيدروجين ونوى الهيليوم، بالإضافة إلى نسبة صغيرة من العناصر الثقيلة.

الأشعة الكونية هي موضوع لغز مثير للاهتمام يتعلق بكيفية حصول هذه الجسيمات على طاقاتها الهائلة التي تمكنها من السفر بسرعات قريبة من سرعة الضوء. يتم تسريعها عبر عمليات كونية معقدة، ومن بين الاقتراحات لتفسير هذه الديناميكية ظاهرة جبهات الصدمة التي تحدث عند تصادم المواد عالية السرعة مع الوسط الأبطأ، مما يولد مجالات مغناطيسية قوية تعمل كمسرعات طبيعية. المستعرات الأعظم ونوى المجرات النشطة تُعد من بين المرشحين الرئيسيين لمصادر الأشعة الكونية.

تحديد مصادر الأشعة الكونية يُعد مهمة صعبة نظرًا لطبيعتها المشحونة، التي تجعلها تتأثر بالمجالات المغناطيسية في الكون. هذا التأثير يجعل مسارات الأشعة الكونية تنحرف بشكل متكرر أثناء سفرها عبر الفضاء، مما يجعل من الصعب تتبعها إلى مصادرها الأصلية. على الرغم من هذه التحديات، يحاول العلماء استخدام الفوتونات والنيوترينوات الناتجة عن تفاعلات الأشعة الكونية مع الغازات في الفضاء كوسيلة للكشف غير المباشر عن أصولها.