تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

لن يأخذ الذكاء الاصطناعي وظائفنا.. بل سينقذ الطبقة الوسطى! لكن كيف؟

مريم مونس
مريم مونس

4 د

يناقش باحث اقتصادي: الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يؤدي إلى مستقبل حيث لا يكون هناك دور للبشر في العمل، بل يمكنه تحسين أوضاع الطبقة المتوسطة.

يرى الباحث أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعمل كأداة مساعدة لتوسيع نطاق وقيمة خبرة الإنسان، مما يسمح لعدد أكبر من العمال الذين يمتلكون التدريب الأساسي اللازم بأداء مهام اتخاذ القرارات.

يشدد الباحث على أن تحسين جودة الوظائف للأشخاص دون شهادات جامعية وتقليل عدم المساواة في الأجور وخفض تكاليف الرعاية الصحية والتعليم والمشورة القانونية يمكن تحقيقه من خلال الذكاء الاصطناعي.

يُعدّ المستقبل الذي وصفته رؤية مؤسسة OpenAI، حيث تتفوق الأنظمة الآلية على البشر في معظم المهام ذات القيمة الاقتصادية، بمنزلة رؤية مقلقة لأستاذ الاقتصاد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ديفيد أوتور. يرى أوتور أن العالم الذي يُسهم فيه الإنسان بالعمل العام وغير المتميز فقط، وتتركز ثرواته بيد مالكي أنظمة الذكاء الاصطناعي وحقوق الملكية، قد يشبه مزيجًا من عالمي "WALL-E" و"Mad Max".

غير أن أوتور يؤكد في بحث نشره المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية بعنوان "تطبيق الذكاء الاصطناعي لإعادة بناء وظائف الطبقة الوسطى"، أن الخوف من مستقبل يجد فيه البشر أنفسهم بلا مهام ليؤدوها ليس بمحله. يرى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدث تحسينًا كبيرًا في أوضاع الطبقة الوسطى بدلًا من الإضرار بها.

يستشهد أوتور بتصريحات إيلون ماسك، الذي ذكر في مقابلة حديثة مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أنه سيأتي زمن لا تُصبح فيه الحاجة إلى العمل ضرورية، ونصائح جيفري هينتون، أحد رواد الذكاء الاصطناعي، بضرورة البحث عن عمل في مجال السباكة. يجادل أوتور بأن المستقبل لن يكون خاليًا من الوظائف، مؤكدًا أن انخفاض معدلات الولادة وتقلص القوى العاملة سيضمن وجود نقص في العمالة.

يتمحور السؤال حول طبيعة الوظائف التي ستتوفر. يعتقد أوتور أن الذكاء الاصطناعي، بصفته أداة مساعدة، يمكن أن يوفر سبيلًا لمعالجة الأضرار التي سببها عصر المعلومات، والتي أدت إلى تقليل قيمة الخبرة الإجرائية للعاملين في الطبقة الوسطى ونقل السلطة إلى نخبة صانعي القرار.

يشير أوتور إلى أن "الفرصة الفريدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للإنسانية تكمن في مواجهة العملية التي انطلقت بفضل الحوسبة - وذلك بتوسيع أهمية ومدى وصول وقيمة الخبرة البشرية لعدد أكبر من العمال". ويضيف أن "الذكاء الاصطناعي، بقدرته على دمج المعلومات والقواعد مع الخبرة المكتسبة، يمكن أن يمنح عددًا أكبر من العمال، الذين تم تجهيزهم بالتدريب الأساسي اللازم، القدرة على أداء مهام صنع القرار ذات المخاطر العالية التي تُنسب حاليًا إلى نخبة الخبراء مثل الأطباء والمحامين ومهندسي البرمجيات وأساتذة الجامعات".

ربما لا يبدو هذا كنتيجة مثالية للمحترفين الذين يتقاضون أجورًا عالية في مهن تتطلب اعتمادات معينة. لكن هناك أمثلة سابقة على مثل هذه التحولات. يستشهد أوتور بدور "الممرض الممارس"، الذين هم ممرضون مسجلون حاصلون على درجة الماجستير الإضافية التي تؤهلهم لإجراء الاختبارات وتقديم الخدمات التي كانت مخصصة سابقًا للأطباء.

يُشير إلى أن عدد الممرضين الممارسين في الولايات المتحدة قد تضاعف ثلاث مرات تقريبًا بين عامي 2011 و2022، ليصل إلى حوالي 224,000، مع توقعات بأن ينمو هذا العدد بنسبة 40% خلال العقد القادم. يُعزى هذا التوسع، بعيدًا عن القرارات التي اتخذها المهنيون الطبيون في الستينيات لاستغلال مهارات الممرضات المسجلات بشكل أكثر فاعلية وتغيير الأنظمة الطبية، إلى تكنولوجيا المعلومات وبالتحديد السجلات الطبية الإلكترونية.

يُبرز أوتور أن عدد الممرضين الممارسين في الولايات المتحدة قد شهد زيادة تقارب ثلاثة أضعاف تقريبًا بين عامي 2011 و2022، ليصل إلى حوالي 224,000، ومن المتوقع أن يشهد هذا العدد نموًا بنسبة 40% خلال العقد المقبل. تُعزى هذه الزيادة، بعيدًا عن القرارات التي اتخذها المتخصصون في المجال الطبي خلال ستينيات القرن الماضي للاستفادة بشكل أكثر كفاءة من مهارات الممرضات المسجلات وتعديل النظم الطبية، إلى تقنيات المعلومات وبالأخص السجلات الطبية الإلكترونية.

"لقد مكنت السجلات الطبية الإلكترونية وأدوات الاتصال المحسنة الممرضين الممارسين من اتخاذ قرارات أكثر دقة"، هكذا يكتب أوتور، مُضيفًا أن الذكاء الاصطناعي يحمل القدرة على تمكين العمال الآخرين من اتخاذ قرارات كانت في السابق تُترك للخبراء.

يُشير أوتور إلى العديد من الدراسات التي تتناول تأثير برنامج Copilot من GitHub وChatGPT من OpenAI على مهام البرمجة والكتابة على التوالي. ويلاحظ أنه على الرغم من أن هذه التقنيات لم تلغ الحاجة إلى الخبرة، إلا أنها ساهمت في تحسين إنتاجية العمال الأقل خبرة.

يُؤكد أوتور على أن "الذكاء الاصطناعي يمثل نقطة تحول جذرية. فمن خلال تقديم الدعم اللازم لعملية اتخاذ القرار، عبر توجيهات وآليات حماية تعمل في الزمن الحقيقي، يُمكن للذكاء الاصطناعي توسيع نطاق العمال الذين يملكون معرفة تكميلية ليشملهم تنفيذ بعض المهام المعقدة المرتبطة بصنع القرار والتي كانت مقصورة في السابق على نخبة من الخبراء مثل الأطباء، المحامين، المبرمجين والمعلمين".

يُشدد على أن الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على تحسين جودة الوظائف لأولئك الذين لا يحملون شهادات جامعية، وتقليل الفجوة في الدخل، وخفض تكاليف الرعاية الصحية، التعليم والاستشارات القانونية، بالطريقة ذاتها التي جعلت الثورة الصناعية السلع الاستهلاكية في متناول الجميع.

ذو صلة

يوضح أوتور أنه لا يتوقع من الذكاء الاصطناعي أن يُلغي الحاجة إلى الخبرة التخصصية. ويقول إنه لن يسمح للأشخاص غير المدربين بأداء مهام متخصصة مثل القيام بعمليات القسطرة، ولكنه سيُمكّن العمال الذين لديهم أساس في مستوى المهمة من الارتقاء بمهاراتهم.

يُختتم بالقول إن هذه النتيجة ليست حتمية، لكنها تُعد ممكنة من الناحية التكنولوجية، متسقة اقتصاديًا، ومقبولة أخلاقيًا. "وعليه، ينبغي علينا ألا نتساءل عما سيفعله الذكاء الاصطناعي بنا، بل عما نرغب أن يقوم به لصالحنا".

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة