هل تفترض الأسوأ في الآخرين دائمًا؟ إليك تحليل علمي يفسر السبب

توصلت دراسة إلى أن نشاط قشرة الفص الجبهي البطني في الدماغ يتباين بين الأشخاص الذين يميلون إلى توقع الأسوأ في المواقف الاجتماعية وأولئك الذين لا يفعلون ذلك. أظهرت دراسة حديثة أن الأفراد الذين يعانون من تحيز الإسناد العدائي قد يفسرون عدم رد صديق على رسالة نصية على أنه سلوك عدائي، ويتحكم في هذا الرد جزء محدد من الدماغ. يختلف نشاط الدماغ لدى الأشخاص الذين يتأثرون بالإهانات بسهولة عن نشاط الأشخاص الأقل ميلاً للشعور بالغضب.

وتحيز الإسناد هو مفهوم نفسي يشير إلى الطريقة التي يفسر بها الأشخاص أسباب سلوكياتهم الخاصة وسلوكيات الآخرين. يميل الناس إلى اتباع أنماط معينة في إسناد الأسباب للأحداث، مما يؤدي إلى تحيزات في التفكير والحكم.

يمكن للكثيرين اعتبار الرسالة النصية غير المجابة من صديق مقرب كأمر عرضي وغير مؤذ. قد يكونوا مشغولين، أو ربما قرأوا الرسالة ونسوا الرد. ومع ذلك، من المحتمل أن يفسر البعض هذا الفعل كموقف عدائي أو عدواني، معتقدين بأن هناك تجاهلاً متعمداً. يُطلق العلماء على هذا الميل لتوقع الأسوأ "تحيز الإسناد العدائي"، الذي قد يجعل الأفراد أكثر عرضة للسلوك العدواني، ويؤثر سلباً على صحتهم العقلية، ويجدون صعوبة في الحفاظ على علاقات صحية.

تبين من دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعانون من تحيز الإسناد العدائي يعرضون نمطاً فريداً من نشاط الدماغ في قشرة الفص الجبهي البطني عندما تؤدي تصرفات الآخرين إلى نتائج سلبية بالنسبة لهم. من بين وظائف أخرى، يشترك vmPFC "قشرة الفص الجبهي البطني" (Ventromedial Prefrontal Cortex) في التنظيم العاطفي، واتخاذ القرارات، والإدراك الذاتي.

وفقاً ليوان تشانغ ليونج، المؤلف المشارك للدراسة والأستاذ المشارك في علم النفس بجامعة شيكاغو، فإن vmPFC هي منطقة دماغية مرتبة عالياً تدمج المعلومات الحسية عن العالم الخارجي مع الحالات والمعتقدات الداخلية. تشير نتائج الدراسة، المنشورة في مجلة علم الأعصاب، إلى دور vmPFC في التحكم في تفسير الفرد للمواقف الاجتماعية عن طريق دمج المعلومات حول السيناريو مع المفاهيم والذكريات المسبقة.

تسلط هذه النتائج الضوء على إمكانية تطوير طرق لتخفيف تحيز الإسناد العدائي، مثل التدخلات المستهدفة للحد من السلوك العدواني وتحسين العلاقات الصحية. في الدراسة، استمع 58 متطوعاً إلى تسجيلات صوتية لأشخاص يصفون 21 سيناريو اجتماعي افتراضي، حيث تضمنت كل قصة شخصية تقوم بأفعال قد تؤثر سلباً على المستمع.

خلال التجربة، ارتدى كل مشارك قبعة مزودة بأجهزة لقياس نشاط الدماغ باستخدام تقنية التحليل الطيفي الوظيفي للأشعة تحت الحمراء القريبة (fNIRS). لاحظ الباحثون أن التغيرات في نشاط خلايا الدماغ بمنطقة VmPFC كانت متماثلة بين الأشخاص ذوي مستويات متشابهة من تحيز الإسناد العدائي، وتختلف عند الأشخاص الذين لا يمتلكون هذا الميل.

أوضح ليونج أن هذه النتائج تدل على أن تحيز الإسناد العدائي يؤثر بشكل مستقر على كيفية استجابة الأدمغة لمثل هذه السيناريوهات، مما يؤدي إلى نمط نشاط مميز. استطاع الباحثون، بفضل قراءات نشاط الدماغ، التنبؤ بدقة تصل إلى 75% بما إذا كان الشخص يميل إلى التحيز العدائي المنخفض أو المرتفع، استنادًا إلى نمط النشاط في قشرة الفص الجبهي البطني.

كما وجد الباحثون أن المشاركين الذين أظهروا تحيزاً أقل عدائية في الإسناد حققوا درجات أعلى في استبيان يقيس مفهوماً نفسياً يُعرف بتعقيد الإسناد. هذا المفهوم يعكس مدى استعداد الشخص للنظر في وجود تفسيرات متعددة ومعقدة للسلوكيات المعينة.

وبناءً عليه، قد يمثل تعزيز التعقيد الإسنادي استراتيجية للتقليل من تحيز الإسناد العدائي ودعم التفاعلات الاجتماعية الصحية، كما يشير المؤلفون في ورقتهم البحثية.