هل يشتري المال السعادة حقًّا؟ دراسات عديدة تبحث عن الإجابة

عندما تجمع مبلغًا معينًا للطوارئ أو للأفراح، وتدعه جانبًا دون اللجوء إلى إنفاقه، ستشعر بالرضا والهدوء النفسي. إن وجود هذا المبلغ الذي تحتفظ به يمنحك الاطمئنان، حيث تعلم أنك مستعد لمواجهة أي تحدي في الحياة. هذه الاستراتيجية تمنحك الثقة وعدم القلق، وبدورها تزيد من مستويات سعادتك وتمنحك الرضى اللا إرادي.

إن وجود المال يمنح الإنسان حرية التفكير: "بغض النظر عن ما يحدث، سأكون بخير."

منذ عقد من الزمان، اعتُبر أن أصحاب الدخل العالي أنهم يعيشون حياة أكثر سعادة حتى وصولهم إلى حد دخل معين. ومع ذلك، أظهرت دراسة أجريت عام 2011، واستناداً إلى بيانات استطلاع غالوب على 1000 شخص، أن الرفاهية العاطفية تتجاوز حد الـ 75,000 دولار سنويًا بصعوبة. ولكن في عام 2021، جاءت دراسة جديدة بمشاركة أكثر من مليون مشارك لتشكك في هذا الاعتقاد، حيث أشارت إلى أن العلاقة بين الدخل والسعادة مستمرة، وذلك حتى وصول الدخل السنوي إلى 500,000 دولار.

من الضروري ملاحظة أن هذه النتائج خاصة بالولايات المتحدة، حيث غالبًا ما ترتبط المادية ونمط الحياة ارتباطًا وثيقًا بالدخل.

تدعم دراسة سويدية أجريت على الفائزين باليانصيب فكرة أن زيادة الثروة ترتبط بزيادة الرضا عن الحياة وتحسين الصحة العقلية. وحتى بعد سنوات من الفوز باليانصيب، أظهر الأفراد مرونة أعلى في مواجهة تحديات الحياة مقارنة بأولئك الذين لم يحققوا مكاسب غير متوقعة.

إذا لم يكن لديك دخل مرتفع، قد تشعر ببعض الاستياء الآن. فهناك صعوبة لكثير من الناس ان يقتنعوا بفكرة أن أصحاب الملايين يمكن أن يكونوا غير سعداء في قصورهم الفاخرة!

لكن تشير الدراسات التي أجريت في سياقات ثقافية أخرى، واستطلاع أجرته مؤسسة غالوب العالمية في مختلف البلدان، إلى أن العلاقة بين الثروة والسعادة تختلف على مستوى العالم. في هذه الحالات، لعبت العوامل غير المادية مثل التعلم والاستقلالية والاحترام والدعم الاجتماعي دورًا أكثر أهمية في تحقيق الرفاهية.

من الاكتشافات المثيرة للاهتمام من دراسة أجريت على أصحاب الملايين فاحشي الثراء أن أولئك الذين كسبوا ثرواتهم من خلال الجهد والعمل شهدوا سعادة أكبر من أولئك الذين ورثوها. يشير هذا إلى أن عملية تحقيق النجاح المالي يمكن أن تساهم بشكل كبير في الرفاهية العامة.

في السعي لتحقيق السعادة، من المهم أن نفهم أن المال، رغم ارتباطه بجوانب معينة من الرفاهية، هو وسيلة لتحقيق غاية وليس غاية في حد ذاته. إن القدرة على توفير الوقت وراحة البال والأمن والخبرات تساهم في تحقيق السعادة. وفي نهاية المطاف، فإن الثروة، سواء من حيث الدخل أو الرفاهية الشاملة، هي مفهوم متعدد الأوجه، والأفراد لديهم القدرة على العثور على السعادة من خلال طرق مختلفة تتجاوز النجاح المالي.