كبسولات علميّة متنوعة سريعة البلع – الجزء الأول
12 د
يتميّز القارئ الإلكتروني – حاليّاً هو أنت الذي تقرأ هذا المقال – بأنه قارئ سريع الملل، كثير الضجر. قد يقرأ مئات الصفحات الورقيّة في يوم واحد أو يومين، لكنه لا يستطيع أن يُطالع مقال طويل في كلامه، أو بحث مُترجم مُستفيض في شرحه.
كثرة الكلام والاسهاب في الشرح من صفات المقالات العلميّة والأوراق البحثيّة التي تقتبس منها هذه المقالات معلوماتها، وتحديداً في هذه اللحظة يحدث الاصطدام الذي لا بُدّ منه، بين رغبة التعلّم عند القارئ الإلكتروني الملول من جهة، وبين الأبحاث العلميّة الطويلة المُسهبة من جهة أخرى.
فتكون النتيجة الحتميّة إغلاق المقال وركل الجهاز، ولعن الساعة التي أراد بها أن يتعلم في مجال ما أو يقرأ معلومة جديدة يستفيد منها.
هنا تبرز لدينا الحاجة للحل المتوضّع في عنوان هذا المقال، ألا وهو الكبسولة العلميّة والتي ستتميّز بعدّة صفات لعلَ من أبرزها:
- تركيز العديد من الأخبار العلميّة والأبحاث والكثير من الترجمات العربيّة لها.
- اختصار الكم الكبير من الهراء الذي يُنسب إلى العلم من أجل تأييد مواقف مُعينة مُسبقة لدى ناشريه.
- إضافة كل شيء مُفيد سيرفع من مستوى ثقافة القارئ العربي في المجال العلمي.
ستكون اختصاراً للهراء من جهة، وتركيّزاً لما هو مُفيد من جهة أخرى، فالكبسولة ستغنيك عن الكثير من الترجمات وعناء التنقّل بين عدد كبير من المُدوّنات والمواقع. ولا سيما أنها كبسولة سهلة الفهم سريعة البلع.
قد تشمل أخباراً علميّة مُهمة أو اكتشافات جديدة، وقد تشمل أفكاراً مُلهمة ذات طابع علمي، وقد تشمل كتباً يُنصح بها في هذا المجال أيضاً، المجال العلمي.
دعنا لا نطيل كثيراً في الكلام، ولنبدأ بالجزء الأول من كبسولاتنا العلميّة سريعة البلع!
دراسة علميّة جديدة تدمّر نتائج 40 ألف بحث علمي
وصفوها أيضاً بأنها الدراسة التي ضربت علم الأعصاب في مقتل ربما لن يقوم منه، وذلك إذ أعلن مجموعة من الباحثين السويديين في شهر أغسطس عن وجود خطأ في تقنيّة التشخيص بالرنين المغناطيسي المعروفة بالـ MRI.
الدراسة السويديّة والتي نُشرت على موقع Foreign Affairs سببت زلزال في الوسط العلمي، ولا سيما أنها أوضحت أن الخطأ الموجود في البرامج الإحصائيّة لتقنيّة الـ MRI رفع من منسوب الارتياب في التشخيص والذي كان يُعتقد سابقاً بأنه لا يتجاوز 5%، أمّا بعد الدراسة فقد تبيّن أنه ربما وصل لـ 70% دفعة واحدة.
الأمر ليس مُجرّد 1 أو 2 أو 10 بل فارق 65% هي نسبة الخطأ.
فلربما إذن لم يكن الخلل في الأمراض والأوبئة، بل في الطريقة التي تُفحص فيها وتُشخّص بها، الخلل – ربما – ليس بالمرض، بل بالنظارات التي ننظر بها ونتعرّف من خلالها على هذا المرض ونعاينه.
من ناحية أخرى هزّت الدراسة الجديدة آلاف الأبحاث العلميّة المُتعلّقة بالحب والنفس البشريّة وكيمياء الدماغ وغيرها من الدراسات التي جرّدت الإنسان من إنسانيته وجعلته مجموعة من المواد الكيمياويّة والإفرازات والعُصارات التي تُحركه، والتي بسببها يشعر بالفرح والحزن، وربما يتديّن بسببها حتى.
كما انتقدت الدراسة ما سمّته ” الإيمان الأعمى ” بالعلم المادي البحت، الذي كما قلنا حوّل الإنسان لآلة مكسوّة بالعضلات والجلد. ونبّهوا إلى أهميّة تعزيز دور العلوم الأخرى، كعلم النفس والاجتماع وغيرها ممن يبحث في موضوع الإنسان والبيئة أيضاً.
صراع العلم والدين موجود فقط في عقولنا
كلعنة نعيشها اليوم، ولا شك أنّ مَن عاش قبلنا أيضاً قد عانى منها، هي لعنة الصراع الأبدي بين أبرز المُتخاصمين في حلبة الحياة. لعنة الاختيار ما بين العلم والدين الذي جعل منه البعض واجباً وفرضاً لا بد منه على كل فرد، كاختيارك لفرعك الجامعي عند الانتهاء من المرحلة الثانويّة.
فالاختيار لازمٌ عليك، إما أن تختار العلم الفيزيائي المادي البحت، أو أن تختار الايمان العاطفي الأعمى، ولا يوجد خيار ثالث بينهما، أو هذا ما كان يُصوّر دائماً لك.
الدراسات الجديدة أثبتت عكس ذلك، إذ قام مجموعة من الباحثين على رأسهم ” تـوني جـاك ” بتغير وجهة النظر السائدة عن هذا الموضوع، فالصدام الذي كان حتمياً ما بين المُمثل الشرعي للدين وهو ” الإيمـان ” والمُمثل الشرعي للعلم وهو ” الدليـل ” لم يعد صداماً واقعيّاً بقدر ما هو تضارب في العمل داخل خلايا أدمغتنا.
ضمن هذه الدراسة التي قام بها جـاك والتي احتوت على ثماني تجارب، وُجِدَ من خلالها أن الإيمان بالله والروح والقوة الحاكمة يُفعّل في الدماغ ” الشبكة العاطفيّة ” أما الإيمان بالعالم الفيزيائي المادي فيفعّل في الدماغ الشبكة المُعاكسة وهي ” الشبكة التحليليّة “.
وأضاف جـاك أن المتدينين ليسوا أقل ذكاءً من غيرهم، إنما هم غالباً ما يكونون أكثر تعاطفاً وإيجابيّةً وأملاً، وهذا ما يُفسر أيضاً أنّ النساء هم أكثر تديّناً من الرجال، وذلك بسبب الميل العاطفي الشديد عندهم أكثر من الرجال.
أما الذين يؤمنون بالماديّة البحتة فهم غالباً ما يميلون ليكونوا مرضى نفسيين بسبب نقص تعاطفهم مع الآخرين، ونقص الإيجابيّة والأمل لديهم.
وقد وجد الباحثين أن الشبكتين – العاطفيّة والتحليليّة – دائماً ما تقومان بقمع عمل بعضهم وتثبيطه، وهذا ما يُفسر الصراع بين العلم والدين والذي هو في أصله صراع شبكات داخل أدمغتنا.
لكنّ ما توصل إليه جـاك وفريقه البحثي في النهاية، أنه في حال وجود الظروف الملائمة فإن الشبكتان تعملان معاً بدون أية تضارب، فكم من عالمٍ عبقري كان متديّناً أيضاً.
وقد لخّص جـاك هذه الفكرة بعبارة وجيزة في الحروف إلا أنها غنيّة في المعنى عندما قال: بإمكانك أن تكون مُتديّناً ورعاً وفي نفس الوقت عالماً مُبدعاً.
فالصراع بين العلم والدين غير موجود إلا في عقولنا، والاختيار الذي يُوضع أمام الجميع بأنه يجب عليك أن تختار بين أحدهما هو اختيار وهمي، فالأمر برمته ما هو إلا تضارب شبكات في الدماغ، باستطاعتك في ظروف مُلائمة أن تجعلهما يعملان معاً، فتصبح متديّناً عاطفيّاً وعالماً تحليليّاً.
سلسلة عباقرة بريطانيا: مهد العلم الحديث
بشكل خاص وبعيداً عن كل دول العالم، عندما نتكلم عن الحضارة فإن بريطانيا هي الدولة الأهم في هذا المجال، بريطانيا هي الدولة التي تستحق أن تُقرن دائماً بكلمة الحضارة عند ذكرها، وخصوصاً في المجال العلمي.
فلربما لن تجد فيها ناطحة سحاب واحدة أو برج عالي يُناطح الغيوم، إلا أن حضاراتها تفوق أعلى ناطحات السحاب عُلواً، وذلك على العكس من الكثير من الدول التي بنيانها قد قارب الغيوم إلا أن حضاراتها ما تزال قابعة في كهوف ظلام القرون الوسطى.
فالكلام عن الحضارة عموماً وعن العلم الحديث خصوصاً هو الكلام عن بريطانيا، وعن علماءها العباقرة أيضاً.
ولعلَ أبرز مَن تحدّث عن نشأة العلم الحديث وتطوّره في بريطانيا سلسلة الوثائقيّات المُسماة ” عباقـرة بريطانيـا ” والتي صدرت في عام 2010.
تبدأ حلقات هذه السلسلة قبل حوالي 350 عام من الآن لتتحدث عن كيفيّة فهم عمل الكون في تلك الفترة، وكيف كانت نظرة نيوتن للجاذبيّة وتصوّراته الأخرى عن آليّة نظام الكون، وكيف بُنيت العديد من التجارب ومن بعدها الاختراعات على هذه التصورات ثمّ أخذت بالتطور جيلاً بعد جيل إلى أن وصلت على ما هي عليه الآن بين أيدينا.
السلسلة مُهمة جداً لمعرفة كيفيّة نشوء العلم الحديث وتطوره بدءاً من الأقدم وحتى الأحدث، كما أنها مُوجزة وغير مُملة، فهي عبارة عن 5 حلقات مُقسّمة إلى مجموعة من العلماء حسب أزمنتهم التي عاشوا فيها، بالإضافة لشرح بسيط عن كل شيء اخترعوه وطوّروه في مسيرة تقّدم العلم نحو ما هو عليه الآن.
الجزء الأوّل والبداية مع نيوتن، ونظرته للكون وآليّة عمله ستجدونها هنا على اليوتيوب.
أما الأجزاء الأخرى، وبقيّة عباقرة بريطانيا الذين مهّدوا للعلم الحديث تجدوهم هنا حسب التقسيم، وحسب تسلسلهم الزمني.
- الجزء الثاني: هنا.
- الجزء الثالث: هنا.
- الجزء الرابع: هنا.
- الجزء الخامس: هنا.
كراش كورس: تبسيط العلوم في عشر دقائق
نكرر مرة أخرى، القارئ الإلكتروني قارئ ملول. والأمر ليس مُقتصراً فقط على القارئ بل المشاهد الإلكتروني أيضاً يمتلك هذه الصفة، فمشاهدة الفيديوهات المطوّلة قد يُصيب الكثير منا بالملل والضجر، وقد نتوقف في كثير من الأحيان عن المشاهدة بسبب طول المدة، حتى لو كان ما نُشاهده مُهم بالنسبة إلينا، لكن الملل يقتلنا.
وتحاشيّاً لهذا الملل، ولا سيما في حالة الوثائقيّات العلميّة المطوّلة، ظهرت العديد من المُبادرات التي اتاحت العلوم بشتى أنواعها بشكل مُبسّط ومُختصر على شكل فيديوهات لا تتعدى العشر أو الخمسة عشرة دقيقة كحدٍ أقصى.
ومن أبرز هذه المبادرات، كانت كراش كورس ” Crash Course ” والتي أصبحت من أبرز القنوات العلميّة المُبسِّطة للعلم على اليوتيوب. ولا سيما من خلال عرضها لشتى أنواع العلوم عبر مجموعة من الشبان التوّاقين للمعرفة، لعلَ من أبرزهم وأشهرهم هانـك غريـن وأخوه جـون غريـن مؤلّف رواية ” The Fault in Our Stars ” والتي أصبحت الفيلم المعروف لدى الجميع في عام 2014.
جمال هذه القناة – كراش كورس – يكمن في بساطتها في الطرح، الفيديو لا يتعدى العشر دقائق إلا أنه يحتوي على الكثير من المعلومات المُفيدة والمُختصرة المُبسِّطة لجميع مجالات العلوم على اختلافها.
ولعلَ من أبرز هذه الفيديوهات، ما شرحه هانـك غريـن في خمس حلقات مُتتالية تحت عنوان ” كورس في علم النفس ” والذي يمكنك مشاهدته باللغة العربية المُترجمة من هنا.
كما أن هناك مجموعة أخرى من هذه الفيديوهات التي تعد من أكثر الفيديوهات مُشاهدة على هذه القناة.
- تاريخ الحرب العالميّة الثانية.
- سقوط الإمبراطوريّة الرومانيّة.
- النواة.
- الحرب الباردة.
وغيرها كُثر، يمكنك مشاهدتها من خلال الدخول إلى قناتها المُخصصة على اليوتيوب. صحيحٌ أن اللغة المُستخدمة هي الانكليزيّة إلا أنها سهلة وواضحة لدى المتوسطين فيها، كما أن خاصية الترجمة في اليوتيوب موجودة، بالإضافة لتعريب الكثير من الفيديوهات وانتشارها على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.
والقليل من العذاب في الترجمة، لا يمنع من مشاهدة الفيديوهات القيّمة والمُمتعة التي تبثها هذه المُبادرة الهادفة، مُبادرة كراش كورس.
التفكير العلمي: كتاب يجب أن يُدرّس
لو عجزت المدرسة والتعليم المدرسي وربما الجامعي حتى في تعليمنا شيء مُهم لا بد منه، لكان هو التفكير العلمي. فالمدرسة ومن بعدها الجامعة جعلت منك عاملاً، مُجرّد آلة قادرة على العمل والإنتاج. ربما تقوم بالهندسة أو الصيدلة، لكنها مُجرّد آلة تعمل بدون تفكير وبدون تساؤلات. تعلّمنا أن نعمل لكن لم نتعلم أن نسأل أو نفكر.
فالتفكير بمطلقه، والعلمي بخصوصه هو أبعد ما يكون عن المدارس والجامعات، فلم نتعلمه فيهم ولم يعلمونا أنه يجب أن نتعلمه أيضاً.
لكن الأمل لم يفت بعد، فكتاب التفكير العلمي لصاحبه الدكتور ” فـؤاد زكريـا ” قادر على إعادة تفعيل هذه المَلكة الموجودة في عقولنا، مَلكة التفكير العلمي التي ستقودنا للخوض في بحار العلم على اختلافها.
مهما تكلمت في هذا الكتاب فلن أوفيه حقه، الملاحظات التي دوّنتها بعد قراءته لا تُحصى لدرجة أني حفظت أجزاء كاملة منه، وذلك بسبب أهميته القصوى من جهة، وبسبب سهولته التي تدعوك لحفظه بدون عناء من جهة أخرى.
ولعلَ من أبرز فصوله الستة التي قُسّم إليها الكتاب، فصل سمات التفكير العلمي والذي يتحدث عن أبرز الصفات الموجودة في التفكير العلمي والتي كانت ( التراكميّة – الشموليّة – الدقة – التنظيم … الخ ).
كما أن فصل العقبات التي تواجه التفكير العلمي من أهم فصول الكتاب أيضاً، والتي تشرح لنا ما هي أبرز الإعاقات التي وقفت في وجه العلم وكان من أبرزها:
- الأساطير والخرافات.
- الخضوع للسلطة.
- الإعلام المُضلل.
- القِدم.
باختصار، الكتاب يجب أن يُدرس في المدارس والجامعات بدلاً من الهراء الذي تجرعناه في أيام مدراسنا وجامعاتنا، لكن هذا ربما لم يحصل، ولا سيما أن التفكير العلمي ليس في مصلحة من لا يريدون منا إلا أن نعمل ونبقى كآلات إنتاج فقط.
بالتالي اعتمد على نفسك، واجعل تفكيرك من الآن وصاعداً تفكيّراً علميّاً واعيّاً لحقيقة ما يجري، من خلال قراءة كتاب التفكير العلمي من هنا.
سبع أفكار علميّة هزّت العالم
مسيرة العلم منذُ نشأته وإلى الآن لم تكن على وتيرة واحدة بل كانت مُتغيّرة باستمرار، خصوصاً في تلك الفترات التي يظهر فيها مجموعة من العباقرة الذين يُبدعون أشياء جديدة في مجالاتٍ احترفوها، فيكذّبون ثمّ يكذّبون ثمّ يُصدقون، ثم تصبح نظرياتهم معروفة لدى الجميع وتُخلّد أسماءهم ضمن لوائح علماء العالم وعباقرته.
فالعلم كجهاز تخطيط القلب، إن كان على نفس الوتيرة فالجسد العلمي ميت قطعاً، وإن كان في صعود مُستمر فهناك خلل ما، أما حالته الطبيعيّة فهي الصعود والهبوط، هبوط ثمّ صعود ثمّ صعود، وليس استمرار دائم بدون أية صعود أو هبوط.
وأبرز محطات الصعود التي حدثت في تاريخ العلم وغيّرت في مسار خطّه الزمني كانت عبارة عن سبع أفكار علميّة هزّت العالم وصدمته، وغيّرت عدّة مفاهيم كان الناس يؤمنون بها ويصدقونها.
فلو قلنا لأحد الناس قبل اكتشاف نيوتن للجاذبية، بأن التفاحة تسقط على الأرض بفعل قوّة خفيّة تشد الأشياء نحو الأسفل تسمى الجاذبيّة لأُغشي عليه من الضحك واستلقى على قفاه من هول الموقف، أما الآن فكل إنسان مُنكر لهذا القانون فهو إما معتوه أو يتظاهر بالعته. فلربما كانت خُرافات اليوم هي حقائق المستقبل، وحقائق اليوم هي خرافات المستقبل.
” أفكار سبع هزت العالم ” كتاب يتناول هذه التطوّرات التي هزّت العالم وغيّرت مفاهيمه السائدة ضمن فصول ستة نذكر من أبرزها:
- فصل علم الفلك الكوبرنيكي: وهي نظرية كوبرنيكوس التي صدمت العالم وغيرت النظام البطلمي القديم الذي كان يقول بأن الأرض هي مركز الكون.
- فصل نيوتن والسببيّة.
- فصل النسبيّة: وما فعله آينشتاين عندما جاء بنظريته التي نسفت أفكار نيوتن فيما يتعلق بمفهوم الزمان والمكان.
- فصل النظريّة الكميّة ونهاية السببيّة.
وعدّة فصول أخرى لا تفوّت فرصة الاطلاع عليها، والتعرّف على هذه الأفكار التي غيّرت العالم وغيّرت طريقة التفكير به من هنا.
ركّزوا على العلم الجميل، الكونيّات مثلاً
خصوصاً لدى سكان الوطن العربي، البُقعة البائسة من هذا العالم، التي عانت ومازالت تُعاني من الأمريين خصوصاً في هذه الأيام وخلال هذه الدقائق والتي ربما أحد القُرّاء الحاليين لهذا المقال يُطالعه والطائرة تحوم فوق منزله، ولربما الرصاص قد اخترق نافذة غرفته للتو، ولربما هو نفسه في حالة إصابة أرجوا من الله أن يُعافى منها وألا يُصاب بها من الأساس.
العلم كله بديع، لكن بالنسبة لنا – سكان الوطن العربي – فقد مللنا من الأمور المُتعلّقة بالانفجارات، المُتعلّقة بالدمار وفنون القتال. ابتعد عن هذه الأنواع من العلوم التي أصبحت من نشاطات يومنا الاعتياديّة أن نراها بشكل مُباشر على أرض الواقع، وركّز بدلاً منها على العلم الجميل، لا على العلم الجاف الذي لا يهتم سوى بتفاعلات الانفجارات الكيميائيّة وفنون القتال، وتاريخ صناعة الأسلحة والديناميت.
حمّل جميع تطبيقات ناسا المُهتمة بالفضاء، لا تترك صورة لسديم إلا وقد شاهدتها وتأملت فيها لدقائق وحتى لساعات، تأمّل في عظمة هذا الكون وفي ابداعاته، استشعر حجم صغرنا في هذا الكون المُمتد إلى اللانهاية وما بعدها.
ركّزوا على العلم الجميل، سيحسّن من نظرتكم للأمور مهما كانت الظروف صعبة وقاسية، إلا أن النهاية ستأتي حتماً، ولن تصبح كل هذه الأشياء المريرة إلا مُجرّد قصاصات ورق داخل مدينة ذكرياتنا.
شاهد سديم عين القط، ورأس السلحفاة، وذنب البقرة، اهتم بتجلّيات الكون البديع المُتجسدة في لوحات لا يستطيع اللسان إلا أن يعجز أمام جمالها وعظمتها، اهتم بهذه اللوحات الفنيّة التي تبعد عنا مئات الآلاف من السنين الضوئيّة، تنشّق منها رائحة غازات الهيدروجين والصوديوم وسافر من خلالها إلى تلك العوالم البعيدة.
فلربما تكون أملاً في الهائنا عما نعيش فيه من مآسي وخيبات، لعلَ نهايتها تكون قريبة وليست ببعيدة.
لحد الآن، كانت هذه كبسولتنا العلميّة الأولى. لن أطيل أكثر حتى لا تصبح هذه الكبسولة صعبة الهضم وعسيرة البلع، فقد وعدتكم في البداية أنها سلسة القراءة والفهم وبدون أية أعراض جانبيّة تُذكر.
الكبسولة الثانية ستشمل المزيد من الأفكار، المزيد من الدراسات العلميّة والكتب وغيرها من عناصر العلم التي يجب أن نتسلح بها، والتي حتماً ستزيد من نضوجنا العلمي وسترفع من لياقاتنا الفكريّة في جميع الميادين على اختلاف أنواعها وتشعّب دروبها.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.