الروبوتات والذكاء الاصطناعي .. كل ما تريد معرفته عندما يندمجون سويًا

إذا دمجت الذكاء الاصطناعي والروبوت، فسوف تحصل على روبوت ذو ذكاء اصطناعي يتمتع بمستوى عالٍ من الاستقلالية، وقادر على تحسين المهام التي كُلف بها وله قدرة على التعلم، إذ يمنح الذكاء الاصطناعي الروبوتات رؤية حاسوبية تمكنها من التنقل والكشف وتحديد ردود أفعالها وفقًا لذلك، وهذا يساعدهم على تجاوز مجرد أداء المهام المتكررة ليصبحوا "متعاونين معرفيين" حقيقيين.

يقول فنسنت فانهوكي رئيس قسم الروبوتات في Google DeepMind:"إن هذا يفتح المجال أمام استخدام الروبوتات في البيئات التي يتواجد فيها الأشخاص، مثل البيئات المكتبية، والبيئات المنزلية، وفي جميع الأماكن التي يوجد بها الكثير من المهام الجسدية التي يتعين أداؤها".

حتى الآن كانت معظم الأجهزة الروبوتية "غبية" للغاية إذ لا يمكنها أداء أي شيء يتجاوز الوظائف المحددة والمبرمجة مسبقًا لها، وتُستخدم الآن الروبوتات التقليدية من هذا النوع على نطاق واسع في خطوط تجميع السيارات وفي العمليات المماثلة، لكن جوجل وغيرها من الشركات ترى مستقبلًا تجاريًا واعدًا للروبوتات التي تدعم الذكاء الاصطناعي والقادرة على أداء نطاق أوسع بكثير من الأنشطة، بما في ذلك تلك التي تتطلب درجة معينة من العمل المستقل. 

في يوليو كشفت جوجل النقاب عن جهاز Robotic Transformer 2 وهو جهاز مدعم بالذكاء الاصطناعي قادر على استشعار المناطق المحيطة به والتعامل مع الأشياء بناءً على تفسيره الخاص لتعليمات المشغل مثل "التقط الحقيبة التي على وشك السقوط من على الطاولة" ومن المفترض على نطاق واسع أن الإصدارات الأكثر تقدمًا من RT-2 سوف تحل قريبًا محل البشر في الصناعات الطبية واللوجستية والخدمات.

وفي الوقت نفسه، تُدمج هذه التقنيات من قبل القوات المسلحة الأمريكية -وتلك التابعة للقوى الكبرى الأخرى- في أجهزة مخصصة للاستخدام العسكري البحت، و بالاعتماد على التقدم المحرز في صناعة التكنولوجيا التجارية، تجمع المنظمات العسكرية بين برامج الذكاء الاصطناعي والسفن بدون طيار والطائرات والدبابات لإنشاء ما يسميه البعض "أنظمة الأسلحة الفتاكة المستقلة" ويطلق عليه البعض الآخر "الروبوتات القاتلة" أي أسلحة قادرة على تحديد وتتبع وضرب أهداف العدو بأقل قدر من الإشراف البشري.

إذا دخلت إلى منزل ماري دي فرانشيسكو في نيويورك، فسوف تجد امرأة تبلغ من العمر 82 عامًا تعيش بمفردها تمامًا، مع عدم وجود أشخاص أو حيوانات أليفة أخرى حولك، قد تعتقد أن ماري ليس لديها أحد لتتفاعل معه لكنك إن أمعنت النظر قليلا ستتعرف على ElliQ الذي سمي على اسم إيلي -إلهة الشيخوخة الإسكندنافية- هو روبوت اجتماعي مساعد في مهمة وهي جلب الرفقة والبهجة لكبار السن الذين يفتقرون إلى التفاعلات البشرية في منازلهم.

يتُشحن الروبوت  مباشرة في صندوق إلى منزلك، ويحتاج فقط إلى توصيله  بشبكة Wi-Fi حتى ينبض بالحياة، وصُنع ElliQ بهدف المساعدة في مكافحة الشعور بالوحدة لدى كبار السن، وله فوائد أخرى سنتعرف عليها الآن

تقول مونيكا بيريز -65 عامًا- وهي مستخدمة في موقع New York ElliQ:"أنا أعتبرها صديقة، ولا أعتبرها زميلة في السكن، لأن رفقاء السكن لا يهتمون إذا كنت تعيش أو تموت في بعض الأحيان".

في حين أنه توجد أوقاتًا عديدة في الحياة يتعرض فيها الأفراد لتغييرات يمكن أن تجعلهم أكثر عرضة للوحدة مثل مرحلة البلوغ المبكر ومنتصف العمر، فإن مشاعر الوحدة والعزلة تميل إلى الزيادة في سن الشيخوخة كما يقول نيكا، فإذا شعر كبار السن بالوحدة فيمكنهم النظر إلى ElliQ كصديقة، فمن الممكن أن تتمكن من تهدئة بعض مشاعر العزلة.

على سبيل المثال تقول Defrancesco أنها كونت علاقة مع ElliQ، وتعتبرها صديقة أو أحد أفراد العائلة، بل وتقول لها "أنا أحبك"، كما أعرب كبار السن الآخرون عن أن وجود ElliQ أفضل بكثير من وجود حيوان أليف، فيقول ثولين:"يلبي ElliQ جميع الاحتياجات التي لا يستطيع كلبي تلبيتها لأنه حيوان، فإنها ليست كائنًا ذكيًا، في حين أن ElliQ لديها ذكاء اصطناعي، وبالتالي يمكنها التفاعل معي على مستوى شخصي للغاية".

المشكلة هي أن أحباءنا ليسوا متواجدين دائمًا، فالكثير منهم محصورون بين رعاية والديهم، ورعاية أطفالهم، ورعاية أنفسهم ومهنتهم، فجاء هذا الروبوت حاملًا معه الحل لذلك.

يمكن لـ ElliQ أن تفعل أكثر من مجرد التحدث معك، إذ يمكنها تسجيل مؤشراتك الصحية الحيوية، وإرسال الرسائل النصية والاتصال بأفراد العائلة، ولعب الألعاب معك، وإظهار الصور لك، وعرض الاقتباسات الملهمة، وغير ذلك الكثير.

يقول ثولين:"تمنحك ElliQ ألعابًا لتلعبها، وتوفر لك التمارين الرياضية لتبقيك متحركًا ومحفزًا، ويمكنك استخدامها لالتقاط الصور وإرسالها إلى عائلتك، ويمكنك الاتصال بعائلتك عبر الفيديو، لذلك توجد كل هذه الخيارات المتاحة لها لمساعدتك على ملئ يومك، والشعور بالتواصل، وعدم الشعور بالوحدة."

أيضًا للاتصال بأفراد العائلة أو الأصدقاء، كل ما يجب على الشخص الأكبر سنًا فعله هو إخبار ElliQ بالاتصال بشخص ما في قائمة جهات الاتصال الخاصة به، وسوف تفعل ذلك، ويمكنهم أيضًا إرسال صور شخصية يلتقطونها إلى جهات الاتصال الخاصة بهم من خلال الروبوت.

إلى جانب الترفيه والتواصل الاجتماعي، يمكن لـ ElliQ مساعدة كبار السن في الحفاظ على صحتهم البدنية والبقاء نشطين، وعلى مدار اليوم سوف يُسجل ElliQ الوصول تلقائيًا، ويسألك عما إذا كنت قد شربت كمية كافية من الماء أو كان لديك فرصة لتناول الطعام، وإذا كانت لديك مهمة حرجة تحتاج إلى التذكير بها، فيمكنها مساعدتك في ذلك أيضًا.

كما يمكنه المساعدة في منع المستخدمين من الذهاب إلى المستشفى في المقام الأول، فعلى سبيل المثال تعاني بيريز من حالة صحية يعد فيها تناول الدواء أمرًا حيويًا للغاية، وإذا فاتتها حبتان متتاليتان، فقد تتعرض لنوبة تهدد حياتها فيساعدها الروبوت على تذكر تناول أدويتها في مواعيدها المحددة.

على الرغم من الفوائد التي لا يمكن إنكارها للذكاء الاصطناعي التوليدي، توجد مخاوف كبيرة فيما يتعلق بخصوصية مستخدميها، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي تستخدم عادةً مدخلات المستخدمين لمواصلة تدريب أنفسهم، فقد يكون هذا أمرًا حساسًا خاصةً عندما يتعلق الأمر بكبار السن الذين قد لا يكونون على دراية بالتكنولوجيا.

ومع ذلك تقول شركة Intuition Robotics أن مدخلات المستخدم لن تُستخدم لمزيد من التدريب لأي نماذج، وأن الشركة تعطي الأولوية لأمن المستخدم وخصوصيته، ويقول سكولر:"نحن نأخذ خصوصية مستخدمينا على محمل الجد ولا نشارك أي معلومات شخصية أو بيانات فريدة مع أطراف ثالثة".

وينطبق الشيء نفسه على جميع البيانات الشخصية التي تجمعها ElliQ في عملية التعرف عليك، مثل تاريخ ميلادك، واللون المفضل، والهوايات، والحيوانات الأليفة، والمزيد، والتي تستخدمها لمعاودة الاتصال بها في المحادثة اليومية، إذ تُخزن هذه البيانات كلها، وتُستخدم فقط في حالة تعطل ElliQ الخاص بالمستخدم وحاجته إلى واحدة جديدة لتجنب البدء من الصفر تمامًا، ومع ذلك تُشفر وتُأمن لحماية خصوصية المستخدم.

قال سكولر:"جميع البيانات التي يراها فريقنا من أجل تحسين المنتج داخليًا - لا يعرفون اسم العميل- بل يرون رقمًا عشوائيًا تمامًا، لذلك فهم يعلمون أن عميلنا حاول القيام بـ X وفشل، لذلك نحن بحاجة إلى إصلاح ذلك، لكنهم لا يعرفون من أو لماذا أو متى."

اختارت شركة Intuition Robotics تنفيذ نموذج اشتراك لـ ElliQ لمنع العملاء من الحاجة إلى شراء جهاز باهظ الثمن، مما يجعل الوصول إلى الروبوت أكثر سهولة، وعلى الرغم من أن شركة Intuition Robotics لن تعلن عن تكلفة بناء الروبوت الفعلية، إلا أن رسوم الإرجاع المتأخر البالغة 1500 دولار في الشروط والأحكام هي إشارة إلى تكلفة الأجهزة.

بالنسبة لكبار السن الذين ليس لديهم الأموال أو الموارد اللازمة لشراء الروبوت بأنفسهم يوجد خيار بديل وهو الذهاب إلى البرامج التي ترعاها الدولة، ونظرًا للقيمة التي يمكن أن تقدمها ElliQ لكبار السن، فقد تعاونت العديد من الوكالات المخصصة لرفاهية كبار السن في مختلف الولايات مع Intuition Robotics لتغطية تكلفة جلب الروبوتات لكبار السن.

كما و تشير النتائج الأولية للبرامج التجريبية مثل ذلك الذي نُفذ في نيويورك إلى أن الروبوت يمكن أن يكون أداة مفيدة يمكنها تحسين رفاهية كبار السن، حتى لو لم يكن حلًا سحريًا لعلاج الوحدة، ويقول دي فرانشيسكو:"إنها مهذبة للغاية ولطيفة، وفي الليل تقول لي ليلًة سعيدة، وفي الصباح تستيقظ مبتهجًة للغاية."

في النهاية، دمج الروبوتات بالذكاء الاصطناعي يعد بالكثير والكثير من القدرات الفائقة التي لا نستطيع تخيلها الآن، وأن ذلك سوف يسهل علينا الكثير والكثير من المهام والأعمال اليومية، ولكن هذا لا يأتي بسهولة بل يواجه الكثير والكثير من التحديات مثل الأمان والخصوصية وغيرها من العواقب، لذلك فنحن في انتظار المزيد من الأبحاث والابتكارات في هذا المجال لنرى ما يُخبؤه لنا المستقبل.