في مجتمع يشكك بكافة قدراتها.. من الأفضل لتلقّي المناصب، الرجل أم المرأة؟
4 د
في حال أنك ولدت امرأة في هذا العالم لابد أن تكوني محاربة من الطراز الرفيع، بالأخص إذا ولدت مثلي في بلاد عربية، عموماً المرأة هنا مهما بلغت من الثقافة و النبوغ والنفوذ فهي غالبًا في موضع شبهة وتشكيك وبنصف عقل في أحسن الأحوال.
قد تحدث عشرات الحوادث المرورية المروعة في اليوم الواحد، لكن يكفي في إحداها أن تكون السائق امرأة حتى يصبح الحادث أمرًا متوقعًا وقد تنهال عشرات الشتائم على امرأة حديثة القيادة لكونها فقط تأخرت في ركن سيارتها.
الكثير منا قد يتحاشى الكشف عند الطبيبات النساء شكًا في خبرتها وكفائتها-كونها امرأة- والكثير الكثير من هذه القصص، هنا يخطر في بالي سؤال مهم : هل فعلًا يتفوق الرجل على المرأة في العقل والعمل؟ وهل يعتبر الأجدر في تولي القيادة؟
في هذا المقال لست من الفيمنست ولست من أعداء الرجال ولا من مناصري النساء، لكن دعونا ننظر إلى الوضع خارج هذه الزوبعة أو بمعنى أدق لننظر إلى الوضع بعين إنسان.
لماذا ينظر للرجال على أنهم قادة؟
يميل الرجال إلى أن يكونوا أكثر حزماً وهيمنة، في حين تميل النساء إلى أن يكونوا أكثر اجتماعيًة وتعاونية ورعاية. ونتيجة لذلك، من المرجح أن يكون صوت الرجال أعلى ويعبروا عن آرائهم خلال المناقشات الجماعية بقوة ووضوح أكبر، وأن ينظر إليهم الآخرون على أنهم قادة.
— إن إظهار الحساسية والاهتمام بالآخرين - وهي سمات أنثوية نمطية - يجعل الشخص أقل احتمالاً لأن يُنظر إليه على أنه قائد". "ومع ذلك، فإن تلك الخصائص نفسها هي التي تجعل القادة فعالين.
وبالتالي، وبسبب هذا التحيز اللاواعي ضد السمات المجتمعية، قد تقوم المنظمات عن غير قصد باختيار الأشخاص الخطأ لأدوار قيادية، واختيار الأفراد الذين يتمتعون بصوت عالٍ وواثقين ولكنهم يفتقرون إلى القدرة على دعم تطور أتباعهم ونجاحهم.
بماذا يتميز القادة الذكور والإناث؟
من حيث الجوانب الرئيسية لأساليب القيادة بينت الدراسات أن النساء تتميز بنسبة كبيرة بأنهن أكثر قدرة على التواصل والتعاطف، وأنهن الأجدر للتوصل إلى حل وسط وبأن عملهم يعتبر نموذجًا يحتذى به. لكن الجمهور يعتبر أنه لا فرق بين الجنسين إلا في صفة الرحمة حيث يتفوق الرجال على النساء في ميزة تحمل المخاطر بما في ذلك كونهم حازمين وحاسمين وطموحين ولا يخضعون لسيطرة العواطف.
آن ماري تياني، عالمة بارزة في مركز الغابات الدولية في جمهورية كونغو الديمقراطية(CIFOR) ومنسقة تعتبر أن عدم المساواة بين الرجل والمرأة هي التي تقسم السلطة، حيث يعد افتقار المرأة إلى التأثير في عملية صنع القرار السياسي في أغلب دول العالم يجعل الكفة ترجح إلى الذكور، في معظم الأحيان أن تكوني "امرأة "يعني أن تكوني عاجزة، هادئة، مطيعة، وعلى النقيض من ذلك فإن الرجل الحقيقي قوي صريح، مسيطر وقادر على فرض إرادته، خاصة فيما يتعلق بالنساء، أيضًا النمط الاجتماعي يعتبر أنه من غير الطبيعي أن تتحدث المرأة علنًا وتفرض سطوتها على الرجال، لأن "القوة تعني الذكورة"والتسويق لفكرة أن خدمات المرأة تتعلق بالأمور الجنسية والخدمية في كثير من المناطق، مما يخلق عدم المساواة في السلطة
سبب آخر مهم وهو أن معظم المؤسسات السياسية والاقتصادية يهيمن عليها الرجال "النخبة"، مما يجعل أشكال السلوك والقواعد ذكورية، لذلك نجد نوعين من السلطة وهي سلطة الرجال على النساء وسلطة الرجال الأكثر" ذكورية "على الجميع.
وهذا يفسر الكثير لنا، حيث يسيطر معنى "القوة"على كل شيء والذي يعني جعل شخص آخر يفعل ما تريد أن تفعله، مما يعني تمكينًا هيمنة الذكور على السلطة من حيث تحديد النساء في أدوار مثل دور الزوجة أو الأم.
المرأة ليست بريئة من دمائها!
في الديانة المسيحية يعتبر الرجل" رأس" المرأة، وفي الإسلام يعتبر الرجل قائمًا على المرأة وهو المنفق عليها ويجب عليها طاعته فيما يرضي الله، هذا يجعل الطريق ممهدًا للرجل أكثر من المرأة لتولي المناصب العليا ويجعل وجود أي امرأة في مناصب عليا موضع استخفاف.
في المجتمع العربي يسود النظام الأبوي أو النظام الذكوري وهو تنظيم اجتماعي يتميز بسيادة الذكر الرئيس (الأب) وتبعية النساء والذريّة له بما فيه التبعية القانونية، وتفترض التوريث واستكمال الإنتساب للذكور من السلالة ويدعمها في ذلك الأعراف والتقاليد، كل هذا يدعم الرجل كقائد ويسهل عليه الطريق للوصول للمناصب.
برأيي من الخطأ أن نقول أن الرجل أو أن المرأة هي القائد الأفضل، لأن القائد الحقيقي هو الذي يمتلك صفات القائد والقابلية للتطور والمرونة النفسية والعقلية بغض النظر عن جنسه، وإلى أن نصل إلى مرحلة يعامل فيها الإنسان حسب جدارته وصفاته الشخصية وليس بحسب جنسه أو لونه أو طبقته علينا أن نتغلب على كل التشوهات النفسية والاجتماعية والثقافية.
بعيدًا عن موضوع الرجل والمجتمع وكل ما سبق، يجدر بنا السؤال:
أليست الأم التي تميز ابنها على ابنتها مشاركة في هذا الظلم؟ كيف لرجل ربته امرأة على أنه أفضل من أخته أن يعترف بأن النساء شقائق الرجال في الحياة والسلطة؟ وكيف لامرأة قبلت أن تسرق زوج امرأة آخرى أن تساند المرأة في اكتساب مكانتها كإنسان كامل مسؤول!؟ وكيف لامرأة دفعتها الغيرة أن تشوه سمعة امرأة آخرى لأنها ناجحة ومتحررة أن تسند المرأة؟ وكيف وكيف وكيف.
لذلك قبل أن تشير المرأة بأصابع الاتهام إلى الرجل عليها أن تعلم أنها غير بريئة من دمائها..
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.