تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

أسرار وألغاز الكون.. ماذا تعرف عن ظاهرة السوبرنوفا المدهشة؟

غادة الجوهري
غادة الجوهري

5 د

في أعماق الكون، حيث تبدو النجوم كعيون لامعة تراقبنا، تقع أحداث ذات قوة هائلة وروعة خلابة تتجاوز حدود التصور. فهل تساءلت يومًا عما يحدث عندما يصل نجم إلى نهاية حياته؟ اللحظة المثيرة التي يتحول فيها النجم إلى سوبرنوفا، ظاهرة كونية تتجاوز الخيال، ليس فقط بسبب الألوان والضوء الذي تطلقه، ولكن بسبب دورها الرئيسي في تكوين الكواكب الجديدة. تابع معنا القراءة لاكتشاف كيف تُولد الكواكب من رماد السوبرنوفا.


غضب النجوم وتكون السوبرنوفا في مشهد خيالي

السوبرنوفا هي ظاهرة تطلق على انفجار الكواكب العملاقة بقوة هائلة قادرة على إضاءة مجرة بأكملها  لمدة زمنية قصيرة. وتنشأ السوبرنوفا من خلال المعادن الثقيلة كالحديد والنيكل، تؤدي هذه التفاعلات إلى انفجار النجم في نهاية عمره أو عند التصاقه بالقزم الأبيض -أحد أكثر النجوم كثافة- مما يؤدي إلى انفجار النجم العملاق في النهاية وإخراج الكثير من الطاقة إلى الفضاء. وقد صنف العلماء انفجار النجوم العظيم أو ما يعرف بالسوبرنوفا حسب سبب انفجار النجم، فقسمت ظاهرة السوبرنوفا إلى قسمين:


انفجار السوبرنوفا من التصادم بالقزم الابيض


القزم الأبيض هو نجم ذو حجم مشابه لكواكبنا ولكن بكثافة مذهلة تتجاوز كثافة الشمس بمليون مرة! وقد تلمح بريقه الذهبي في أعماق الفضاء بواسطة التلسكوب. في نظامه الثنائي مع نجم مجاور، يجذب مواد من شريكه، خصوصًا الهيدروجين، وعندما تتكاثف الطاقة وتتفاعل مع الهيليوم، تحدث الكارثة: انفجار هائل يسمى السوبرنوفا، ينير السماء ويترك خلفه وميضًا من الطاقة والموجات. وفي هذا الزخم، يستمر القزم الأبيض في التألق ببريق خاص.


انفجار النجم العملاق المسن في نهاية مراحل حياته

تملك النجوم محتوى متوهج يتغذى بطاقة هائلة وحرارة مستمرة لتمنحنا الضوء الساطع الذي نشهده. وطوال فترة حياتها، تستمر هذه النجوم في التألق بفضل التوازن بين قوتين عظيمتين: طاقة الضغط الناشئة من حرارة قلبها وجاذبية الفضاء المحيط. ولكن عندما يقترب النجم من نهاية دورته الحياتية، يبدأ قلبه المتوهج في الانخفاض والتباطؤ، مما يخل بذلك التوازن الهش. فتصبح قوى الجاذبية هي المسيطر المطلق، وتسحب النجم بقوة لتحطمه في لحظة متفجرة تُعرف بالسوبرنوفا، مُختتمةً فصلًا طويلًا من الإشراق والتألق في تاريخ النجم.


ما الفرق بين ظاهرتي السوبرنوفا ونوفا؟

رغم تشابه الأسماء، تتميز ظاهرتي "السوبرنوفا" و"نوفا" بعمق في الفوارق والنتائج. فالسوبرنوفا هي نتيجة انفجارات مذهلة لنجوم تقترب من نهاية أعمارها الكونية، ولها نوعين رئيسيين، كل منهما ينشأ بسبب مختلف. هذه الانفجارات لا تُظهر فقط عرضًا ضوئيًا هائلًا، بل تخلف أيضًا بنى كونية مثل الثقوب السوداء والنجوم النيترونية.

بينما ظاهرة "نوفا" تمثل التوهج الناتج عن الانفجار في القزم الأبيض، ورغم أنها تضيء بشكل مذهل، فإنها تبقى أقل شدة من السوبرنوفا. فنوفا لا تترك وراءها إلا تأثيرات ضوئية ولا تشكل تغييرات جوهرية في البنية الكونية كما هو الحال مع السوبرنوفا.


السوبرنوفا وأسرار تكوين الكواكب

عندما ينفجر نجم عملاق، يتحفز نتيجة لزيادة قوى الجاذبية وتفاعل المعادن الثقيلة، ةتخرج منه موجات ضخمة وسريعة تتجاوز سرعة الصوت تعرف بـ"موجات الصدم". تبدأ  هذه الموجات عندما تتلاقى مع كتل الغبار والغاز الموجودة في الفضاء، في تكوين تجمعات تؤدي إلى نشوء الكواكب وأنظمتها الشمسية وحتى المجرات.

في جامعة بيركلي الأمريكية، يعمل الباحثون بجهد لاستكشاف وفهم هذه الظاهرة الكونية الرائعة. ومن خلال مشروع SciDAC، يجمع الخبراء في مجال الطاقة النووية قواهم مع علماء الفلك والفضاء لتطوير محاكاة دقيقة لانفجارات النجوم. فباستخدام التفاعلات الذرية بين الهيدروجين والهيليوم، يمكنهم مراقبة الانبعاثات الضوئية والتأثيرات التي تنتج عن هذه الانفجارات، مما يزيد من فهمنا لأصول تكوين الكواكب والنظم الشمسية.


حطام السوبرنوفا.. هل هو بوابة نشوء الحياة؟

إن تركيب الأرض وكل ما تحمله من معادن ثقيلة هو نتيجة مباشرة لانفجارات السوبرنوفا الضخمة التي وقعت في ماضي الكون البعيد. هذه المعادن التي تشمل الحديد والنيكل والفضة واليورانيوم يتم العثور عليها في طبقات الأرض المتعددة، وفي بعض الأحيان تكون مذابة في المياه الجوفية. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد بعض العلماء أن الحديد الذي يسري في أوردتنا جاء أصلاً من تلك الانفجارات الكونية العظيمة.

وفي هذا السياق، قال العالم الفلكي الدنماركي هنري سفينسمارك: "يمكننا القول أن أصل الحياة على الأرض يعود جزئيًا إلى نشاط انفجار النجوم العملاقة".

هذا يعطي بصيص أمل أن انفجارات السوبرنوفا في المستقبل قد تساهم في نشوء أنظمة شمسية جديدة وحياة محتملة. ومع ذلك، لا يضمن ذلك أن تكون هذه الكواكب مماثلة للأرض أو موطنًا ملائمًا للحياة. قد تكون الظروف فيها قاسية، مع أجواء متجمدة أو ظلام مستمر. ولا يمكن تجاهل القوة الهائلة للسوبرنوفا والتأثير المحتمل الذي قد يحدثه على كواكب مثل الأرض، مما يمكن أن يؤدي إلى تغييرات كونية واسعة النطاق.


كيف تلتقط التلسكوبات الحديثة بقايا الانفجارات النجمية؟

ذو صلة

تقوم التلسكوبات المتطورة بكشف أسرار الفضاء الخارجي، مستفيدة من مجموعة واسعة من الأطوال الموجية، منها الموجات اللاسلكية وموجات الراديو. ولكن عندما يتعلق الأمر بكشف أثار انفجارات السوبرنوفا، تبرز أهمية التلسكوبات المخصصة لأشعة X. في هذا الإطار، يُعد تلسكوب "eROSITA" نموذجًا فريدًا، فهو نسخة محسنة وأكثر حساسية من تلسكوب "ROAST" السابق. وقد مكن هذا التلسكوب العلماء من رصد بقايا السوبرنوفا الفريدة، منها سوبرنوفا هوجينا الضخم الذي يفوق حجم القمر بتسعين ضعفًا.

رغم الإنجازات المذهلة، فإن المجال ما زال مليئًا بالألغاز. فقد تمكن العلماء حتى الآن من رصد بقايا نحو 300 نجم من بين 1200 نجم متوقع وجود آثارهم في مجرتنا. وتظل ظاهرة السوبرنوفا مدهشة، حيث يقدر العلماء أن هناك سوبرنوفا تنفجر كل عشر ثوان في الكون. إذ تمثل هذه الظاهرة جزءًا أساسيًا من دورة حياة النجوم، تحكي قصة الكون المتناغم الذي نعيش فيه.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

يُعرف أيضًا بالمستعر الأعظم، لماذا تهملون المصطلحات العربية؟!

ذو صلة