الرياضة لن تساعدك في فقدان الوزن .. هذه هي الحقيقة العلمية!!

"إذا كنت تريد أن تفقد بعض الوزن، مارس الرياضة، وإذا كنت تريد أن تفقد المزيد من الوزن مارس المزيد من الرياضة"، تلك المُعتقدات هي الدافع الذي يحرك بعض الساعين إلى فقدان الوزن إلى ممارسة الكثير من المجهود البدني في صالات الرياضة ومسارات الجري.

 لكن ماذا لو أخبرتك أن الرياضة لن تساعدك في فقدان الوزن! بالتأكيد سوف يدور في عقلك الآن الكثير من التساؤلات، فسوف تتساءل هل توجد أدلة علمية تشير إلى أن الرياضة لن تساعدك على فقدان الوزن؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل نتوقف عن الذهاب الذهاب لصالات الرياضة إذًا؟ دعنا نخبرك بالإجابات في السطور التالية

قبل أن نتطرق إلى مدى فاعلية الرياضة في فقدان الوزن، علينا أن نعرف أولًا أنه يوجد  تأثيرات أخرى للرياضة لا تقل أهمية عن فقدان الوزن، إذ تعد ممارسة الرياضة حقًا أمرًا رائعًا لصحتك من جوانب كثيرة.

يمكن أن تؤدي ممارسة التمارين الرياضية بانتظام إلى تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم، وقد تساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري من النوع 2 وأنواع معينة من السرطان، كما يساعدك التمرين على الحفاظ على كتلة عضلاتك وتنميتها وتقويتها، والحفاظ على عظامك قوية وكثيفة، ومنع ظهور حالات مثل هشاشة العظام.

بالإضافة إلى ذلك، توفر التمارين الرياضية بعض الفوائد العقلية، إذ يمكن أن تساعدك على تقليل مستويات التوتر لديك وإدارة التوتر بفعالية أكثر، ويبدو أنها توفر بعض الحماية ضد حالات التنكس العصبي "Neurodegeneration" مثل مرض الزهايمر.

تُشير التقديرات إلى أن صناعة اللياقة البدنية العالمية سوف تجني إيرادات تزيد عن 80 مليار دولار أمريكي في عام 2023، وهذا بسبب التأثيرات الإيجابية للرياضة على صحة الإنسان والتي سبق ذكرها، كما أن أحد أكبر الأسباب التي تجعل الكثير من الناس يختارون ممارسة الرياضة هو إنقاص الوزن.

وقد انتشرت فكرة أن الرياضة تساعد على فقدان الوزن من خلال النصيحة العريقة التي تقول إن تناول كميات أقل من الطعام وممارسة المزيد من التمارين ضروريان لفقدان الوزن، لكن العلم بدأ يُظهر أننا قد نرغب في دراسة هذه الفرضية بطريقة أكثر تشككًا، وأصبح يوجد جدل علمي بخصوص أن ممارسة المزيد من الرياضة سيساعدك على حرق المزيد من السعرات الحرارية.

خلافًا للاعتقاد الشائع، فإن العلم الآن يجادل بخصوص أن التمارين الرياضية وحدها أو ممارسة المزيد من الرياضة لا تساعدك على إنقاص الوزن، وقد أصبح يوجد العديد من الدراسات التي توضح أسباب ذلك، منها:

 ذكر علماء الصحة العامة في كلية الطب بجامعة لويولا شيكاغو، في بحثهم المنشور في المجلة الدولية لعلم الأوبئة، في عام 2013:"أن النشاط البدني مهم للغاية لتحسين مستويات الصحة العامة واللياقة البدنية، ولكن توجد أدلة محدودة تُشير إلى أن ممارسة التمارين الرياضية تستطيع أن تحد من زيادة السمنة".

درس علماء الصحة العامة الصلة بين النشاط البدني والسمنة لسنوات، عندما بدأوا بحثهم، افترضوا أن النشاط البدني سوف يكون مفتاحًا لفقدان الوزن، لكن الأدلة أظهرت أن هذا الافتراض خاطئ، لأنك إذا قمت بزيادة نشاطك، تزداد شهيتك وتتناول المزيد من الطعام، لذلك مع زيادة النشاط البدني أو بدونه، يظل التحكم في السعرات الحرارية مفتاحًا لفقدان الوزن أو الحفاظ عليه.

بينما تابعت دراسة أخرى أجراها باحثون في جامعة ولاية لويزيانا على  200 رجلًا وامرأةً يعانون من زيادة الوزن مسجلين في برنامج تمارين هوائية خاضع للإشراف على مدار 6 أشهر، ووجدت الدراسة أن المشاركين انتهى بهم الأمر بتعويض السعرات الحرارية التي فقدوها لممارسة الرياضة عن طريق تناول المزيد، ونتيجةً لذلك، لم يفقد العديد من المشاركين الوزن أو اكتسبوه.

يمكن أن تمنع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أو تساعد في التعامل مع عدد كبير من المشكلات الصحية، لكن فقدان الكثير من الوزن ليس من بين الفوائد العديدة للتمارين الرياضية، وبدلًا من ذلك، قد يكون التركيز على السعرات الحرارية الداخلة والسعرات الحرارية الخارجة هي الطريقة الأكثر فعالية للتنحيف.

تقول جينيفر كوك، عالمة الحركة في جامعة يورك في تورنتو:"عادةً لا يكون الأشخاص قادرون على خسارة الكثير من السعرات الحرارية بالتمارين الرياضية لأن استهلاك السعرات الحرارية مع نظام التمرين المعتاد - 30 دقيقة معظم أيام الأسبوع - لا يُترجم إلى خسارة كبيرة في الوزن" .

يتطلب خسارة رطل واحد أسبوعيًا- أي نصف كجم تقريبًا- عجزًا في السعرات الحرارية بمقدار 3500 سعرًا حراريًا، أو 500 سعر حراري في اليوم، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال اتباع نظام غذائي أو ممارسة الرياضة أو مزيج من كلا النهجين، ولكن يبدو أن النظام الغذائي والتمارين الرياضية ليس لهما نفس الفعالية.

يقول ياسي أنصاري، اختصاصي التغذية والناطق باسم أكاديمية التغذية وعلم التغذية:"السبب في أن اتباع نظام غذائي قد يكون أكثر فاعلية من مجرد ممارسة الرياضة هو أن التمارين تتطلب الكثير من النشاط والجهد لخلق عجز من 500 إلى 700 سعرًا حراريًا".

لوضع هذا في المنظور الصحيح، سيحرق الشخص الذي يبلغ وزنه 155 رطلًا ما يقرب من 500 سعر حراري من قضاء ساعة في التمارين الرياضية عالية التأثير أو عن طريق المشي لمدة 90 دقيقة بمعدل 4.5 ميل في الساعة.

بعبارة أخرى، لا تتوقع الكثير من تلك الزيارات السريعة إلى صالة الألعاب الرياضية، يقول كوك: إن الشخص الذي بدأ ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة كل يوم تقريبًا ربما يخسر حوالي رطلًا على مدار الشهر، وبالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يحاولون إنقاص الوزن، سيكون ذلك محبطًا تمامًا.

لا يؤثر مستوى نشاطك اليومي تقريبًا على عدد السعرات الحرارية التي تحرقها، كما أن حرق المزيد من الطاقة لا يحمي من زيادة الدهون، كما كتب هيرمان بونتزر في كتابه الجديد "حرق: بحث جديد يكشف الغطاء عن كيف نحرق السعرات الحرارية حقًا، اخسر الوزن وحافظ على صحتك".

قال بونتزر، الأستاذ المشارك في الأنثروبولوجيا التطورية في جامعة ديوك:"إن عقلك جيد جدًا جدًا في مطابقة عدد السعرات الحرارية التي تتناولها وعدد السعرات الحرارية التي تحرقها"، وأضاف "الشخص الذي لديه نمط حياة مستقر والشخص الذي لديه أسلوب حياة نشط سيحرق نفس العدد من السعرات الحرارية".

ماذا؟ لقد تعلمنا جميعًا أنه كلما تحركت، زادت الطاقة التي تحرقها، مما يساعد في إنقاص الوزن، لكن هذه هي النظرة الخاطئة لمحرك التمثيل الغذائي المرن في جسم الإنسان، كما يقول بونتزر.

يوضح بونتزر: أن الشخص الذي يمارس الرياضة بجنون، سيحرق المزيد من السعرات الحرارية في البداية، لكن جسمه سيتكيف على مدار شهرين ويبدأ في إنفاق طاقة أقل في مهامه العديدة الأخرى، مثل الالتهاب والتوتر.

توصل بونتزر لذلك بعد دراسة شَعب هادزا في تنزانيا، الصيادين وجامعي الثمار الذين يمشون لأميال كل يوم بحثًا عن الطعام، لأنهم نشيطون بدنيًا بصورة لا تصدق، ويتحركون في يوم واحد أكثر مما يفعل معظم الأمريكيين في أسبوع، لذلك كان بونتزر وزملاؤه على يقين من أنهم سيحرقون كمية هائلة من السعرات الحرارية، ومع ذلك عندما قاس الباحثون كمية الطاقة التي أحرقها شعب الهادزا، تبين أنها نفس كمية الطاقة التي يحرقها سكان المدن المستقرة في الغرب.

قال بونتزر:"كانت تلك مفاجأة كبيرة ومثالًا رائعًا على مدى تناقض ذلك مع الحدس"، وتُظهر النتائج أن محركات التمثيل الغذائي لدينا تتكيف باستمرار، مما يفسح المجال لزيادة النشاط مع الاحتفاظ بنفقات الطاقة اليومية في نهاية المطاف ضمن نافذة ضيقة - سواء كنت تمشي طوال اليوم أو لا تفعل الكثير على الإطلاق.

وأشار بونتزر إلى أنه من أجل إنقاص الوزن، من الأفضل أن يأكل الناس أقل من أن يكونوا أكثر نشاطًا، وقال:"في الحقيقة، الإستراتيجية الوحيدة التي يبدو أنها تعمل جيدًا هي التركيز على نظامك الغذائي"، وأضاف "لقد عرفنا منذ عقود أن التمارين هي أداة سيئة حقًا لفقدان الوزن."

لا يتفق الجميع مع الدراسات السابقة التي تقول أن الرياضة غير فعالة في إنقاص الوزن أو أن النظام الغذائي يُعد أكثر فاعلية من الرياضة، إذ قالت ديبورا ريبي، أستاذة علوم التمرين: إن البرامج التي تجمع بين كل من النظام الغذائي والتمارين الرياضية تؤدي إلى إنقاص وزن أكبر بنسبة 20٪ مقارنة بالنظام الغذائي وحده.

قالت ريبي إن النشاط البدني يبدو أيضًا أنه عنصر حاسم لمنع استعادة الوزن، وتوصي بمزيج من تناول كميات أقل مع الحصول على مستويات كافية من التمارين لزيادة فقدان الوزن لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.

كما أظهرت التجارب أن التمارين تسبب فقدان الوزن، إذ خَلُصت مراجعة عام 2021 لأكثر من 100 دراسة على التمارين فحصت تأثير التمارين الهوائية أو المقاومة أو التدريب المتقطع العالي الكثافة معًا أو بمفردها على فقدان الوزن لدى البالغين، إلى أن أنظمة التمرين الخاضعة للإشراف تسبب فقدان الوزن، حتى لو كانت كمية متواضعة فقط.

وهذا يحسم النقاش، أليس كذلك؟ إذا كنت تأكل الكثير من الحلوى، فيمكنك الذهاب في جولة إضافية لحرق تلك السعرات الحرارية الزائدة، أليس كذلك؟ حسنا، ليس بالضبط.

إذا كان المجهود البدني الإضافي يحرق سعرات حرارية إضافية عمومًا، فيجب أن تمنع التمارين الوزن من العودة بعد اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية، لكن الحفاظ على الوزن المفقود بعد اتباع نظام غذائي يعد تحديًا شائعًا، إذ تتضمن المراجعة نفسها لعام 2021 بعض التجارب التي تتناول مسألة ما إذا كان التمرين يسهل الحفاظ على الوزن، ومع ذلك لم تكن النتائج جيدة كما كانت لفقدان الوزن.

في الواقع، مازال الجدل مستمرًا بشأن مدى فاعلية ممارسة الرياضة على فقدان الوزن، ربما كِلا الجانبين من النقاش على حق، إذا كنت تريد أن تفقد قدرًا متواضعًا من الوزن، فقد يقدم روتين تمرين جديد مساهمة متواضعة في تحقيق هذا الهدف، ومع ذلك كما قال آخرون لا تخدع نفسك بالاعتقاد أنه يمكنك "تجاوز نظام غذائي سيئ" بمجرد ممارسة المزيد من التمارين.

تناول الطعام بطريقة تساعدك على الشعور بالشبع عند تناول سعرات حرارية أقل، ولكن نظرًا لأن أدمغتنا تعمل بطريقة مختلفة تمامًا ولدينا جميعًا خلفيات مختلفة ونحب الأطعمة المختلفة، فلا يوجد نظام غذائي واحد يناسب الجميع، ويعد الابتعاد عن الأطعمة المصنعة الموجودة في ممر الوجبات الخفيفة، والتركيز بدلًا من ذلك على البروتين والألياف طرقًا جيدة للبدء.

من الصعب الالتزام بذلك بالطبع، لأن الأطعمة الحديثة لذيذة للغاية ومصممة للإفراط في تناولها، ولكن سواء اخترت الصيام منخفض الكربوهيدرات أو قليل الدسم أو نباتي أو متقطع أو نظام باليو أو نظام البحر الأبيض المتوسط​​، فإن أي نظام غذائي يسمح لك بتناول سعرات حرارية أقل على المدى الطويل سيساعدك على إنقاص الوزن.

قال بونتزر إن الجريب فروت والفلفل الحار والشاي الأخضر لا تعزز عملية التمثيل الغذائي لديك، وحتى الأشياء التي تسرعها قليلًا مثل القهوة، لها تأثير ضئيل لدرجة أن قضمة إضافية من الطعام ستمحوها.

حتى لو لم تساعدك التمارين الإضافية في إنقاص الوزن والحفاظ عليه، فلا تزال توجد فوائد صحية أخرى تعود بالنفع على التمارين المنتظمة، لذلك مازالت ممارسة الرياضة مهمة.