فيلم Man Up: سيُعلمك كيف تستغل الفُرص، تنضج، وتبتهج

هُناك اعتقاد سائد بأن الأفلام البريطانية عادةً ما تكون أفلام جادة -رُبما أكثر مما يجب، وهادفة مُعظم الوقت، ما يجعل من الصعب تصديق أن فيلم بريطاني من الطُراز الأول سيكون قادراً على إثارة الضحك والبهجة الخالصة، وهنا يأتي دور فيلم Man Up الذي جاء ليُبرهن على خطأ تلك النظرية، ويُحطم كل القواعد الثابتة بسلاحي الضحك والإمتاع.

Man Up فيلم بريطاني-فرنسي إنتاج 2015، وهو فيلم يُمكن بمنتهى الوضوح تصنيفه رومانسي كوميدي، تم عرضه ببريطانيا في مايو الماضي، بينما سيتم عرضه بالولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر الحالي.

الفيلم من إخراج (بن بالمر) وبطولة كل من (ليك بيل) في دور (نانسي)، و(سايمون بيج) في دور (جاك)، وعلى الرغم من أن (ليك بيل) غير بريطانية إلا أنها قدمت الدور بلكنة طبيعية للغاية فاجأت الجمهور، وقد صرح سايمون قائلاً أن ليك لم تكن تخرج من الشخصية التي تؤديها بالفيلم حتى خارج التصوير، إذ احتفظت بلكنتها وطريقتها إلى أن انتهت من تصوير الفيلم بالكامل.

“Take the chances..”

أحداث الفيلم تدور حول:

نانسي.. فتاة في الرابعة والثلاثين من عُمرها، تملك نظرياتها الخاصة -التي تجمع بين السخرية واللذوعة- حول الحُب، والحياة. مَرت ببعض العلاقات العاطفية التي لم تكتمل، والكثير من المواعيد الغرامية التي كانت في كل واحد منهم تكتشف أن الشخص الذي تبحث عنه بعيد تماماً عمن تُقابله، ما جعلها بالنهاية تحتمي خلف جدار الوحدة، وتكتفي بنفسها شريكاً جيداً بالحياة، مُحاولةً الهرب من اغتنام أي فُرصة جديدة تلوح لها خوفاً من كسرة القلب.

وجاك.. رجل في أول العقد الرابع من عُمره، على حافة الطلاق، إذ انفصل عن زوجته بعد اكتشافه خيانتها له، يبدو للوهلة الأولى مرحاً ولطيفاً، كما لو أنه تجاوز كل المرارات التي مَرَّ بها، غير أنه هناك في قرارة نفسه مازال يشعر بأنه تم التخلي عنه، وأنه لن يستطيع مُعاودة الطفو على وجه الحياة من جديد.

Right place, Right time, Wrong date!

بالصدفة يلتقي جاك بنانسي بينما هي في طريقها لحضور عيد الزواج الـ 40 لوالديها، ولأسباب معينة يختلط عليه الأمر فيظُنها “جيسيكا” الفتاة ذات الـ 24 عاماً والتي رتب له معها صديقٌ مشتركٌ ميعاداً للتعارف، وهنا تتفاجأ نانسي بنفسها حين تُقرر استغلال الفُرصة والتظاهر بأنها جيسيكا عملاً بمبدأها الجديد “اغتنام الفُرص”، ثم تتوالى الأحداث في إطار كوميدي، رومانسي، شديد الانسيابية والبهجة.

يحظى فيلم Man Up بالعديد من الإيجابيات من ضمنها الإخراج الذي جاء مُناسباً للعمل، والتمثيل السهل الممتنع لكل من : Simon Peg و Lake Bell اللذان استطاعا تقديم آداء ممتع جداً فاجأ النُقاد والجمهور، خاصةً ليك بيل التي من المُنصِف أن نقول عنها أنها كانت أحد أهم الركائز التي استند إليها الفيلم بروحها المرحة وردود أفعالها التلقائية.

أما العامل الأكبر وراء نجاح الفيلم وحُب الجميع له، هو السيناريو والحوار لـ”تيس موريس”، إذ أنه وعلى الرغم من أن قصة الفيلم الرئيسية تعد قصة تقليدية، قد يشعر البعض كما لو أنهم شاهدوها من قبل، إلا أن الطريقة التي قُدمت بها كانت ذكية ومُختلفة ما جعل المُشاهد لا يشعُر بالملل بل ويتفاجأ ببعض الأمور من وقت لآخر، حتى لو كانت النهاية مُتوقعة.

من النقاط الجيدة بالقصة أيضاً فكرة أن يتم الكَشف عن الخدعة في وقت مُبكر من الفيلم ما يجعل مسار الأحداث يتغير أكثر من مرة، لتصبح المشاهد غير قابلة للتنبؤ بها، وتتحول الكليشيهات إلى مواقف طازجة تُلفِت الانتباه والقلب وهو ما يُثبت أن صُناع العمل يحترمون ذكاء المُتفرج.

فيلم Man Up فيلم كوميدي رومانسي يستحق المُشاهدة، وكعادة تلك النوعية من الأفلام، قد يتصور البعض أنه لا يعِدَهُم بالكثير خاصةً مع الفئة العُمرية التي ينتمي إليها أبطاله، وطبيعة موضوعه البسيط، إلا أن هذا لن يلبث أن يتبدد بعد مُشاهدة الدقائق الأولى بالفيلم.

فهو فيلم وإن بدا عادياً غير أنه يمنحنا الكثير من الحلول -غير المُباشرة- التي تُساعدنا على ممارسة الحياة رغم الصعاب والخذلان، فيُخبرنا كيف نترك أيدينا، مُستغلين الفُرص التي أمامنا، والتي مهما بلغنا من العُمر سنستطيع أن نغتنمها ونتماهى معها طالما أن رغبتنا -في ذلك- حقيقية.

فالحياة لا تنتهي بعد عدد مُعين من التجارب، أو سن مُحددة، وعلى عكس المُتوقع الفُرص الثانية لا تنتهي، كل ما في الأمر أنه سيكون علينا أن نتعلم كيف نرى ما خلف الغَيم، ومن ثَمَّ التحلي بالجرأة والشجاعة من أجل اتخاذ القرارات التي قد نظُن لوهلة أنها مجنونة، عفوية، وغير منطقية لكنها ستُدهشنا –متى سمحنا لها- بكونها قادرة على أن تحمل لنا بين طياتها كل ما حلمنا به يوماً.