قراءه في رائعة جورج أورويل ” مزرعة الحيوان ” ورحلة في طبيعة الثورات
4 د
تشابه مزرعة الحيوان كتاب الأمير لميكافيللي في قلة الصفحات وقوّة الأفكار، فالرواية التي لا تتجاوز الـ120 صفحة تناقش الطغيان والمجتمع وأفراده في سخرية سوداء عظيمة، ذلك النوع من الكتابات الذي يستفزَّك بأحداثه، ولاسيما أنها بقلم العظيم الإنجليزي چورچ أورويل الذي يضفي على الرواية واقعيّة عظيمة..
أسلوب جورچ اورويل الساخر القوي في هذه الرواية يجبرك على أن تتحول رغماً عنك لجزء في الرواية تراقب الأحداث وتشعر بالأبطال وتدرك معنى الطغيان والخداع، فروايتنا هذه تتناول الثورات بطريقة واقعيّة مُقنعة.. وربما علينا كشعوب عربية أن نتأملها..
جورج أورويل
اسمه الحقيقي إريك بلير، كاتبي المفضل، رجل عسكري من الدرجة الأولى، حارب في إسبانبا وبورما وشارك في الحرب العالميّة الثانية. تخرج وعمل موظفاً في مكتبة ومراسلاً، وعمل في الإذاعه البريطانية وشارك في تحرير مجلة التريبيون.
صدرت له مجموعة من الأعمال الأدبيّة أبرزها رواية “1984” و”مزرعة الحيوان”. ولد جورچ أورويل في الهند وشارك في الجيش الإمبراطوري، وعاش لاحقاً في باريس لمدة عامين. شخصيّة جورج اورويل جذّابة، وكتاباته قويّة رغم عمره الذي لم يتجاوز النصف قرن بشيء.
مزرعة الحيوان و 1984
قرأت اسطورة أورويل “1984” منذ عدة أشهر والآن انتهيت من مزرعة الحيوان، ولا أقدر أن اصف لكم كيف كان التجول في عقل چورچ أورويل مُمتعاً، هناك أمور متطابقة بين الروايتين أو بالأحرى مفاهيم ومواقف، فكلا الروايتان يوضح لنا كيف يتحكّم الطاغي في الشعب، وكيف يخدعهم بالحنكة والتحوير والتهديد والخوف..
وكيف يتغيّر الثابت بين ليلةٍ وضحاها “We have been always in a war with Eastasia” ويصور أورويل في الروايتين كيف يبدأ كل شيء وينتهي، الفرق أن 1984 تحمل قي ثناياها طابعاً درامياً، وأختها الصغرى تحمل طابعاً كوميدياً أسود.
رواية مزرعة الحيوان صدرت لأورويل عام 1945 والتي ذاع صيته على إثرها. حققت الرواية نجاحاً كبيراً لما تحمله من أفكار وتُرجِمَت لأكثر من سبعين لُغة.
تحكي الرواية قصة مجموعة من الحيوانات تسكن مزرعة مانور والتي يملكها مستر “جونز”، وتبدأ أحداث الرواية بخطبة يلقيها الخنزير “ميجور” على الحيوانات في آخِر الليل، يحثهم فيها على الانقلاب على مستر “جونز”، وأنه من الواجب على الحيوانات أن تحكم نفسها بنفسها وتنتشر المساواة فيما بينهم، وأن تتحرر من حكم الإنسان المُستَبِد.
مات الخنزير الحكيم “ميچور” بعد ثلاثة أيام من يوم خطبته المجيدة. وهُنا اشتعلت ثورة الحيوانات، فتم خلع مستر “جونز” من الحُكم بقيادة الخنزيرين “سنوبول” و “نابوليون” وهما خلفاء القائد “ميجور”، وهنا تَظُن الحيوانات أنها قد تخلصت من الاستبداد.
مرحلة ماقَبل الثورة
عادة ما تقوم الثورات مُفاجِئة للجميع حتى الثائرين أنفسهم في بعض الأحيان، وأثر هذه المفاجأة في معظم الحالات يكون كبيراً شاملاً سوء التنظيم وزيادة المسؤولية، وتتفاقم المشاكل إن انعدمت الخِبرة.
عقب ثورة الحيوانات بدأ “سنوبول” و “نابوليون” في رعاية المزرعة وحمايتها وتنظيمها وإركاز مذهب الحيوانيّة “Animalism” الذي نشأ على يديهم، يُعبر عن هذا المبدأ ببِِضع وصايا تُكتب على الجِدار، أهمها: ذوات الأربع أخيار وذوات الاثنتين أشرار، جميع الحيوانات متساويين.
عاش الحيوانات في أحسن حال حتى هاجم مستر “چونز” المزرعة ليستردها بصحبة بضع رجال إلا أن الحيوانات تصدوا لهم وهزموهم شر هزيمة وكان الخِنزير “سنوبول” و الحِصان “بوكسَر” اكثر من ابلى حسناً في المعركة، وتحولت المزرعة من “مزرعة مانور” إلى “مزرعة الحيوانات”!
سحر الشخصيّات
بالطبع رواية مزرعة الحيوان ليست رواية خيالية كما يدُل اسمها، بل هو وصف عبقري من أورويل لأمورٍ عديدة مثل الظلم، القهر، الثورة، التعَدّي على الحقوق. وهذا ما تحتّم عليه شخصيّات عبقرية في قصتنا أيضاً، للشخصيّات أبعاد نفسية واجتماعية جليلة، فقد وصف أورويل كل طبقات المجتمع وأنواعه وميزاته وعيوبه عن طريق حيواناته.
فمثلاً “بوكسَر” هو الشخص المثابر الذي يعمل كثيراً ولا يفكر كثيراً، “سنوبول” و”نابلوين” هما الأذكياء، فقذ صُنِفَت الحيوانات في الرواية وفسمت حزبين، حيوانات ذكيّة وحيوانات غبية، والقطة “مولي” ترمز للعنصر الخائِن الذي يبيع كل شيء نظير شهواته ورغباته، و الحِمار “بنيامين” وهو الذي يعلم كل شيء لكن لا يعلق ولا يتدخل ويكتفي بالسكوت، متجمعين في رواية تضرب في الصميم.
هل تفعل الرواية مالا يفعله الكتاب بالفعل؟!
الناس ينسون
مع الوقت، أصبح الخنازير هم من يحكمون نظراً لأنهم الأقوى! دون انتخابات ودون اعتراض! فالحيوانات “غلابة” يريدون فقط العيش الكريم، وفي أحد الأيام انقلب “نابوليون” الخنزير علي شريكه في الحكم “سنوبول” عن طريق كلابٍ مُتوحشة دربها بنفسه، وفي اليوم التالي صارت المزرعة تحت إمرة “نابوليون”.
تم اتهام سنوبول الخنزير بأنه كان عميلاً لمستر چونز، وبوكسر الحصان وضع لنفسه شعاراً لقلة ذكاءه: “نابليون دائماً على حَق”!
بعد ما حدث، عاد كل شيء كما كان، ضاعت الثورة كما يضيع كل غال، والحيتة لفت كما هي، غابة، لماذا لا يعيش هؤلاء البشر في السلام؟
لا أريد الإطالة، عمدت في هذه المقالة على استدراجك لقراءتها بأي طريقة، فهذه الرواية ستوضح الحياة أمامك أكثر، فبين قدرة أورويل الأدبيّة وواقعيّة الروايا وتِلوِّها للحرب العالمية الثانية نتج عمل يصف كل دولة، في كل زمان.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
رواية رائعة ولها دلالات ومُحاكاة لما يحدث في حياة البشر…..
من اجمل الكتب التي قرأتها .. وقمت بمشاركة قراءتها مع العديد من الاصدقاء .. وكلما اقرأ كتاب الأمير لمكافيلي أو هذا الكتاب تذكرني تفاصيل احداهما الأخرى .. هي تريني حقيقة الجهل والخوف وكيف تتم ممارسة الطغيان.
كانت نتيجه لعمليّة بحث علي الإنترنت, هذا هو مصدر الصوره: http://goo.gl/vUkWyZ
كانت نتيجه لعمليّة بحث علي الإنترنت, هذا هو مصدر الصوره: http://goo.gl/vUkWyZ
لقد اتممت قراءتها مؤخرا …رواية جميلة ذات منظور يكشف الطغيان و ذناءت المجتمع وكذا حب السلطة … الطغيان ظاهرة متوارث على حساب الجهل و الخوف !!! مقال جميل واصل !!! 🙂
للشيخ محمد سعيد رسلان محاضرة رائعة جدا يسرد فيها هذه الرواية بعنوان مزرعة الحيوانات .
جوهر الرواية رائع..
لكن علينا أن نركز على الناحية الأدبية قليلاً .. لنكتشف أن الرواية تليق بروائي هاوٍ خياله خصب لدرجة أنه صنع حيوانات تتكلم !!!
أنا في طور قرائتها حاليا
فلم مزرعة الحيوانات | Animal Farm | كامل | مترجم
لو سمح كاتب المقال الصور للخنازير والصور ع الحائط,, من أين مصدرهم؟|
يبدو لي أنه تم تمثيل الرواية أو تصويرها بشكل كوميكس,,
أريد معرفة ذلك,,
إن أمكن,, وشكراً
مقال رائع + مزرعة الحيوانات يمكنك أن تسقطها على البلدان العربية ستجد نابوليون الرئيس المستبد و سنوبول المعارضة .. الكلاب التسعة ( اجهزة الدولة من مخابرات الى الخ ) .. الخ .. رواية عظيمة صراحة