إدارة الأزمات… عندما لا يجدى الندم
5 د
فى عام 1982، وتحديداً في اليوم الثلاثين من شهر سبتمبر كانت شركة جونسون & جونسون على موعد مع أزمه كادت أن تعصف بالشركة، لقد توفيت سيدة نتيجةً لتناول عقار التيلينول الذي كان واحدا من أكثر العقاقير المسكنة للألم مبيعا فى الولايات المتحده والتى تصرف بدون وصفه طبيه، لقد كانت العبوات سهله الفتح ولقد أضيفت ماده سامه بفعل فاعل وتصدرت القصة عناوين الأخبار وكافه المحطات لمدة سته اسابيع متواصلة وأصاب الناس حالة من الهيستيريا.. لقد كان الأمر مرعبا وكافيا للقضاء على الشركه.
لقد كان الجميع يدرك استحاله وجود طريقه تنقذ الشركه من الانهيار لكن عبقرية إدارة الأزمه التى تحلى بها “جايمس بيورك” المدير التنفيذى للشركه أدت إلى إعادة الثقة فى المنتج وفى الشركه فلقد كانت النتائج رائعه وحقق التيلينول 85% من حصته فى السوق ثم 100% بعد عام واحد من الأزمه ليتحول إلى تجاره تدر على الشركه مليار دولار.
لقد اتخذ “جايمس بيورك” قرارا بسحب العقار من السوق مخالفا كل النصائح التى طالبته بعدم فعل ذلك فقد طالب الناس بالتوقف فورا عن استعمال أى شكل من أشكال التيلينول وبدء فى سحب الدواء وبلغ ما تم سحبه 31 مليون قاروره تيلينول بتكلفه بلغت 100 مليون دولار، وأوقف كافه الاعلانات التجاريه وقام بفحص مرافق الانتاج والتوزيع بحثا عن أى مواد سامه أو ملوثه وفى غضون شهرين تم طرح المنتج فى عبوات ثلاثية السداد ومقاومه للتلاعب ثم طرح بعد ذلك على شكل كبسولات من الجل لكى يستحيل فكها، لقد كان الأمر صعبا وكانت الأزمه شديده وكادت تعصف بمستقبل الشركه وبمستقبل مديرها التنفيذى”.
الأزمات أحداث تؤثر على مستقبل الشركات سواء بالايجاب أو السلب.. ورغم أن الأزمات تمثل هزه عنيفة إلا أنها اختبار حقيقى لاستعداد الشركات ومدى تماسك بنيتها الداخليه ومدى كفاءة نظمها وقوانينها وأساليب الإدارة فيها والرابح دائما هو من يحسن إدارة الأزمات.
والأزمات لا يمكن تجنبها فهى تختلف وتتنوع فى أكثر من مجال وتختلف فى شدتها حسب حجم الشركه فمجرد مشكلات عاديه فى شركه كبرى ربما تصبح نفس هذه المشكلات أزمات طاحنه فى شركه صغيره.
ويمكن تقسيم الأزمات إلى:
أزمات إقتصادية
حيث أن العالم الآن أصبح عبارة عن قرية صغيرة فإن أى أحداث اقتصاديه تؤثر على السوق سيمتد تأثيرها إلى شركتك فانهيار البورصات وزياده معدل البطاله وتغير أسعار الصرف تمثل أزمات كبيرة ولعل أوضح الأمثلة أزمه الرهن العقارى الأمريكية الأخيرة والتى تطاير شررها إلى أنحاء كبيرة من العالم وأدت إلى عدد كبير من الافلاسات آخرها افلاس بنك ليمان براذرز، وهو رابع أكبر مصرف استثماري في الولايات المتحدة.
أزمات معلوماتية
تسريب المعلومات للمنافسين أو تدميرها يسبب مشكلات وأزمات وخاصة إذا كان المنتج عبارة عن براءه اختراع وتستعد الشركه لطرحه فى السوق كما يعتبر تعطل شبكة الحاسب الآلي أزمه معلوماتيه:
3- الموارد البشرية:
من الآزمات الشديده والتى تحدث فى كثير من الشركات هى فقد الموظفين الموهوبين خاصة إذا كان هذا الموظف الموهوب فى مكان قيادى فى الشركه ونتيجه للخل الحاصل فى التدريب داخل الشركات فإن البديل الجاهز يكون غير موجود وبالتالى تتأثر الشركه وربما يؤدى بها إلى تأثر المبيعات بشكل كبير يهدد مستقبلها وتعد الصراعات بين الموظفين أو الشغب من الآزمات المتكرره.
4- السمعة:
تلويث السمعه والاشاعات ولقد كانت بعض الشركات فى خلال المقاطعه للبضائع الأمريكية أو الدنماركية تقوم بتسريب قائمه تحتوى على أسماء لشركات منافسه لها وهى غير دنماركيه أو أمريكيه.
5- المواد الخام والمعدات:
من المهم فى كل صناعه أن تتوافر الأدوات اللازمه لتشغيل خطوط الانتاج وعدم توفر المواد أو نقصانها يؤثر على أسعار المنتج وبالتالى على الربحيه ، كما تعتبر مخاطرالبدائل الأشياء التى يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وهذا المفهوم طرحه بورتر فى قوى بورتر التنافسية الخمسة ويقصد بالبدائل هى منتجات فى صناعه أخرى تؤدى نفس الغرض الذى يؤديه المنتج أو السلعه التى تقدمها الشركه وتظهر المنافسه عند تغير سعر المنتج البديل سواء بالايجاب أو السلب.
على سبيل المثال العبوات المنتجه من البلاستيك والألومنيوم والزجاج المستخدمه فى تعبئة العصائر أو المياه الغازية فلو أن الشركه التى أمتلكها تعمل فى الألومنيوم وأن هناك مشاكل سياسية فى البلد المصدر للماده الخام فسيؤدى ذلك إلى ارتفاع أسعار العبوات المصنوعه من الألومنيوم مما يحول المشترين إلى العبوات البلاستيكيه أو الزجاجيه نظرا لرخص أسعارها أو لو افترضنا أن قد تم الكشف عن أماكن جديده لكميات هائلة من الرمال المستخدمه فى صناعه الزجاج سيؤدى ذلك إلى رخص أسعار الزجاج مقارنه بالألومنيوم أو البلاستيك.
وعلى الشركات التى تطمح فى البقاء والاستمراريه أن تحسن إدارة هذ الأزمات وسأضع بعض الحلول التى يمكن أن تساهم فى تجنب الآزمات ومحاولة تقليل الأضرار الناجمه عنها فى حالة حدوثها :
1- تكوبن فريق إدارة الأزمات:
يتكون الفريق من عدد من الأشخاص يمثل كل واحد قسما من أقسام الشركه ليكون الفريق متكاملا ويغطى كل الجوانب ويتكون على سبيل المثال من (أخصائى مالى – أخصائى قانونى – أخصائى علاقات عامه أو تسويق – أخصائى فنى – أخصائى موارد بشرية – المدير أو نائب المدير كرئيس للفريق)
2- تلقى إلاشارات المبكرة للأزمه:
كل أزمه لها بوادرها التى تنبىء بقرب حدوثها ولابد للشركه من الانتباه جيدا لهذه البوادر حيث أن التغاضى عنها يصعب من عمليه الحل ويؤدى إلى خسائر طائلة فى الأفراد والممتلكات ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بل لابد للشركه من أن تحدد حد أدنى للخطر يجب التحرك عند الوصول إليه. كما يجب وضع سيناريوهات واقتراح خطط بديله.
3- لابد من وضع نظام متكامل للشركه:
النظام وسياسة الشركه يساعدان فى تقليل نسبة الأزمات فهو يحدد كل شىء وبدقة ويرسم إطار دقيق لجميع العمليات التى تتم فى الشركه وباتالى يقلل من عمليات الاحتكاك والصراعات بين الموظفين.
كما يجب أن يكون هناك تحليل وتقييم للشركه كل سنه لتحديد المخاطر والفرص وقياس أداء الموظفين ودرجه رضاهم وتقييم التدريب ومناقشة نظم الشركه وقوانينها.
4- تدريب الموظفين على إدارة الآزمه:
لا يقتصر دور الشركه فى إدارة الأزمات علىى تكوين فريق إدارة الأزمات بل لابد من أن يكون هناك استعداد مسبق وتجارب افتراضيه للأزمات لتدريب الموظفين على حسن التصرف فى حالة حدوث الآزمه وأفضل الأمثلة على ذلك الادارات العسكرية فهى تقوم بهذا الفعل على خير وجه فهناك المناورات الحربية لاختبار القوات واختبارأنواع الأسلحه الجديده وتدريب الجنود على استخدامها.
الأزمات أمور لا محاله واقعه ولا يمكن التغاضى عنها فإن كنت ممن يتوقعون الأفضل دائما وأنك بمنأى عن الأزمات فأنصحك بالابتعاد عن مجال الأعمال فالعيش بسلام يتحقق فقط حينما تنمو قدرتنا على احتواء الآزمات ونتقن إدارتها وعلينا أن نتذكر دائما “أن الضربة التى لا تقصم ظهرك فإنها تقويه”.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.