تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

5 عادات نفسية ستساعدك في الوصول الى السلام الداخلي (●’◡’●)

السلام الداخلي
رشا حسحس
رشا حسحس

7 د

كيف توقف الجنون الذي يجتاح العالم ويجرف المزيد من البشرية كلّ يومٍ في طريقه؟ كيف تتقبل معدلات الجريمة والقسوة وتستطيع تحمّل الأغبياء المتطرفين وكل هذا الظلم؟ حسناً، لا أملك الإجابة ولو ملكتها لكنت خلّصتنا جميعاً من كل ما سبق وما كان ليبقى لأسئلتي هذه أي داعٍ، لكن ما أعرفه أنّني وأنت نحتاج أن ننأى بأنفسنا عن هذا السيل ونقف في مكانٍ ثابتٍ مرتفعٍ يحمينا من أن يبتلعنا الطوفان ويحافظ على سلامتنا العقلية والنفسية، فما الحل؟ السلام الداخلي هو الحل.

اقرأ أيضًا: كيف تتوقف عن القلق بشأن ما إذا كان الناس يحبونك أم لا


السلام الداخلي هو طوق النجاة


ما الذي يجعل السلام الداخلي الحلّ الوحيد أو على الأقل حالياً؟

هو ببساطة إجابة دعاءٍ قديم ردّده الناس على مرّ الأجيال ولم أستطع فهم أهميته حتّى الآن “اللهم امنحني السكينة لأتقبّل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها والحكمة لمعرفة الفرق بينهما”.

السلام الداخلي هو أن تكون الأعاصير هائجةٌ خارج منزلك، أشجارٌ تُقتَلع وبراكين تثور وأنت جالسٌ في بيتٍ ثابتٍ هادئ تراقب كل شيءٍ من النافذة دون أيّ خوف. هو أن تدرك أنّ لا سلطان لمخلوقٍ أو حدثٍ على ما يجول في داخلك وأن تقبل كلّ الأحداث مدركاً أن كل شيءٍ سيكون على ما يرام وأنّ ما يبدو اليوم يوماً رمادياً ما هو إلا التطور الطبيعيّ للأمور، كشجرةٍ تتقبّل اليوم تساقط أوراقها لتورق غداّ وفي الحالتين هي راضيةٌ ساكنةٌ مرتاحة البال.


ما معنى أن تشعر بالسلام الداخلي؟

السلام الداخلي ليس شعوراً إنما هو حالة السكون بين المشاعر، الصمت بين النوتات، هو أن تطفو فلا شيء يدفعك ولا جاذبية تسحبك، هو راحة البال التي لطالما سألتها جدتك لك. راحة البال ليست شيئًا تفعله أو تجده على الفور. إنها بذرةٌ تزرعها بهدوءٍ وبوعيٍ لتنمو بمرور الزمن وتورق. بعبارةٍ أخرى، تأتي راحة البال من العادات الجيّدة التي يتم تكوينها عن عمدٍ بمرور الوقت، هي حالةٌ عقليّةٌ تتسم بالهدوء، اللطف والسلام.


كيف يمكن التمتّع بالسلام الداخلي؟

هذه العادات الخمس مكانٌ جيّدٌ لتبدأ منه:


تقبّل شعورك أياً كان

عندما كنت صغيرةً ظننت أنّني اكتشفت سرّاً عظيماً وكنت أنوي توريثه لأولادي، وهو الطريقة الفعّالة للتعامل مع الألم. كنت أعاني وقتها من آلام الشقيقة وكلّ من جرّب ألم الرأس النّصفي يدرك أنّه أشدّ من أن يتحمّله طفل. مرّةً، وبينما كنت أحاول إخراس هذا الألم مستمرّةً بقول: كفى…كفى…كفى، أدركت لحظتها أن مقاومتي له وتوتري لا يزيده إلا ضراوةً فتوقفت. بدأت التنفّس محاولةً تهدئة نفسي ثم لاحظت أنّ له إيقاعاً منتظماً، فبدأت أزامن أنفاسي حتى انسجمت معه وهدأ. لم يختفِ، لكنّنا لم نعد أعداءً وتعايشت مع زياراته.

مرّت الأيام واكتشفت أن الأمر عينه ينطبق على الآلام النفسية؛ كلّما قاومتها اتّقدت وأحرقتك. لا تقاوم واسمح لهذا الزائر غير المرغوب به أن يفضي بما في جعبته ويرحل. يأتيك حاملاً رسالة لن يمضي حتى يقرأها، فبقدر إطالتك لهذه القراءة وتجنّبك للإصغاء له محاولاً تجاهله علّه يختفي، ستطول زيارته ومعاناتك حتّى أنّه من الممكن أن يضطّر للصراخ لتسمعه.

السلام الداخلي

إن حزنت اقبل، إن رغبت بالبكاء ابكِ وإن بلغ منك الألم حد الصّراخ، اصرخ ملء رئتيك. لا فخر يصاحب الإنكار أو المكابرة. لست إلا قلباً وروحاً، فكيف لا تتألم؟!

لا تخجل إن راودتك مشاعر اتّهموها بالدناءة والقذارة؛ اعلم أن الجميع تراوده أفكارٌ ومشاعر لو اطلعت عليها لولّيت منها فراراً ولملئت منها خجلاً، فلا تخجل. لا تبح لأحدٍ إن لم يكن لديك من يقبلك كما أنت دون أن يطلق عليك الأحكام، يكفي ألّا تمثّل أو تنكر وجودها. اقبلها ودعها ترحل.

لا يعني وجود مشاعرَ وأفكار كالحةٍ لديك، إن جاز التعبير، أنّ عليك الانسياق وراءها، على العكس تماماً. إدراكك أنّك غاضبٌ أو غيرانٌ من أحدهم يعني أن تقبل الشعور ثم تبحث عن سببه وتسأل نفسك هل يمكن لشعورك هذا أن يغيّر شيئاً؟ هل يملك أحدكما سلطاناً على الآخر؟ لا. لماذا إذاً تسمح لتصرفه أن يغضبك وتسمح لنفسك بمحاولة تغييره؟ اقبل الأشخاص والأحداث وحقيقة أنّ الحياة ما هي إلا ضدّين؛ وجود الخير يقتضي وجود الشر، وجود الذكاء يلازمه وجود الغباء وكل ما عليك القيام به أن تختار على أي الضفتين تستقر غير أنّ الجميع ضفتان لنهرٍ واحد.


اقفز في البحيرة

السلام الداخلي

منذ أيّام قليلة قرأت قصّةً في رواية وآهٍ ما أجملها. تتحدّث القصة عن كلبٍ عطشان هائمٍ في الصحراء وبينما هو يلهث ويوشك أن يقع خائراً، لمح بركةً فركض إليها مسرعاً. عندما وصل وأوشك أن يشرب رأى على صفحتها كلباً فخاف وراح يعوي عليه ويزمجر. استمرّ الكلب يرعد ويزبد آملاً أن يرحل الكلب الآخر لكنّ ذاك لم يحدث. ولما لم يرَ من ابتعاده عن البحيرة إلا هلاكه، قرّر أن يقفز في الماء ليهاجم الكلب الآخر ويال العجب اختفى الكلب المخيف عن صفحة المياه وشرب هو حتّى ارتوى.

شرح الكاتب أنّ هذه هي مخاوفنا وهواجسنا التي تمنعنا من مغادرة منطقة الراحة وما لم نرمِ أنفسنا إلى التجارب الجديدة مرةً واحدة ستذوي أرواحنا وتذبل، ومن الممكن أن تمرّ الأيام فنسأل أنفسنا متى متنا؟

واجه مخاوفك واختر الألم طوعاً. فكّر في الأمر كأنّ لديك رصيداً من الألم لابدّ أن تصرفه، فاختر أنت أين تصرفه. اختر أن تتألم في النادي الرياضي بدل أن تتألم على سرير المشفى. اختر أن تتألم لمغادرتك الفراش عند الفجر بدل أن تؤرّقك حياتك الفارغة وتحرمك النوم. إن كان لابدّ من الألم، وأجمل ما في الألم أنّه يذكّرنا بإنسانيتنا، فاقفز إليه بصدرٍ رحب.


توقّف عن الانتظار

أرخ الستائر ولا تترقب زائراً؛ إن حضر يا للمفاجأة والسرور، وإن لم يحضر لم تضع وقتك وآمالك مترقّباً له. لا تنتظر من أحدٍ أن يساعدك ولا تتوقع من غيره أن يسندك. ألّا تتوقع شيئاً يعني أن الأحداث كيفما جرت فهي جرت على الوجه الأجمل ويعني أن تكون حصيناً ضد خيبات الأمل.

لا أعني بهذا أن تسير على غير هدىً في حياتك ولكن ألّا تبني قصورك على أسسٍ غير ثابتة. عليك أن تتقبّل جيداً أن لا سلطان لدينا على الآخرين. قد تتوقّع مساعدةً من أحدهم بطريقةٍ معيّنة فيقدّمها بطريقةٍ أخرى أو في زمنٍ آخر، لا هو أخطأ ولا أنت راضٍ. لو أردت الصدق، فقد ظلمته فأنّى له أن يقرأ توقّعاتك!


لست عليهم بمسيطر

كلّما وجدت نفسك متوتراً من عدم قيام شخصٍ ما بواجباته بعد أن ذكّرته بها مراراً أو مخافة أن يقدم على فعلٍ حذّرته منه، ردّد في داخلك “هو حرٌّ وهذا خياره وأنا لست عليه بمسيطر” وعد إلى مقعد المشاهد واسترخ.

عواطفنا واهتمامنا بشخصٍ ما كثيراً ما تدفعنا للتدخّل في قراراته والتوتر نيابةً عنه والإحباط منه. كلّ هذا سيختفي عندما ندرك أنّه أيضاً يخوض رحلته بالطريقة الأنسب له حاليّاً وأن واجبنا يتلخّص فقط بالنصيحة، فإن اتّبعها كان خيراً وإلا فليس لنا إلا أن نحترم قراره.

حياتك فيها الكثير مما قد يسبب لك التوتر والغضب فلا تحمل أحمالاً مع أحمالك، ولا تجعل من اهتمامك سبباً لتصرفاتٍ سيئة قد تفسد علاقتك بالآخرين. احترم رحلتهم وحاجتهم للتجربة؛ بعض الطرق لابدّ لهم من السير فيها حتى يكتشفوا مطبّاتها.


تنفّس! تسير باتجاه السلام الداخلي

كم تبدو هذه النصيحة من المسلّمات وكم يبلغ عظيم أثرها مبلغاً يتجاوز تزويد خلايا الجسم بالأكسجين! كلّما شعرت أن تلك الدوامة توشك أن تبتلعك، عد خطوةً إلى الوراء وخذ نفساً عميقاً وراقب كل ما يحدث في داخلك. اسمع نيران غضبك تئز، راقبها ثم تنفّس معها ولها وانفثها خارجاً حتى تنطفئ. راقب قلبك المضطرب وتنفّس معه حتى يهدأ وكلّما خفت خذ نفساً عميقاُ واقفز في تلك البحيرة، لن يحصل إلا خيرًا.

أخيراً، اسمح لي أن أجرؤ فأخطو معك خطوةً أبعد وأسألك أن تنظر إلى الطفل القابع في زاويةٍ ظلماء من لواعج نفسك. طفلٌ اعتاد أن يُلام حتّى وإن لم يكن مخطئاً وأن يُصرخ فيه ليصمت مهما احتاج أن يعبّر عن نفسه. طفلٌ حُمّل توقّعاتٍ ليست أهدافه وعُوقب عندما فشل فيها ولُقّب بالفاشل و نعت بأبشع الألقاب التي تنتقد شكله، صوته، أفعاله وحتى طريقة مشيه.

هل تجد لذلك الطّفل من خلاص إلا أن تبدأ بتقبّله، مسامحته على أخطائه وأن تخبره بمزاياه؟ صالح ذلك الطّفل وستنعم بنعيم السلام الداخلي الذي تبحث عنه.

ذو صلة

لك أيضًا: 

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة