تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

الكثير من الشاشات في السيارات الحديثة.. لماذا يريد خبراء سلامة السيارات إعادة الأزرار؟

مريم مونس
مريم مونس

5 د

تطورت شاشات اللمس في السيارات على مدار العقدين الماضيين من كونها ميزة فاخرة إلى معيار صناعي شائع. تقدم هذه اللوحات التحكمية، المتسمة بالأناقة والبساطة، للسائقين العديد من الميزات وخيارات التخصيص. غير أن الدراسات بينت أن هذه الوسائل المريحة قد تكون لها عواقبها، إذ يزداد عدد السائقين المشتتين. رغم انتقاد الهيئات التنظيمية للشاشات داخل السيارة سابقًا، فإن Euro NCAP، وهو جهاز مراقبة السلامة الأوروبي، يتخذ خطوة إضافية بمطالبة صانعي السيارات باستخدام الأزرار والمقابض المادية لتفعيل بعض الوظائف الأساسية للقيادة لضمان أعلى تقييمات السلامة.

منذ عام 2026، سيُمنح التصنيف الأعلى للسلامة من Euro NCAP للمركبات الجديدة التي تتضمن الأزرار والمقابض التقليدية لتشغيل المؤشرات، أضواء الخطر، ووظائف القيادة الأساسية الأخرى، كما ذكرت صحيفة صنداي تايمز. قد تضطر شركات صناعة السيارات التي تعتبر تصنيف السلامة عنصرًا رئيسيًا في التسويق إلى إعادة النظر في كيفية تقديم ميزات القيادة عبر شاشات اللمس. وعلى الرغم من أن هذه المعايير طوعية وتقتصر على أوروبا، فإن النقاش حول استخدام الأزرار يكتسب قوة بين السائقين في الولايات المتحدة أيضًا.

وصف ماثيو أفيري، مدير التطوير الاستراتيجي في Euro NCAP، وجود الشاشات المشتتة للانتباه داخل السيارة بأنه "مشكلة تخص الصناعة بأكملها" خلال مقابلته مع صحيفة صنداي تايمز. وأضاف أن الاختبارات الجديدة لـ Euro NCAP المقرر إجراؤها في عام 2026 ستحفز الشركات المصنعة على استخدام التحكمات المادية المنفصلة للوظائف الأساسية بطريقة سهلة الفهم، مما يقلل الوقت الذي تغيب فيه العيون عن الطريق ويعزز بالتالي قيادة أكثر أمانًا.


ماذا حدث لجميع الأزرار والمقابض؟

أصبحت شاشات اللمس ركيزة أساسية في السيارات الجديدة، حيث تشير دراسة استقصائية حديثة أجرتها S&P Global Mobility إلى وجود شاشة لمس واحدة على الأقل في ما يقرب من كل سيارة جديدة (97٪) تم إصدارها بعد عام 2023. وفقًا لنفس الدراسة، تحتوي ما يقارب 25% من السيارات والشاحنات الأمريكية المتواجدة حاليًا على الطرق على شاشة بحجم 11 بوصة أو أكبر. تتجاوز أنظمة المعلومات والترفيه في هذه السيارات مجرد الاستخدامات الترفيهية مثل التنقل بين أغاني سبوتيفاي أو إجراء المكالمات الهاتفية لتشمل الآن وظائف قيادة أساسية كتفعيل الأضواء الساطعة أو إشارات الانعطاف. وتبين من خلال تقارير Consumer Reports، التي تقيّم تجارب السائقين بشكل دوري، أن نصف السائقين المستطلعين في عام 2022 فقط أعربوا عن رضاهم التام عن نظام المعلومات والترفيه في سياراتهم.

يشير كيلي فنهاوسر، مدير مركز اختبار السيارات لتقنيات المركبات في Consumer Reports، إلى أن المهام البسيطة التي كان ينجزها السائقون في الماضي بضغطة زر أو دوران مقبض تتطلب الآن التنقل عبر عدة شاشات، مما يزيد من الخطوات والوقت والاهتمام المطلوب.

تعددت أسباب اعتماد شركات صناعة السيارات لشاشات اللمس، حيث يسهم التصميم الرقمي في تحرير المساحة داخل المقصورة التي كانت قد تشغلها مجموعة من الأزرار سابقًا. كما توفر الواجهة المشابهة للكمبيوتر اللوحي في الطرازات الجديدة إمكانية الوصول إلى ميزات أكثر تعقيدًا، مما يتيح لشركات السيارات استخدامها كنقاط تميز في المنافسة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر شاشات اللمس أقل تكلفة في الإنتاج على نطاق واسع مقارنة بالتحكمات التقليدية. ويتيح التحول نحو التحكم الرقمي لبعض الشركات إمكانية إصلاح الأخطاء أو إضافة ميزات جديدة عبر تحديثات الإنترنت، مما يغني السائقين عن زيارة ورش الإصلاح. ومع تطور تقنيات مساعدة القيادة والقيادة الذاتية، تبدي الشركات اهتمامًا بفكرة استخدام الشاشات لعرض إعلانات قد تدر دخلًا.


ترتبط المخاوف المتعلقة بالسلامة بشاشات اللمس داخل السيارة

يحذر منتقدو شاشات اللمس من أن تعقيد أنظمة المعلومات والترفيه المتزايد يشكل مخاطر سلامة محتملة. وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة AAA في عام 2017، يجد السائقون أنفسهم مشتتين بصريًا وذهنيًا لمدة تقارب 40 ثانية عند استخدام هذه الأنظمة لإدخال وجهات التنقل أو إرسال رسائل نصية. يثير هذا الاهتمام بشكل خاص في ضوء الدراسات السابقة، بما في ذلك تلك التي أجرتها جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، التي وجدت أن النظر بعيدًا عن الطريق لأكثر من ثانيتين متتاليتين يزيد من احتمالية وقوع حادث بمقدار الضعف. بالإضافة إلى ذلك، أفادت الإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة بأن القيادة المشتتة، بما في ذلك الانشغال بالشاشات، كانت مسؤولة عن 8% من جميع وفيات الحوادث المرورية في الولايات المتحدة خلال عام 2021.

تحاول متطلبات السلامة الأوروبية الجديدة التي أعلن عنها NCAP هذا الأسبوع معالجة هذه المشكلات من خلال جعل الضوابط المادية شرطًا لأي مركبة تتنافس للحصول على أعلى تصنيف للسلامة من فئة الخمس نجوم. ستتطلب المبادئ التوجيهية، التي ستدخل حيز التنفيذ في عام 2026، ضوابط مادية للمؤشرات، ماسحات الزجاج الأمامي، أضواء الخطر، البوق، أو لتنشيط ميزة SOS للطوارئ. على الرغم من أن هذه المتطلبات ليست إلزامية قانونيًا نظرًا لأن NCAP ليست هيئة حكومية، إلا أنها تمثل حافزًا لشركات صناعة السيارات البارزة مثل BMW و Volvo التي تستخدم تصنيفات السلامة NCAP كوسيلة للترويج لأولويات السلامة للمشترين المحتملين.


"إرهاق الشاشة" يترك شركات صناعة السيارات عند مفترق طرق

تواجه شركات صناعة السيارات مرحلة انتقالية حاسمة بين الاستثمار في شاشات أكبر وأكثر تعقيدًا والعودة إلى استخدام الأزرار والمقابض التقليدية. فقد أدخلت شركات مثل فورد ومرسيدس بنز سيارات مجهزة بشاشات رقمية ضخمة بقياسات تصل إلى 48 بوصة و56 بوصة على التوالي. من جانبها، اضطرت شركتا مرسيدس وتسلا إلى إيقاف التحديثات عبر الإنترنت بعد حوادث نادرة تمكن فيها السائقون من مشاهدة التلفزيون ولعب ألعاب الفيديو على الشاشات أثناء القيادة.

ذو صلة

في المقابل، استجابت شركات أخرى مثل هيونداي ونيسان لمخاوف "إرهاق الشاشة" بين المستهلكين من خلال الالتزام مجددًا بالأزرار والمقابض التناظرية. فقد صرح سانج يوب لي، رئيس قسم التصميم في هيونداي، مؤخرًا بأن الشركة اختارت التركيز على الضوابط المادية لضبط تكييف الهواء والراديو في الطرازات الحديثة. بدورها، اختارت نيسان مزيجًا من الشاشات الأصغر حجمًا وأدوات التحكم المادية وردود الفعل اللمسية.

قد يرحب جزء كبير من المستهلكين بتلك القرارات، خاصة أولئك غير الراضين عن التوجه نحو استخدام المزيد من الشاشات. وقد وصفت J.D. Power، التي قامت باستطلاع آراء السائقين مؤخرًا حول أنظمة المعلومات والترفيه، النظم المتزايدة التعقيد لشاشات اللمس التي تستخدمها بعض شركات صناعة السيارات بأنها "مثال بارز على التكنولوجيا التي لا تجد صدى لدى المشترين اليوم".

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة