توصلت دراسة جديدة إلى أن العمل من المنزل يمكن أن يحقق فوائد صحية كبيرة!

كشف تحليل معمّق للمراجع الأكاديمية حول بيئات العمل بعد الجائحة عن مزايا متعددة للعمل من المنزل، تتضمن تحسين العادات الغذائية، التخفيف من حدة التوتر، وخفض معدلات ضغط الدم. غير أن الأبحاث التي أجرتها وكالة الأمن الصحي البريطانية (UKHSA) وكلية كينجز كوليدج في لندن تُشير إلى ميل العاملين عن بُعد نحو الإكثار من تناول الوجبات الخفيفة، والإفراط في شرب الكحول، والتدخين، وزيادة الوزن. إضافة إلى ذلك، بيّنت النتائج أن العاملين من المنازل يندر تغيبهم بداعي المرض، يميلون إلى العمل لساعات أطول، مما يزيد من إنتاجيتهم، خاصةً في المهام الإبداعية.

استعرضت الدراسة التي قادتها شارلوت هول من (UKHSA)، 1930 ورقة بحثية تناولت العمل من المنزل، والعمل عن بُعد، وأشكال أخرى من العمل المرن، بهدف توحيد النتائج المتضاربة غالبًا. فأشار البروفيسور نيل جرينبيرج، الطبيب النفسي بكلية كينجز كوليدج لندن وأحد مؤلفي الدراسة، إلى أن هذه النتائج تُظهر ضرورة أن يأخذ العاملون وأصحاب العمل، العمل من المنزل بجدية مماثلة للعمل المكتبي.

وقد حددت الدراسة، المنشورة في مجلة الصحة المهنية، ثلاثة مواضيع رئيسية، وهم: بيئة العمل المنزلية، وتأثير العمل من المنزل على حياة ومهن العاملين، وتأثيره على صحتهم. وأكد جرينبيرج على أن النتائج أظهرت وجود "فائزين وخاسرين" في جوانب مختلفة من العمل من المنزل، حيث تعتمد جودة بيئة العمل على عوامل مثل المساحة المتاحة، والمعدات، وقدرة العاملين على التحكم في جدولهم اليومي.

وأظهرت الدراسة أيضًا أن الأشخاص ذوي الدخل المرتفع يستمتعون بالعمل من المنزل أكثر، بينما يمكن أن يواجه أولئك الذين لديهم مسؤوليات كبيرة في المنزل، مثل رعاية الأطفال أو الأعمال المنزلية، ضغوطًا أكبر. جرينبيرج أضاف أن العديد من الأشخاص يشعرون بزيادة في الإنتاجية عند العمل من المنزل، وخاصة في المهام الإبداعية، بينما قد يصعب التعامل مع المهام الروتينية.

وكانت التأثيرات على الصحة أكثر وضوحًا، حيث أشارت الدراسة إلى أن الانتقال إلى العمل من المنزل خلال جائحة كوفيد قد ارتبط بزيادة استهلاك الخضروات، والفواكه، ومنتجات الألبان، والوجبات الخفيفة، والوجبات المعدة منزليًا، حيث استفاد الموظفون الأصغر سنًا والإناث بشكل خاص من ناحية التغذية الصحية. ومع ذلك، وجدت إحدى الدراسات أن 46.9% من الموظفين الذين يعملون من المنزل زاد وزنهم.

في ضوء هذه النتائج، ينصح جرينبيرج الإدارات وأصحاب العمل بالبحث عن طرق لدعم العاملين من المنزل وخلق بيئة عمل مناسبة لهم.

ومن الجدير بالذكر أنه ومع رفع قيود كوفيد في 2022، حثت بعض الشركات الموظفين على العودة إلى المكاتب بدوام كامل، حيث طلبت شركات مثل "جي بي مورغان" من المديرين التواجد 5 أيام في الأسبوع. لكن جرينبيرج علق على ذلك قائلًا: " "إذا كانت شركات مثل "جيه بي مورجان" تخشى أن يتكاسل الناس في الداخل، أو لن يقوموا بعمل جيد، ولا يمكنهم مراقبتهم، فأعتقد أن هذا مفهوم عفا عليه الزمن".

وقد حذر جرينبيرج من أن رفض خيارات العمل من المنزل قد يؤدي إلى فقدان المواهب ويقلل من مرونة الشركات في مواجهة الأزمات المستقبلية، مثل حدوث حالة طوارئ صحية أخرى تمنع الناس من الوصول إلى مكاتبهم. وأضاف: "إذا كانوا يفعلون ذلك بدافع الخوف فقط، فإنهم يخاطرون بالتخلف عن الركب.. لقد نظرنا إلى قدر كبير من الأدلة على مر السنين وما أظهرته مراجعتنا هو أن هناك طرقًا لجعل نهج العمل من المنزل يعمل بشكل جيد للمؤسسة وللموظف أيضًا".