دراسة جديدة تكشف كيف تستخدم التارديغرادا “الدببة المائية” سلاحها الكيميائي لتحمل الظروف القاسية!

وتمتلك التارديغرادا القدرة الفريدة على دخول حالة سكون تشبه الموت تسمى التون (tun). في دراسة نشرت في PLOS One، اكتشف الباحثون أن مركبات الأكسجين النشطة (ROS) تلعب دورًا حاسمًا في عملية تشكيل حالة التون، حيث تُنبئ هذه المركبات بأكسدة حمض الأميني السيستين، الأمر الذي يظهر أهمية هذا العمل الكيميائي لتحقيق التون. هذا الاكتشاف يفتح أفقًا جديدًا للبحث في هذه الكائنات الصغيرة، ويقدم فرصًا جديدة لفهم آليات بقائها في ظروف بيئية قاسية.

ربما اكتشف العلماء أحد الألغاز المحيطة بأحد أصغر الكائنات البيولوجية والتي تُعرف بالدببة المائية أو "تارديغرادا"، حيث اكتشف فريقًا من العلماء آلية رئيسية تستخدمها هذه المخلوقات الصغيرة لتحمل الظروف القاسية التي تكاد تكون قاتلة لأي حيوان آخر.

وتارديغراد هي مجموعة من اللافقاريات ذات الثمانية أرجل، لكنها اشتهرت بسبب إمكانيتها الغريبة في البقاء على قيد الحياة في معظم الأماكن القاسية على الأرض (وحتى خارجها). وإذا كانت الظروف صعبة حقًا، يمكنها أيضًا دخول فترة من السكون تشبه الموت.

تعرف هذه القدرة عمومًا باسم الاختباء البيولوجي، والحالة الأكثر شهرة من حيث السكون التي يمكن أن تحققها التارديغرادا تعرف بـ "التون". ففي حالة التون، تمتص التارديغرادا جميع أطرافها الثمانية، وتتجعد إلى كرة، وتستنزف ما يقرب من كل إمداداتها الداخلية من الماء.

وفي هذه الحالة الجافة، تمتلك بعض التارديغرادا القدرة على تحمل درجات حرارة شديدة، ودرجات حرارة تقترب من الصفر المطلق، وتُعرض لمستويات عالية من الملح التي تقتل فيها كل شيء تقريبًا في العالم. اعتمادًا على النوع والبيئة التي يعيشون فيها، يمكن للتارديغرادا أن يظلوا في حالة السكون هذه لعقود أو حتى أطول، حتى تتحسن الظروف البيئية.

على مر السنين، عرف العلماء المزيد عن الحيل الخاصة التي تستخدمها التارديغرادا لتحقيق والحفاظ على التون. ولكن في ورقة بحثية جديدة، نشرت في PLOS One، يقول فريق من الباحثين إنهم اكتشفوا على الأقل واحدة من المفاتيح الكيميائية التي تسمح للتارديغرادا بتحقيق التون.

وخلال سلسلة من التجارب، وجد الفريق أدلة تشير إلى أن مركبات الأكسجين النشطة (ROS)، التي يبدو أن لديها دورًا رئيسيًا في التوسط في عملية التون. حيث تعتبر تلك المركبات مجموعة من المواد الكيميائية الأكسجينية غير المستقرة تُنتج طبيعيًا من التحلل الطبيعي للجزيئات الأخرى في الجسم.

وعلى الرغم من أن تراكم بعض مركبات (ROS) قد يساهم في مشاكل صحية مثل السرطان، إلا أن هذه الجزيئات لها أيضًا وظائف حيوية مهمة، مثل التنبيه. ووجد الباحثون، في التارديغراد، أن هذه المركبات تشير إلى أكسدة الحمض الأميني السيستين، الذي يبدو بدوره أنه حاسم في تكوين التون. وعندما وجد الفريق وسائل لإيقاف القدرة على أكسدة السيستين في كائنات الاختبار الصغيرة، فقد فقدت التارديغرادا قدرتها على تحقيق التون كما كان من قبل، داعمين بذلك فرضيتهم.

وقد قالت ليزلي هيكس، أحد كتَّاب الدراسة وكيميائية في جامعة نورث كارولاينا: "لقد فتحت هذه الدراسة أفقًا كبيرًا من التجارب التي يمكننا متابعتها الآن".

ومن الجدير بالذكر أن هذه النتائج تعتمد على دراسة نوع واحد فقط من التارديغرادا  (Hypsibius exemplaris). وحتى لو كان هذا البحث يخضع لمزيد من التدقيق، يدرك العلماء أنهم لم يحلوا كل جوانب بقاء التارديغرادا. حيث لا تخضع جميع الأنواع المعروفة للتون، وهناك استراتيجيات أخرى تستخدمها التارديغرادا لتحمل الظروف السيئة للعيش. ولكن يجب أن توفر هذه الأبحاث مسارات جديدة لاستكشاف هذه الحيوانات المذهلة.