تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

أين تكمن جذور الإنسانية؟ دراسة الصراع على سيادة التراث الجيولوجي بين الصين وأمريكا

مريم مونس
مريم مونس

3 د

تناولت الدراسة قضية الصراع حول التنقيب عن الحفريات في الفترة بين الحربين العالميتين مُستكشفة كيفية تأثير ذلك على علاقة العلم بالسيادة.

أدت المفاوضات بين الجانب الأمريكي والصيني إلى تباين في وجهات النظر بشأن ملكية الحفريات الأثرية، وأثارت نقاشات حول العلاقة بين الحفريات والسيادة الوطنية.

بحلول عام 1930، رفضت الصين تصنيف الحفريات والأزمان الجيولوجية التي تُمثلها كعالمية، مُعتبرة إياها بدلاً من ذلك كجزء من ملكيتها المحلية والسيادية.

واجهت العديد من المؤسسات الثقافية والمتاحف في الغرب، خلال السنوات الأخيرة، دعوات متزايدة لإعادة الأعمال الفنية إلى بلدانها الأصلية. ومن أشهر هذه القضايا، قضية رخامات البارثينون (Elgin Marbles) التي تُعرض حالياً في المتحف البريطاني، حيث طالبت اليونان مراراً وتكراراً بإعادتها إلى موطنها الأصلي.

يتناول مقال "الإمبريالية الثقافية: نظرة جديدة" قضية استعادة الآثار والأعمال الفنية التي نهبت خلال فترات الاستعمار والإمبريالية. كما يسلط الضوء على كتاب "الحفريات والسيادة: دبلوماسية العلوم وسياسة الزمن العميق في النزاع الأحفوري الصيني الأمريكي في عشرينيات القرن العشرين" للمؤلف هسياو-بي ين (Hsiao-pei Yen)، الذي يروي الصراع بين المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي والحركة القومية العلمية الصينية حول التنقيب عن الحفريات في فترة ما بين الحربين العالميتين، مشيراً إلى أهمية ملكية الأحفوريات في السياسة الدولية.

في العقود الأولى من القرن العشرين، كان الاعتقاد سائداً بين العلماء أن مفتاح فهم أصول الإنسان، المعروف بـ "الحلقة المفقودة"، قد يكون موجوداً في آسيا الوسطى. لذا، أرسل المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي بعثة إلى صحراء جوبي بحثاً عن هذا الاكتشاف المهم، ورغم عدم نجاحها في العثور على دلائل تشير إلى أصل الإنسان في المنطقة، إلا أنها قامت بإرسال العديد من الحفريات والقطع الأثرية القيمة إلى الولايات المتحدة خلال النصف الأول من العشرينيات.

ومع ذلك، في عام 1928، وفي ظل التغيرات السياسية التي شهدتها الصين بقيادة تشيانغ كاي-شيك (Chiang Kai-shek) نحو الوحدة والتجديد، وجد الأمريكيون أنفسهم محبطين عندما اكتشفوا أن نتائج أعمالهم قد تم حجزها بأمر من جمعية بكين للحفاظ على الممتلكات الثقافية.

أدت المفاوضات التي تلت ذلك بين الجانبين الأمريكي والصيني إلى تسليط الضوء على وجهات نظر مختلفة ليس فقط حول ملكية هذه البقايا التاريخية، بل وأيضاً حول العلاقة بين الحفريات والسيادة الوطنية.

كان القوميون الصينيون يأملون في تصحيح التوازن التاريخي الناجم عن المعاهدات التجارية غير العادلة مع الدول الغربية، ورأوا في النقاش حول مصير الآثار المكتشفة فرصة لاستعادة جزء من الاستقلال والسيادة الوطنية.

كتب ين: "تم اعتبار الآثار كنوز وطنية لا تُقدر بثمن، ليس فقط لأنها تُعدّ رابطاً بماضي الصين، بل لأنها تُشكّل أيضاً موارد لرأس المال الثقافي ذي القيمة الأكاديمية العالية كموضوعات بحثية، تُمكّن العلماء المحليين من إنشاء وتطوير إطارهم المعرفي الخاص."

اتفق ممثلو المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي (AMNH) وجمعية بكين للحفاظ على الممتلكات الثقافية (SPCO) في البداية على تقاسم العينات النباتية والحيوانية والمعدنية، بينما تُحتفظ جميع المواد الأثرية وحفريات اللافقاريات في الصين، وتُرسل حفريات الفقاريات إلى أمريكا، على أن تُعاد النسخ المكررة إلى الصين.

أصرت AMNH على هذا التفريق بين البقايا الأثرية والحفريات، مُدّعية أن الحفريات الجيولوجية "تشكّلت في أزمنة جيولوجية سابقة ولم تحمل أي ارتباط تاريخي أو ثقافي بالشعوب في المكان الذي عُثر فيه عليها". وبناءً عليه، زعمت AMNH أنه يُمكن تصدير هذه الحفريات والاحتفاظ بها من قبل أي دولة.

غير أنه بعد الاتفاق، دعت الحكومة الصينية إلى إعادة تصنيف الحفريات كملكية سيادية. وصف أحد المسؤولين الحكوميين هذا القرار بأنه جزء من "تحول جوهري" في التاريخ الجيوسياسي، مُعلناً: "لا تقتصر سيادة الدولة القومية على سطح الأرض فحسب؛ بل يجب أن تشمل التضاريس الممتدة إلى السماء والأعماق تحت الأرض ضمن حدودها الوطنية."

ذو صلة

بحلول عام 1930، رفضت الصين التفسير القائل بأن الحفريات والأزمنة الجيولوجية التي تُمثلها هي مُلكية عالمية، وبالتالي يُمكن استغلالها بسهولة من قبل القوى الأعظم، واعتبرتها بدلاً من ذلك كجزء لا يتجزأ من المحلية والسيادة. لم تُحدّ هذه التدابير الحمائية المتعلقة بالحفريات الصينية من إنتاج المعرفة حول اكتشافاتها، بل أكدت بدلاً من ذلك على حق الدولة الصينية في السيطرة على دراستها واستخدامها في السياقات الدبلوماسية.

ويخلص المؤلف إلى أن "الوعي بالبعد العمودي قد خلق خيالاً سياسياً وزمنياً جديداً؛ قد تكون علوم الأرض وتاريخها عالميين، ولكن يجب استكشافهما ضمن الحدود السيادية للدول."

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة