تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

جنون العظمة.. سيكولوجيا المركزية في هذا العالم!

جنون العظمة
آية سعيد
آية سعيد

7 د

بالتأكيد قد سمعت يوماً ما هذه العبارة، وإذا كنت شخصًا سويًّا نفسيًا بالتأكيد ستقع علي مسمعك هذة الجملة وقعًا سيئًا، بل وإن الأمر قد يصل بك إلى أن تقطع علاقتك بهذا الشخص، لأن الأمر لن ينتهي عند هذه الجملة فبالطبع ستسمع منه عبارات كثيرة مثل:

“أنا افضل من غيري”.

“أنا خُلقت لأكون عظيمًا”.

“أنا الملك”.

“أنا السلطان”

“أنا ملك الغابة شايفك قطة” .

وقد يصل به الأمر إلى أن ينسب نفسه إلى نسل العائلات الملكية أو الأنبياء أو المشاهير، ولكن قبل أن تبتعد عنه دعني أخبرك بسر صغير؛ أن هذا الشخص لا يكذب عليك فهو في الحقيقة يشعر بذلك لأنه مصاب بمرض “جنون العظمة”، أو ما يسمى في كثير من الأوساط بـ “البارانويا“: وهي حالة مرضية عقلية تتميز بالهذيان الواضح ويتركز هذيان مريض “البارانويا”على مشاعر العظمة والاضطهاد.

فيشعر هذا المريض بالثقة المفرطة في الذات والتباهي بالنفس لدرجة الجنون، بحيث يعتقد أنه شخص عظيم ولديه ذكاء خارق وأنه مختلف تمامًا عن باقي البشر، وليس له مثيل وله قدرات خارقة ومواهب عظيمة وأموال وعلاقات.

وذلك يكون عكس الواقع تمامًا ففي كثير من الأحيان تجده شخصًا عاديًّا مثله مثل باقي البشر، ولكنه يملك من الثقة بالنفس ما يكفي دولة بأكملها ومستحيل أن تغير له رأيه تجاه تلك الأفكار في عقله، وحتى إذا واجهته بالحقيقة سوف يظن أنك تكرهه أو تحقد عليه وتحسده على وضعه، ويصل به الأمر في كثير من الأحيان إلى الاعتقاد أن العالم لا شيء بدونه، وخصوصًا وإن كان شخصية مشهورة ولديه الكثير من المحبين الذين يُقنعونه أن كل هذا ما هو إلا مؤامرةً أو حسدًا من الآخرين.


أسباب ظهور مرض جنون العظمة


الأسباب الوراثية لمرض جنون العظمة

فقد يرثه المريض من أحد الأقارب أو أفراد الأسرة، والذي يكون مثله الأعلى، وفي الحقيقة فإن هذا الشخص يكون مريضًا أيضًا.


أسباب عضوية لمرض جنون العظمة

أهمها تناول حبوب الهلوسة التي تجعل الشخص يهلوس فيتخيل نفسه ملكًا أو سلطانًا.

ووجد العلماء أن كثيرًا ممن يعانون من إعاقات بدنية يصابون بهذا المرض وفي الغالب يكونون من ذوي أمراض مثل: شلل الأطفال والصمم وكف البصر.


أسباب نفسية لمرض جنون العظمة

  • الأسباب التي ترجع إلى الأسرة مثل: الإهمال والإيذاء مما يُولد لدى الشخص شعورًا بالخوف الشديد من الفشل والإحباط.
  • القلق الزائد الذي يؤدي إلى اكتئاب مزمن فيلغي الثقة بالنفس.
  • فقدان الشخص وظيفته فيصاب بحالة من فقدان الثقة النفس والإحباط الشديد.
  • الاضطراب في نمو الشخصية.
  • فقدان الشخص لشخص عزيز عليه فيبدأ بتخيله ويعاني من أعراض الفصام التي تتحول بعد ذلك إلى “البارانويا”.

كل هذه الأسباب تؤدي إلى ظهور شخص يعاني من صراع شديد مع النفس، فيظن أنه ليس له مثيل في العالم ويبدأ يتخيل أنه الملك والأسطورة.

ولسوء الحظ، حتى وإن كان هذا الشخص ذا قيمة في المجتمع، فإنه يفقدها بكل سهولة، وكثير من العلماء والعظماء ورؤساء الدول والمشاهير أصابهم هذا المرض.


مشاهير أصابهم مرض “جنون العظمة”


أدولف هتلر

أدولف هتلر جنون العظمة

أدولف هتلر

الزعيم النازي الذي كان يظن أنه مبعوث ليُنقي العرق الألماني من الباقين، وأنه مختلف عن باقي البشر، مما جعله محط أنظار كثير من الدراسات العقلية والنفسية، وظهر المرض في الكثير من سلوكياته أشهرها:

  • كان يضع أسر يهودية بأكملها في الزيت المغلي أو في غرف الغاز الشهيرة حتى يتخلص منهم.
  • كان يُصاب بحالة من الفزع الشديد والصراخ إذا قام أي أحد بتقصير شعره بشفرات الحلاقة، وكان يحلق ذقنه بنفسه حتى لا يضع أحد الشفرات علي رقبته.

معمر القذافي

جنون العظمة

معمر القذافي

لابد أنك في ذات يوم سمعت في خطاباته ادعاته أنه:


“خليفة المسلمين” الذي بُعث لتخلصيهم أو “ملك ملوك أفريقيا”.

والكثير من العبارات كانت تدل على إصابته بجنون العظمة مثل:


“من أنتم؟!”.

التي كانت تثير السخرية لدى الكثير منا، ولكن في الحقيقة هو فقط مصاب بـ”البارانويا”، التي تملكت منه فجعلته على يقين أنه الأقوى والأذكى ولا يقدر أحد على الوقوف أمامه.


صدام حسين

جنون العظمة

صدام حسين

الرئيس العراقي الراحل صدام هو سياسي شهير عانى من “البارانويا”، وظهرت بوضوح في خوفه الشديد من المحيطين به حتى من أصدقائه وأسرته، وكان دائمًا يرى أنه معرض لمؤامرة ما، فيقوم بتصرفات غير عقلانية لا تليق مع مكانته وذكائه، هذه التصرفات جعلته موضع دراسة وتحليل فى كتاب “التقييم النفسي للقادة السياسيين” والذي قدم تحليلًا نفسيًا لشخصية صدام حسين وبيل كلينتون وكثير من القادة.


ريتشارد نيكسون

جنون العظمة

ريتشارد نيكسون
الرئيس الـ 37 للولايات المتحدة الأمريكية الذي اعتبره الأطباء وعلماء النفس أفضل مثال للشخص الذي يعاني اضطراب جنون العظمة، وقالوا رغم أنه كان واحدًا من أفضل قادة الولايات المتحدة، إلا إنه كان عاجزًا عن رؤية الجانب الآخر من أي شيء وكانت لديه قناعة دائمة بأن هناك مؤامرة ضده.

ليس الزعماء فقط الذين عانوا من “جنون العظمة”، بل وأصاب هذا المرض الحكماء والكثير من المفكرين والمشهورين والأذكياء والعلماء ومنهم:


جون فوربس ناش

جنون العظمة

جون فوريس ناش

عالم الاقتصاد الشهير الذي حاز على كثير من الجوائز أشهرها: جائزة “نوبل للإقتصاد” وجائزة “ليروي ستيل”.

كان من العلماء الأذكياء بمقدرةٍ كبيرة على حل كثير من المسائل الحسابية المعقدة، ولكن فجأة وبدون مقدمات بدأت تلاحظ زوجته ظهور تصرفات وسلوكيات غريبة عليه، فكان يتباهى بنفسه وقدراته ويُعجب بذكائه، وظهرت لديه أعراض الانفصام واضحة؛فبدأ يتخيل أن له صديقًا يشاركه تفصيل حياته في غرفته، وهو في الحقيقة يكون بمفرده، ويقوم في منتصف الليل يكتب الكثير من العمليات الحسابية المعقدة ويبدأ بحلها بدون مبرر.

ولكن سرعان ما تواصلت زوجته مع الأطباء، وبدأوا في علاجه وكان في حالة شديدة من المرض؛ حتى كان يظن أن الأطباء مبعوثون من الحكومات لقتله لأهميته ومكانته، ولأننا نعلم “أن وراء كل رجل عظيم امرأة” فظلت زوجته معه حتى تماثل الشفاء التام ورجع إلى طبيعته.

وصيغت قصة حياته ومُعانته في كتاب، وصُنع منها فيلم شهير محبب إلينا يحمل نفس الاسم وهو :عقل جميل (بالإنجليزية: A Beautiful Mind).

وبالتأكيد أصاب الفنانين وأشهرهم:


بريتني ميرفي

جنون العظمة

بريتني ميرفي

الممثلة الأمريكية التي رحلت عنا في 2009 في حادث حير الكثير منا وأثار الكثير من التساؤلات حوله، وبعد ذلك ظهرت والدتها في فيلم وثائقي عن حياة بريتني، لتخبرنا أنها كانت تعاني من جنون العظمة بشدة، فتتخيل أن الطائرات تحلق فوق رأسها وأنها تحت المراقبة.


هل هناك علاج لمرض جنون العظمة؟

كيف تم علاج جون؟

هل يتم العلاج داخل المستشفيات فقط؟

هل يتناول المريض أدوية أم أنه علاج نفسي؟

الحقيقة أن المرض له طرق كثيره للعلاج:


العلاج الطبي

أن يذهب هذا المريض إلى المستشفى ويتلقى نوعًا من الأنسولين المعدل والصدمات الكهربائية، ولكن هذا حل صعب جدًا، فكيف لك أن تقنع الأسطورة والملك بالذهاب إلى مستشفى لعلاج الأمراض النفسية والخضوع لعلاج من طبيب في نظر المريض أنه حاقد على وضعه ويحسده ولا يعلم قيمته ومكانته!


العلاج النفسي

لكن هذا النوع لا يؤثر بسهولة مع مرضى “البارانويا” لأن المريض يكون مثقفًا في كل المجالات تقريبًا، فهم في كثير من الأحيان العلماء والحكماء و الرؤوساء والقادة، ولديهم سلوك عدواني تجاه الآخرين وتجاه المعالج خصوصًا، فما هو إلا شخصًا حاسدًا أو حاقدًا عليه، لذلك تأثير هذا النمط من العلاج ضعيف.


العلاج السلوكي

هذا النوع هو الأكثر تأثيرًا مع هذا المرض، فيبدأ المعالج بدعم وتعزيز السلوك التوافقي وهنا يحدث اهتزاز في تماسك الشخصية ويساعده على العمل الاجتماعي والجماعي، وتقوم الأسرة والبيئة المحيطة بدور كبير عن طريق مساعدته على الاندماج في المجتمع والقيام بالأنشطة الاجتماعية، فيشعر أنه جزء من العالم وليس فوق البشر وأن مثله مثل الآخرين، فكلنا في النهاية مجموعة تروس في عجلة الكون الكبير يعتمد كل منا على الآخر ولا يوجد بيينا شخص كامل.


أعراض البارانويا

والآن بعد أن عرفت أعراض المرض وطرق علاجه، لا بد أن يشغل بالك أمور كثيرة مثل:

هل أنا مُصاب بجنون العظمة؟

هل صديقي مُصاب بهذا المرض؟

أو ربما تظن أن أحد أقاربك أو معارفك يعانون من هذا المرض، دعني أوضح لك أمرًا بسيطًا: عليك أن تتحرى الدقة في الأمر قبل إصدار حكمك، فهناك فروق بين مرض “النرجسية “و “النرجسية الزائدة” التي تؤدي إلى جنون العظمة، وبين الثقة في النفس القوية التي تشعر بها تجاه مهاراتك وقدارتك العقلية.

علامات الإصابة بمرض جنون العظمة:

ذو صلة
  • عدم تقبل النقد إطلاقًا، ونقد الناس والاستخفاف بهم وبقدراتهم المختلفة.
  • طريقة تفكير خيالية عقيمة، فقد يقوم بنسب بعض الأشياء العظيمة والخارقة لذاته دون غيره..
  • شعور الشخص بأنه يوجد تواصل مميز بينه وبين المولى سبحانه وتعالى، ومهمته هي إنقاذ البشرية مثل: هتلر.
  • في العادة يكون الشخص المصاب بهذا المرض كثير الكلام ولديه الرغبة في التحدث بكثرة دون توقف.
  • طريقة السير كالملك تعد أحد أعراض المرض الواضحة بدون خلاف.

وإذا شعرت أنك تعاني من هذه الأعراض أو لمح لك بعض أصدقائك بأي منها، فعليك زيارة الطبيب، فربما أنت لست مركز العالم أو الشخص الذي ليس له مثيل في العالم، ولكنك بالتأكيد جزءٌ من منظومة صغيرة وهي عائلتك وجزءٌ من منظومة أكبر وهي العالم وكلهم يحبونك ولا يحقدون عليك ويحتاجون إليك في كثير من الأمور، ولا يشغلهم سوى سلامتك وأن تقضي معهم حياة سعيدة سوية.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة