تويتر أم رديت.. من يتربّع على عرش الصحافة الرقمية؟

ساعدت النهضة الكبيرة التي شهدتها منصات التواصل الاجتماعي خلال العقدين الماضيين في توسع قاعدة مستخدميها وإضافة مميزات تقنية نوعية إليها، بالتالي تفوقت بعض هذه المنصات على غيرها بطريقة عرض المحتوى أو بطبيعة المحتوى ذاته. فمثلا؛ تخصص تويتر ورديت لنشر الأخبار والأحداث في الوقت الفعلي، عدا عن مساعدتهما الكبيرة في الحصول على التحديثات والتعليقات وآراء الخبراء حول الأحداث الجارية، وهذا أمر بالغ الأهمية لفهم التأثير المجتمعي.

من هذا المنطلق رغبنا بتسليط الضوء على تأثير هاتين المنصتين في عالم الأخبار الرقمية، وكيفية الاستفادة منهما لأغراض الصحافة والنشر. لذا تابع معنا القراءة.

يشير مفهوم الصحافة الرقمية إلى استخدام التكنولوجيا ووسائل الإعلام الرقمية في عمليات إنشاء وتوزيع المعلومات الصحفية. بحيث تعتمد على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتواها،  كما  تسمح للصحفيين بتقديم الأخبار والتحليلات والتقارير بشكل سريع وتفاعلي مع جمهورهم عبر ميزة التعليقات ومشاركة المحتوى. ومن أشهر المنصات الإلكترونية التي تلعب دورًا هامًّا في الصحافة الرقمية هما: تويتر ورديت الذين يشتركان بعدة جوانب.

على تويتر، يمكن للمستخدمين التغريد بما يريدون في 280 حرفًا، وذلك يسمح بتبادل الأفكار بسرعة. بينما يوفر رديت منصات مثل "السب رديت" للنقاشات المعمقة. وفي حالات عديدة، يعبر الناس عن غضبهم أو احتجاجهم أو حتى تضامنهم على تويتر، في حين يُفضلون رديت لتقديم التحليلات العميقة وطرح الأسئلة.

سرعة الانتشار

 يعتبر تويتر ورديت قنوات سريعة لنشر الأخبار فيمكن للأحداث الحالية أن تصل إلى جمهور واسع خلال ثوان فقط. لكن عندما يحصل حادث كبير، يمكن للمعلومة أن تنتشر على تويتر خلال ثوانٍ. على سبيل المثال: خلال الثورات العربية، اعتمد الكثيرون على تويتر كمصدر أساسي للأخبار المباشرة.

فلترة المحتوى

 تتفوق رديت على تويتر في هذه الخاصية. وذلك من خلال ميزة التصويت على التعليقات التي تسمح بتصنيف المحتوى بناء على شعبيته وجودته، وبالتالي المحتوى الأكثر جدارة بالقراءة والتفاعل سيصل للمستخدم. على سبيل المثال: في حال كان هناك خبر هام، فمن الممكن أن يجد المستخدم هذا الخبر في الصفحة الرئيسية لرديت بسبب التصويت الإيجابي من قبل المستخدمين.

الأخبار الكاذبة

 تحاول كلتا المنصتين التصدي للأخبار المزيفة ومنع نشرها عبر موقعها أو تضمينها ضمن محتواها. ولكن رديت تتفوق على تويتر في هذا الجانب.  ورغم أن تويتر ورديت يواجهان تحديات مع الأخبار المزيفة، إلا أن رديت يتمتع بنظام تصويت يساعد في تصفية المحتوى غير الجيد أو المضلل.

تكشف التقارير عن وجود اختلافات كبيرة بين منصتي تويتر ورديت بحيث يمكن استغلال هذه الفروقات لتلبية متطلبات العميل أو الصحافة الرقمية.

الطائر الأزرق أو Blue Bird هو العصفور الصغير الموجود ضمن شعار تويتر والذي يرمز لونه الأزرق إلى الثقة والاتصال وحرية التعبير الذي تشتهر به تويتر. بينما يشير رمز (سنومان) الموجود في أيقونة موقع رديت إلى روح الاستكشاف الموجودة ضمن الموقع، والمبنية على العمل الجماعي وتبادل المعرفة والمحتوى بين المستخدمين.

يعتمد تويتر على التفاعل المباشر كإرسال الردود والتغريدات. بينما يظهر التفاعل في رديت على شكل التصويتات المؤيدة أو المعارضة للفكرة المطروحة إضافة الى تعليقات توضيحية قد تتضمن روابط لدعم الفكرة. على سبيل المثال: تويتر هو عالم التفاعل الفوري، فعندما قام إيلون ماسك بتغريدة عن سهم معين، شهد السوق تقلبات مباشرة. أما رديت، من ناحيته، يجمع بين الأفراد في مناقشات معمقة. فعندما تُطرح فكرة جديدة، قد تجد مئات التعليقات التي توفر رؤى مختلفة ومراجع متعمقة.

يستخدم تويتر منذ عام 2006 كموقع تواصل اجتماعي يقدم خدمة التدوين المصغر (التغريدات) للمشاهير والمؤثرين الذين يشكلون معظم مستخدميه. ومن جهة أخرى انتشر رديت عام 2005 كمجتمع اخباري على الانترنت، وسرعان ما تطور الى منتدى يتناقش ضمنه المستخدمون المتمرسون في مجال معين كالتكنولوجيا وألعاب الفيديو والمشاكل التقنية. 

عند النظر لقاعدة المستخدمين ستجد رديت يتجاوز تويتر بأكثر من مئة مليون مستخدم نشط شهريا. فالاستخدام الرئيسي لتويتر يتوزع بين تحديثات المشاهير والتدوين المصغر للأحداث الجارية والأخبار العاجلة والسريعة. على عكس رديت الذي اعتمد على تبادل المعرفة والمناقشات بين أعضائه من خلال سلاسل المناقشات التفصيلية والروابط والوسائط التي ينشئها المستخدم للإجابة على الاستفسار المطروح.

يتميز محتوى تويتر بالإيجاز والتبادل السريع للأخبار فأقصى تغريدة يمكن نشرها بحدود 280 حرفا ولكن على الجانب الآخر يغوص رديت بالتفاصيل. فبعد طرح فكرة ما على منصة رديت ستجد سلسلة كاملة من التعليقات الغنية بالتفاصيل والروابط.

على الرغم من إمكانية انشاء حسابات تويتر بأسماء مستعارة إلا أن معظم مستخدميه يملكون أسماء حقيقية وتحتوي ملفات تعريفهم على معلومات شخصية. بالمقابل يتمتع مستخدمو رديت بخيار عدم الكشف عن هويتهم، مما قد يشجع على مزيد من النقاشات المفتوحة. فقد تجد شخصًا يشارك تجربته الشخصية في التعامل مع مشكلة نفسية، بينما في تويتر، الأمور أكثر علنية.

رغم أن تويتر ورديت يصنفان كوسائل تواصل اجتماعي إلا أنهما تختلفان بطريقة التواصل. مثلا يسمح رديت بإنشاء مجتمعات للأشخاص التي تتشارك الاهتمام، وبالتالي مناقشة المواضيع المتشابهة ومشاركة المحتوى فيما بينهم، بينما لا تتوفر هذه الميزة في تويتر .

تويتر المنصة النابضة بالحيوية، أصبحت أحد الأذرع الرئيسية لنشر الأخبار العاجلة وآراء المشاهير. يتميز تويتر بسرعة الوتيرة، حيث يمكن لتغريدة واحدة من قِبل شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك أو أوبرا وينفري أن تحدث تقلبات في الأسواق أو تحويل اتجاه الرأي العام. ومع هذا القوة الهائلة تأتي المسؤولية، فانتشار الأخبار المضللة أو المغلوطة قد أصبح تحديًا دائمًا، حيث يمكن أن تنشر الشائعات بسرعة البرق دون التحقق من صحتها.

أما ريديت يُعتبر "صفحة الإنترنت الأمامية". وهو مزيج من الفورم والموسوعة الحية. فقد شهدنا مثلاً حالات حيث هناك قصص بدأت كمناقشات بسيطة على رديت كمصدرًا لتقارير الأخبار الرئيسية. ولكن ما يميز رديت هو نظام التصويت المميز: فالمستخدمين يمكنهم التصويت لرفع المحتوى الجيد وخفض المحتوى ذو الجودة المنخفضة. هذه الطريقة تُفضل المحتوى الموثوق والمُفيد، ولكنها تحتاج إلى وعي المستخدمين بالمعلومات الصحيحة.

مع ذلك، تبقى التحديات قائمة. ففي رديت مثلاً، شهدنا قصصًا مثل "معركة وول ستريت" حيث اجتمع المستثمرون الأفراد لتحدي الأسواق وتحقيق أرباح غير متوقعة. هذه القضية وغيرها أظهرت قوة المجتمعات الرقمية وقدرتها على التأثير في الواقع الحقيقي.

رغم النفوذ الكبير لمنصتي تويتر ورديت في عالم الأخبار الرقمية إلا أنهما لا تحكمانه بشكل كامل. فالمستخدمون هم أيضا مشاركون فعالون في إثراء وتدقيق الأخبار الرقمية من خلال تغريداتهم وتعليقاتهم ومناقشاتهم الني تكشف الأخبار الكاذبة وتنقل وتشرح الأحداث الهامة كما هي.

وبعد معرفتنا بالقواسم المشتركة بين تويتر ورديت واطلاعنا على أوجه الاختلاف بينهم، يمكننا القول إن لكل منهما أهميته ودوره في عالم الأخبار الرقمية.

وأنت عزيزي القارئ.. من برئيك يحكم عالم الأخبار الرقمية؟