هل تشعر بالإرهاق المستمر؟ إليك 7 أنواع من الراحة يحتاجها كل شخصٍ منّا
7 د
أنواع الراحة مختلفة، فقد تعتقدُ أنك إنسانٌ مرتاح، لمجرّد أنه متوفّر لديك بعض المال، وبإمكانك شراء ما تحتاج وأكثر، أو مثلًا، ربما تعتقد أن صديقك شخص مرتاح، لمجرد أنه أنهى دراسته الجامعية ودخل في المجال الوظيفي، وأمك تعتقد أن خالتك أم هاني مرتاحة فهي لديها غسالة أوتوماتيك، لن تضطر لإضاعة الوقت في الغسيل، وأبوك يقول عن عمك مرتاحًا فهو ليس لديه ابنٌ في الجامعة يتعبهُ كما تفعل أنت!
وهكذا، لكل شخصٍ منّا منظور مختلف عن الراحة، فكلٌّ منا يصف غيره بأنه "مرتاح" لمجرد أن لدى الآخر ما ينقصه، إنما "الراحة" بالمعنى الحقيقي هي مصطلح يحمل معاني أبعد من ذلك بكثير، لنبسّطها أكثر، من السهل جدًا أن نشعر بالإرهاق، بغض النظر عن مقدار النوم الذي اكتسبناه، أي لا بدّ وأنه مرّ عليك يوم أو أكثر، استيقظت تعبًا، حاولت معاودة النوم ولكن دون جدوى، حتى لو أجبرت نفسك على النوم حينها، ستشعر أن طاقتك لم تتجدد، ماذا يحدث؟ لم يحدث شيء، ببساطة، أنت تحتاج إلى نوع مختلف من الراحة لا أكثر.
عمومًا، عندما نشعر بالتعب، فإن استجابتنا الفطرية الأولى لذلك هي النوم وقتًا أكثر، ولكن سنكتشف قريبًا أن النوم لم يعالج سوى نوعًا واحدًا من الراحة التي يحتاجها البشر، الراحة الجسدية. اتضح أن هناك أنواع مختلفة من الراحة، وكل منها متخصص في تلبية احتياجات مختلفة لك، وإذا أهملت إحداها، ستجد نفسك لا شعوريًا تتفاعل مع العالم من حولك بطريقة أنت لن تجدها منطقية، ولكنك لا تفهم لماذا.
صديقي، هناك 7 أنواع من الراحة يحتاجها كل شخصٍ منّا، حاول أن تقرأ مليًا وفكر، هل لديك نقص في إحداها؟ إذا كان كذلك فحاول قدر الإمكان أن تجمعها كلّها لأن جميعها مهمة.
الراحة الجسدية (Physical Rest)
وهي أول وأكثر أنواع الراحة شيوعًا، والتي يفكر فيها كل فردٍ منّا عندما يشعر بالتعب، وتتضمن هذه الراحة النوم، فمن منا لا يعشق النوم! بالإضافة إلى النوم، يمكنك أيضًا أن تقضي يومًا هادئًا على شاطئٍ ما، أو في حديقةٍ ما، المهم ألّا تبذل الكثير من الجهد الإضافي. من العادات التي تشعرك بالراحة الجسدية أيضًا قضاء صباح يوغا هادئ، عمومًا، امنح جسدك وقتًا للتعافي بعد قضاء مدّة طويلة في الإرهاق، الراحة الجسدية أولى خطوات الشعور بالراحة.
الراحة الذهنية أو العقلية (Mental Rest)
والآن، نعتبر أنك اجتزت مرحلة الراحة الجسدية تمامًا، ننتقل إلى المستوى الثاني وهو الراحة الذهنية، وأفضل مثال على العصف الذهني وتعب العقل، هو الليلة التي تسبق يوم الامتحان… أكيد جميعنا مررنا بهكذا ليلة، تبقى مستيقظًا في الليلة التي تسبق الامتحان، وتحضّر جيدًا، ثم تذهب لإجراء الامتحان لتكتشف أنه بمجرد أن تبدأ، لم تعد دماغك تعمل وكأنها انتظرتك لتدخل وخرجت هي، أين المعلومات وأين جهدك؟ لا تعلم. في تلك اللحظة، أنت متعب، ولكن دماغك ليس بحاجة النوم فقط، بل يحتاج إلى النوع الثاني من الراحة، الراحة العقلية التي حرمته منها ليلة الامتحان.
الراحة العقلية هي المكان الذي تتوقف فيه عن إجبار عقلك على العمل الجاد والإجهاد، وتمنحه بعض الوقت لمعالجة المعلومات، وتدعيم الذكريات. من الضروري إعطاء عقلك وقتًا للراحة، يعالج فيه المعلومات ويربطها بما سبقها. وبالمناسبة، من الأخطاء التي نتبعها ليلة الامتحان هو ضغط دماغنا وتراكم المعلومات. يمكنك اتباع تقنيات التأمل لإراحة ذهنك أيضًا، جرب تقنية مالا (Mala Beads).
مثال آخر بسيط، إذا كان لديك زميل في العمل، يبدأ يومه يوميًا بفنجان ضخم من القهوة، وعادةً ما تراه مشغولًا سريع الانفعال والنسيان أيضًا، يواجه صعوبة في التركيز في عمله مع أنه غارق دائمًا في العمل… هذه هي المشكلة! يشكو لك أنه في الليل يكافح ويجاهد لإيقاف دماغه عن التفكير بوصلات الأفكار التي جرت على مدار اليوم، ولكنه غير قادر! ينام حوالي 7-8 ساعات ولكنه يستيقظ صباحًا وكأنه لم ينم طوال الليل… هذا ما نقول عنه عجز تام في الراحة العقلية.
يمكنك ببساطة إخباره أنه ليس مضطرًا إلى العيش في ضغط نفسي طوال تلك المدة، وثم إصلاح ما اهترأ من دماغه بإجازة قصيرة… لا، يمكنه تحديد فترات راحة خلال العمل فقط ليس أكثر، وهذا سيشحن طاقته بالتأكيد.
الراحة الروحية (Spiritual Rest)
يمكن للبعض اعتبار موضوع الراحة الروحية متعلقٌ بعنصر ديني في الحياة بشكل بحت، ولكن ليس بالضرورة. تتضمن الراحة الروحية بعض الارتباط بإيماننا، ولكن إذا تبحّرنا على نطاق أوسع، فنرى أن الروحانية هي القدرة على استخلاص المعنى من حياة البشر، كيفية تواصلهم مع بعضهم البعض، وتواصلهم مع العالم من حولهم بما يتجاوز الجسد والعقل، والشعور بإحساس عميق بالانتماء والحب والقبول. هي فلسفة نفسية أكثر منها التزام ديني، فعندما تشعر بأنك لا تمنح نفسك ذلك الاتصال والمعنى منه، ستبدأ بالشعور بالإرهاق.
حتى تصل بنفسك إلى مكانة جيدة في الراحة الروحية، حاول التفكير فيما يمنحك إحساسًا بالوفاء في حياتك، أو باختصار، فكر فيما يعطي لحياتك معنى. أعتقد أن تمنّي الخير للناس بعض النظر عما يخفونه من إحساس تجاهنا، له معنى روحي مريح، هذه إحدى الخطوات التي أتبعها شخصيًا.
الراحة العاطفية (Emotional Rest)
عندما تمرّ بفترة تُستهلَك فيها عاطفيًا، أي تُصبح إنسانًا مُنهَكًا عاطفيًا، ستجد أنك قليل التحمل، لم يعُد بإمكانك أن تستجمع قِواك كما في السابق، ستفقد أعصابك بسهولة على أتفه الأمور وسيصل بك الأمر إلى البكاء بسرعة أكثر من المُعتاد. هنا، أنت بحاجة إلى استجماع شُتات نفسك لتخفيف الأعراض.
تحدث تلك الصفعات العاطفية ببساطة عندما تشعر أن الجميع صديقك مثلًا، الجميع يحبك يحب وجودك، ويستشيرك في أتفه الأمور لأنك شخص صادق، تُفضّل إسداء خدمة لست مقتنعًا بها بالجواب ب "نعم لِمَ لا؟!" مترددًا، بدلًا من "لا، لا يمكنني" صادقة. هنا، أنت بحاجة فعلية إلى راحة عاطفية، إلى التعبير عن مشاعرك بحرّية بعيدًا عن إرضاء الآخرين، ويتطلّب ذلك الشجاعة، فيمكن لأي شخص مرتاح عاطفيًا الإجابة على سؤال "كيف حالك؟" بِ: "أوه.. لست بخير".
حاول تخفيف المحفّزات العاطفية من حياتك، يمكنك فعل ذلك مثلًا من خلال تقليص الحجم الذي تأخذه وسائل التواصل الإجتماعي من وقتك، فهي عبارة عن بوستات مجموعة من عواطف بعض الأشخاص، وغالبًا ما تكون سلبية، لذا امنح نفسك مساحة لا تُدخل أحدًا فيها، لن تتاثر حينها بمشاعر وكلام الآخرين وستتعامل مع مشاعرك الخاصة لوحدك، فأنت من يمكنه التحكم بيأسه وسعادته.
الراحة الإبداعية (Creative Rest)
هذا النوع مرتبط قليلًا بالراحة الذهنية، ولكنهما مختلفان. يزدهر "الإبداع" لدى كل شخصٍ منّا عندما يرى الأشياء بمنظور مختلف عما يراه غيره، ومن الصعب أن تكون مبدعًا عندما تركّز على "فعل" الأشياء التي فكرت في تنفيذها بالفعل، ولكن لم تعطِ نفسك الوقت للتفكير بها والبحث عنها والاستكشاف. ربما يقيّدك مَن حولك، عندما تراهم لم يفكروا نفس تفكيرك تصبح شخصًا مترددًا، على العكس، أنت تُبدع ولكن يلزمك الوقت والراحة الإبداعية. مثلًا، قد تخطر في بالك مجموعة من الأفكار لتطبيقها بعد تعلّمك لفكرة ما، ولكنه أمرٌ مغلوط أن تهرع إلى تطبيقها فورًا، بدلًا من ذلك، استرخِ واسترح واكتب الأفكار، ثم عُد واسترخِ واسمح لنفسك بتكوين طاقة جديدة، ثم ابدأ التنفيذ خطوة بخطوة.
الراحة الحسّية (Sensory Rest)
شبيهة قليلًا بالراحة الجسدية، ولكن يمكن وصفها بأنك تريد أن تُريح جسد إحساسك وليس جسدك… تستيقظ كل صباح، لتخرج من منزلك إلى عالمٍ مليٍء بالأصوات والمشاهد والروائح والألوان وغيرها، يزعجك صراخ مديرك ويريحك صوت زقزقةِ عصفورٍ، تُدهَش لمشاهدة طفل صغير يساعد رجلٌ عاجز في اقطع الشارع، وتَمقتُ مشاهدة طفلٍ آخر يشحذ في الشارع، تفتح نفسك رائحة قهوتك الصباحية على مكتبك، وتسدّ نفسك رائحة مرمى القمامة المكوّم في إحدى زوايا قريتك.
وأخيرًا، تعود إلى المنزل ممتلئًا بالأحاسيس المختلطة، مُثقَلًا بكل الإدخالات الحسية التي تلقّيتها، فلا يزال دماغك يعالج ما تلقّاه في الخارج على الرغم من قيامه بضبط بعض الأمور حتى تتمكن أنت من العمل وتجاوز اليوم… في النهاية، أنت مُرهق الأحاسيس، حاول الوصول إلى مكان هادئ مع الحد الأدنى من المشتتات الحسية، وخُذ أنفاسًا عميقة، قد تكون محتاجًا إلى بطانية ثقيلة وفراشك فقط، أو املأ الحوض في حمامك واسترخِ، حتى دقات ساعة الحائط لديك لن يكون بمقدورك تحملها، أطفئها أو اكسرها إن لزم الأمر.
الراحة الاجتماعية (Social Rest)
إذا كنت إنسانًا غير مرتاح عاطفيًا، فأنت أيضًا غير مرتاح اجتماعيًا. حتى لو كنت أكثر إنسان منفتح على وجه الكرة الأرضية، أنت بحاجة إلى فترة استراحة تجلسها مع نفسك بعيدًا عن الاختلاط والثرثرة، تحتاج إلى الراحة الاجتماعية، فهي مهمة تمنحك بعض الوقت للتواصل مع نفسك دون تشتيت أحد. لا تهمل نفسك، علاقتك بنفسك هي العلاقة الأطول والأكثر ثباتًا في حياتك كلا، لا يمكنك أن تترك نفسك، ولا يمكنك الهروب من نفسك عندما تسوء الأمور، لذا خُذ وقتك في تغذيتها. ابتعد عن الناس، وامسك كتابًا، أو اكتب في دفتر يومياتك، أو حتى اقضِ وقتًا في التأمل، هذا حقٌ من حقوق نفسك عليك، لا تهمله.
حقيقةً، إن العثور على وقت الراحة في كل مما سبق أمرٌ ليس ببسيط أبدًا، خاصةً إذا كنت من الأشخاص كثيري الانشغال، ولكن لا بأس إذا كانت راحتك ناقصة الآن بعض الشيء، أو أقل شمولية أو أقل تكرارًا مما تأمل أنت، لا بأس إذا كنت تحاول الحصول على الوقت الكافي من الراحة عند مرورك بأوقات صعبة، لا بأس، ستنجح في إكمال مخطط الراحة الكامل يومًا ما.
أتمنى لك حياةً مليئة بكل أصناف الراحة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.