تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

لماذا يبالغ الأغبياء في تقدير أنفسهم؟ هذا المقال دبوسٌ لتلك البالونات

لماذا يثق الأغبياء بأنفسهم؟ صورة دونالد ترامب يبدو كالأحمق
داليا عبد الكريم
داليا عبد الكريم

5 د

غالبًا ما يستأثر بالحديث، لا يترك لك مجالًا لكلمة واحدة قد تتفوه بها حتى في مجال عملك، يعتقد أنه أفهم منك، هو شخص يثق تمام الثقة بأنه يحتاج لكورس مدة عدة أشهر، فيتخرج طبيبًا عالمًا لا يضاهيه حتى ابن سينا لو قدر له أن يحيا من جديد، هو الواثق بنفسه ذلك البالون القادر على مواجهة الدبوس وحين تتم عملية تنفيسه بنجاح يقول لك، لقد كنت أعرف أن هذا ما سيحدث! عمّا أتحدث؟ عن ثقة الأغبياء المبالغ بها.

لماذا يتمتع الجهلة بثقة مفرطة بالنفس، بخلاف أولئك الذين يمتلكون قدرًا كبيرًا من المعرفة، قد يكون الجواب بسيطًا جدًا، انتبهوا! أنا لا أعني إدراك المعرفة، ولا أريد الوقوع في شر أعمالي، وبالأصح شر كتاباتي، دعوني أقول إن الجواب ربما يكون لعدم إدراك الجاهل لنقاط ضعفه، وعدم إدراك العارف لنقاط قوته.

خلصت دراسة سابقة أجراها عالما النفس الاجتماعي، ديفيد دانينغ، وجاستن كروجر، إلى ميل أصحاب القدرات المتواضعة إلى المبالغة في تقدير أنفسهم، بينما أولئك الذين يمتلكون قدرًا أكبر من المعرفة والمهارة كان تقديرهم لذاتهم أقل بكثير.


هل تعتقد أن ثقة الأغبياء لا تعنيك؟

قد تعتقد صديقي القارئ أن الأمر لا يعنيك، أو أنك بمعزل عنه لمجرد أنه قد لا يوجد في حياتك من نوعية أولئك الأشخاص، ابحث قليلًا إذًا، وتخيّل، لا سمح الله، أن يكون مثل أولئك الجهلة في مواقع القرار أو المسؤولية، أووه، لا تبدأ بالتصبب عرقًا، أعتقد أني ربما بت أحتاج علبة مناديل كاملة، لذا دعنا نقفل سيرة هذا الشاهد وننتقل لشاهد أقل إثارة!


حمار ببدلة... سر ثقة الأغبياء

هناك ما يسمى بوهم التفوق، وهذا ما عاشه صديقنا اللص الظريف مكارثر ويلر، الذي وبسبب قصته أقام عالما النفس الاجتماعيين دراستهما السابقة، صديقنا اللص الظريف اتخذ قراره بالسطو على أحد البنوك، هل تتخيلون أن الأمر يحتاج للكثير من التخطيط؟ أم إنه سهل، كلّا أيها العباقرة لم يحتج الأمر أكثر من كوب عصير ليمون ليتم اللص الظريف عمليته في وضح النهار!

قام ويلر بدهن وجهه بعصير الليمون، انطلاقًا من اعتقاده بأن هذا كافٍ لتمويه وجهه أمام الموظفين وحتى أمام كاميرات المراقبة، مستندًا بذلك لكون عصير الليمون استُخدم سابقًا كحبر سري، وبالتالي فإن صديقنا اعتقد بأنه قادر من خلاله على إخفاء وجهه أيضًا، هل تتخيلون كيف كانت النهاية؟


انتبه… قد تصبح ويلر2!

لقد نجح ويلر وأتم عملية السطو وهو اليوم يستمتع بما سرقه، في جزر البهاما! آسفة إن أخبرتكم بأن كل من صدق تلك النهاية، يحتاج لزيارة طبيب نفسي كي لا يصبح لاحقًا "ويلر2"، ويشاركه زنزانته.

بعد الدراسة التي جرت عام 1999، اشتهر ما يعرف بتأثير دانينغ كروجر، الذي من خلاله يتم اكتشاف العلاقة بين مستوى الثقة بالنفس ومدى المعارف والخبرات المكتسبة، ليتبيّن أنّ الثقة بالنفس تكون في أعلى مستوى لها لدى من لا يمتلكون أي معرفة، ثم تبدأ بالهبوط تدريجيًا مع تزايد المعرفة، حسنًا هناك أمر مبشر إذًا، في حال كنت لا تمتلك أي ثقة بالنفس أو ثقة قليلة بالنفس، ربما يكون هذا دليل دامغ على مدى معرفتك وسعة اطلاعك، اشحذ هممك قليلًا وامتلك بعض الثقة بالنفس لتنجح!


كيف تضع نفسك تحت عدسة الاختبار؟


بيدق يرى نفسه ملكًا...سر ثقة الأغبياء

في حال كنت صديقي القارئ على قدرٍ كبير من الثقة بالنفس، وتخشى أن تكون هذه ثقة الأغبياء، فاختبر ذاتك قليلًا، وبكل الأحوال حتى لو كنت جاهلًا، على الأرجح لن تكتشف ذلك، إلا إن سألت نفسك، ماذا أمتلك؟ ثم أجبت ذاتك بقدرٍ كبير من الوعي.

تعالوا أعطيكم مثالًا، مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، يكفي أن يحصل الشخص على بعض المعلومات عن الفلك مثلًا، ليصبح في اليوم الثاني عالم فلك، شخص آخر يقرأ موضوعًا عن الحياة في الكواكب الأخرى، ويبدأ الجدال فيه وإقناع كل من حوله أن هناك حياة أخرى على كوكب آخر، وثالث قرأ موضوعًا طبيًا عن أسباب وجع الرأس وفي اليوم التالي قرر تشخيص المرض، بل وصف له الدواء المناسب، في هذه الحياة الكثير من الأمثلة عن الحمقى الواثقين بأنفسهم، والذين يمتلكون بعض المعرفة فيعتقدون أنهم ملكوا كل شيء، وإن ناقشتهم ستقتنع معهم في النهاية، على مبدأ "ما ناقشت جاهلًا إلا وغلبني!".

أعتقد أن الفيلسوف البريطاني، برتراند راسل، تمكّن من تلخيص واقعنا، حين قال إن المشكلة الرئيسية في العالم الحديث، هي أن الجهلة والأغبياء واثقون بأنفسهم تمام الثقة، في حين أن العلماء والأذكياء مترددون يملؤهم الشك. وقد سبق الشاعر الراحل، أبو الطيب المتنبي، راسل وعالمي النفس على حدٍّ سواء حين قال: "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله، وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم".


ليس كلّ واثق أحمق!

ذو صلة

وعلى اعتبار أننا نتحدث عن الحمق والجهل، سيكون حمقًا كبيرًا ألا نذكر بأن بعض العارفين يمتلكون ثقة كبيرة بالنفس لدرجة الغرور، وبعض الجهلة ينكفئون على ذاتهم لدرجة أنهم باتوا أشخاصًا غير مرئيين، في هذا العالم لا توجد قاعدة ثابتة لكل شيء، يكفي أن تدرك هذا لتنجو بنفسك قليلًا، أما النجاة الكاملة فهي تحتاج أولًا وأخيرًا، ألا تعتقد بأنك تفهم في كل شيء، فقط اختر جانبك المعرفي، طوّره، امضِ قدمًا به ثم ناقش من تريد، لكن ابتعد عن الحمقى.

وفي الختام، إن كنت تدرك بأنك تعرف أقل مما يجب أن تعرفه، وتثق بأنك لا بد أن تتعلم الكثير، وأنت لا تناقش فيما لا تعرفه تمام المعرفة، تأكد أنك على الطريق الصحيح، وتستحق الثقة بالنفس، وفي حال كنت غير ذلك فابدأ بعلاج مشكلتك، أو أعتقد أني "مجرد غيورة منك وحاسدة لك"، في الحقيقة لا مجال للجدال أبدًا، خصوصًا أني لم أستقِ معلوماتي من صفحة "كن عالمًا بعشر خطوات".

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

السؤال هو كيف يمكن تحويل حماقاتهم إلى شيء مفيد؟

ذو صلة