بثروة تتخطى الـ 3.8 تريليون دولار .. أكبر 10 صناديق سيادية في الشرق الأوسط

الصناديق السيادية هي إحدى الطرق المثمرة التي تلجأ إليها الدول مؤخرًا لتأمين مدخراتها واستثمارها على المدى البعيد، وفي الشرق الأوسط ازدادت قيمة تلك الصناديق تدريجيًا إلي أن بلغت قيمته 3.8 تريليون دولار في الآونة الأخيرة.

كلمة صندوق استثماري تعني وعاء مالي يضم رؤوس أموال وأصول من مستثمرين عدة، أما الصناديق السيادية فهي صناديق الاستثمار التي تتولى إدارتها الحكومات، تضم الصناديق السيادية أصول ورؤوس أموال حكومية فائضة من خزائن الدول، وتُستثمر تلك الأصول لزيادة العائد المالي في ميزانيات الدول على المدى البعيد. 

للصناديق السيادية أنواع عدة حسب الأموال التي تضخ من خلالها:

• صناديق الاستقرار.

• صناديق الادخار أو ما يسمى "العائد المستقبلي".

• الصناديق العامة لاحتياطي التقاعد.

• صناديق الاستثمار الاحتياطية.

• صناديق الثروة السيادية للتنمية الاستراتيجية (SDSWF).

• الصناديق المستهدفة للصناعة.

كانت بداية الصناديق السيادية في أوائل الخمسينات بواسطة الحكومة الكويتية، حينما فكر خبراء الاقتصاد آنذاك في طريقة آمنة لاستثمار عائدات النفط الحكومية، وبذلك أُنشئ أول صندوق سيادي في العالم داخل دولة الكويت، وتوالت بعد ذلك الدول في إنشاء الصناديق السيادية الخاصة بها، ومن أهم وأكبر تلك الصناديق: 

طبقًا لإحصائيات المنظمة نفسها، سنجد أن قيمة الصناديق السيادية في الشرق الأوسط تتخطى حاجز الـ 3.8 تريليون دولار أمريكي، وتأتي دول الخليج في المقدمة الإمارات، قطر، عمان والسعودية، بالإضافة إلى مصر، تركيا، إيران، ليبيا وفلسطين وغيرها من الدول العربية. 

تضمن الصناديق السيادية للدول، حفظ أموالها وأصول ممتلكاتها على المدى البعيد، إذ تُستثمر تلك الأصول في مشاريع تعود على الدولة بالزيادة في الدخل العام، وربما الرفع من الدخل المتوسط للفرد على المدى الطويل.

من الأهداف المستقبلية للصناديق السيادية، الزيادة من ثروات البلاد وتحقيق مستوى خدمات معيشة أفضل للمواطنين، لذلك قد تجد بعض الدول النامية التي تبادر بإنشاء مثل هذه الصناديق لتدعيم الاقتصاد، والرفع من معدلات الاستثمار داخل البلاد. 

قيمة الأصول: 708 مليار دولار

صندوق أبوظبي الاستثماري، أو صندوق "آديا" كما يطلق عليه المستثمرون، الصندوق الأكبر في الشرق الأوسط، والذي يضم مستثمرين عدة من جميع أنحاء العالم، بدأ صندوق آديا من خلال الفائض العام في ميزانية الدولة في عام 1976م، ثم توسع تدريجيًا ليضم مستثمرين من آسيا، أوروبا، وجنوب أفريقيا بالإضافة إلى المستثمر الأجنبي صاحب النصيب الأكبر أمريكا.

رؤية صندوق آديا: يهدف العاملين على تطوير الصندوق من تعزيز استثمار البلاد فيما يعود بالنفع على مؤسساتها، ليس فقط ماديًا ولكن من خلال إشراكها في مشاريع القطاع الصحي والصناعي الحديثة، وإبقاء البلاد ضمن ساحة التطور التقني والصناعي.

حاليًا يحاول الصندوق تعزيز استثماراته أكثر في الولايات المتحدة، إذ قامت شركة "رويال جروب" الإماراتية بضخ حوالي 10 مليارات دولار في سوق العقارات الأمريكية، مستغلة بذلك فترات الركود التي تعاني منها البلاد إثر أضرار جائحة الكورونا، كما يتعاون الصندوق الآن على الدخول في مشاريع متعددة في مجالات البايوتكنولوجى والشركات الدوائية.  

قيمة الأصول: 708 مليار دولار

لا يتميز صندوق الكويت فقط بكونه أول صندوق سيادي في العالم أنشئ عام 1952م، بل يسعى القائمون على الاستثمار الكويتي في جعله أهم صندوق استثماري في الشرق الأوسط، وأكثره تأثيرًا على السياسات الاستثمارية، كان الهدف من إنشاء صندوق الكويت هو الحفاظ على أموال الدولة من أجل الأجيال القادمة وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، ولتحقيق ذلك كان على خبراء الاستثمار إيجاد طريقة مُثلى لتحقيق مبدأ التنمية المستدامة للبلاد. 

يمتلك صندوق الاستثمار الكويتي مكاتب خارجية عدة حول العالم، وتركز البلاد على تواجدها في البؤر الاقتصادية الأكثر انتعاشَا كلندن وشنغهاي، ويشمل مكتب الاستثمار الكويتي في لندن عدد من خبراء الاقتصاد الذين يقومون بالاستثمار المباشر في مختلف فئات الأصول والتي تشمل الأسهم، الدخل الثابت، المساهمات الخاصة، الملكيات، البنى التحتية، والعقارات في مختلف المناطق الجغرافية.

قيمة الأصول: 607 مليار دولار

الصندوق السعودي كما تصفه الدولة هو "ركيزة وعامل أساسي لرؤية المملكة 2030"، من خلاله تسعى الدولة لتنمية ثرواتها النفطية لتحقيق عدة أهداف تساهم في إنجاح الرؤية لمستقبل المملكة منذ تأسيسه عام 1971م، من أهم هذه الأهداف:

يعمل الصندوق أيضًا على توفير أكثر من 1.8 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة، إذ يطمح المستثمرون لوصول قيمة الأصول تحت الإدارة في الصندوق إلى 4 تريليون ريال سعودي قبل حلول عام 2030.

قيمة الأصول: 490 مليار دولار

تمتلك مؤسسة النقد العربي السعودي أو ما تعرف الآن بـ"البنك المركزي السعودي"، صندوقها الاستثماري الخاص بها، ويُعد الصندوق السيادي للبنك المركزي صندوقًا مساعدًا لصندوق الدولة العام، ويهدف الصندوق إلى تبني رؤية الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية، وتحقيق تنوع أكثر في نطاق الاستثمارات بجوار الصندوق الاستثماري العام. 

قيمة الأصول: 461 مليار دولار

أُسس جهاز قطر للاستثمار عام 2005 م برئاسة تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، ويمتلك الجهاز الأهداف نفسها كباقي دول الخليج في خلق مصادر مالية جديدة بعيدًا عن النفط، وما يميز صندوق قطر السيادي هو استثماره في كل ما هو رائج، إذ يملك الصندوق حصصًا مؤثرة في نوادي رياضية كباريس سان جيرمان وشركات هامة كفولكس فاجن، بالإضافة إلى امتلاكه أسهم في سوق لندن للأوراق المالية ومجموعة لاغردار العالمية.

يسعى الصندوق السيادي القطري الآن إلى الاستثمار في الصناعات الرائدة كصناعات أشباه المواصلات وأبحاث الجينوم، كما يمتلك أسهم في شركة  "سويغي" (Swiggy) لتوصيل الأطعمة في الهند.

قيمة الأصول: 299 مليار دولار

في الإمارات المتحدة، تأسس ثاني أكبر صندوق استثماري سيادي عام 2006 في دبي، ويمتلك الصندوق أصول تبلغ قيمتها الترليون دولار، وهو بمثابة البصمة العالمية لدولة الإمارات، إذ يمتلك 61 شركة تابعة حول العالم ومكاتب استثمارية في أكثر من 80 دولة حول العالم.

تتمثل القطاعات الثلاثة الأساسية التي يستثمر فيها الصندوق في الخدمات المالية والمصرفية، الغاز والنفط، والمواصلات، بالإضافة إلى استثمارات أخرى في قطاع الترفيه والضيافة.

يتبع صندوق دبي استراتيجية الاستدامة في الاستثمار وتحقيق الاستفادة للعوام، الأمر الذي يُحتم عليه تطوير الأعمال مع مراعاة جميع الأطراف المعنية في الصندوق، وذلك يشكل تحدي كبير للموازنة بين الأمور.

يدعم الصندوق الاستثماري في دبي مشاريع البيئة بشكل كبير، فقد ساهم في إنشاء أول مصنع للألومنيوم يعتمد على الطاقة الشمسية في تشغيله، بواسطة "الإمارات العالمية للألمنيوم".

قيمة الأصول: 284 مليار دولار

شركة مبادلة هي شركة إماراتية للاستثمارات تستهدف المشاريع الناشئة والشركات التي تمتلك معدلات نمو كبيرة  للاستثمار، تأسست الشركة في 19 يناير 2017 بعد دمج شركة مبادلة للتنمية وشركة الاستثمارات البترولية الدولية "آيبيك"، لتتشكل شركة مبادلة للاستثمار، وتضم محفظة أعمال الشركة 50 دولة حول العالم جميعها تمتلك نفس مبادئ التنمية المستدامة في الاستثمار.

قيمة الأصول: 159 مليار دولار

تأسست شركة أبوظبي التنموية القابضة عام 2018، وهي ثالث أكبر صندوق سيادي في أبوظبي، ويشمل الصندوق العديد من الاستثمارات في كافة المجالات التنموية والاقتصادية والغذائية، ومن إنجازات الصندوق:

تهدف الشركة لجلب الشراكة مع المؤسسات الاقتصادية الكبرى كبنك الاتحاد، وشركات مثل ظُهرة وتعزيز وغيرها، وحديثًا قامت الشركة بتوقيع اتفاقية تعاون للسنوات القادمة مع الرابطة الوطنية لكرة السّلة الأمريكية NBA.

قيمة الأصول: 87 مليار دولار

جهاز الإمارات للاستثمار هو أول صندوق سيادي للحكومة الاتحادية داخل الإمارات المتحدة، وأُسس الصندوق عام 2007 بموجب القانون الاتحادي في البلاد بغرض تعزيز الاقتصاد التنموي للبلاد، مع التركيز على الاستثمار في فئات الأصول التي تساهم في تعزيز وتنويع الاقتصاد الإماراتي.

يتميز صندوق جهاز الإمارات للاستثمار بتركيزه على خدمات الاتصالات، إذ يمتلك أسهمًا في شركات اتصالات عالمية داخليًا وخارجيًا، ويقوم جهاز الإمارات للاستثمار اليوم بإعادة هيكلة لأعضاء مجلس الإدارة وسياسات الحوكمة المتبعة لضمان رؤية أكثر تقدمًا ووضوح لمستقبل الصندوق. 

قيمة الأصول: 17 مليار دولار

صندوق الاستثمار العماني هو من أحدث صناديق الاستثمار في الشرق الأوسط، فقد أُسس الصندوق عام 2020م بغرض حفظ الأموال العمانية، ورفع ميزانية الدولة بالإيرادات، وسرعان ما حقق الصندوق نجاحًا ملحوظًا في زيادة أصوله وأسهمه في الاستثمارات الناجحة داخل الدولة وحول العالم.

يمتلك الصندوق أصول استثمارات بنسبة 61% داخل البلاد، بينما تتوزع باقي الاستثمارات في أمريكا وأوروبا وآسيا وبنسبة أقل في أفريقيا. 

ينقسم الاستثمار في الصندوق إلى فئتين:

حديثًا، وبمناسبة اليوم الوطني العماني الـ 52، قررت رئاسة مجلس الصندوق باستثمار 750 مليون ريال عماني في مشاريع تنموية داخل البلاد، وتوفير أكثر من 860 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وتتنوع المشاريع بين الاستصلاح الزراعي، تنقية المياه وغيرها من المشاريع التي تعود بالنفع على البلاد.

كيف ساهمت تلك الصناديق في جعل الاقتصاد العربي أكثر انتعاشًا؟

بالنسبة لدول الخليج كانت صناديق الاستثمار السيادي هي بمثابة الحل الأمثل لاستثمار فائض البلاد من عائدات النفط، وفي الوقت نفسه التقليل من الاعتماد على هذه العائدات في وضع الميزانية العامة للبلاد، وبذلك تضرب الدولة عصفورين بحجر اقتصادي واحد. 

وتقليل الاعتماد على عائدات النفط هو أمر لا مفر منه، وهدف أساسي يجب على الحكومات تحقيقه، فلا مستقبل آمن في الاعتماد على الطاقة غير المتجددة كعائد اقتصادي أساسي، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق ضخ أموال النفط في مشاريع تنموية في البلاد تقلل من نسب البطالة وتحدث تنوع سوقي اقتصادي، أو الدخول في شراكات مع دول أجنبية ضمن مشاريع خارجية تعزز من إشراكها في الاتجاهات الحديثة في الصناعة والتطور التكنولوجي، أو امتلاك الأسهم في الشركات العالمية وضمان قيمة مالية ثابتة نسبيًا وذات تأثير ونفوذ عالمي.

 في النهاية تؤدي جميع الطرق المهمة نفسها في الحفاظ على ثروات البلاد على المدى البعيد.

في دول أخرى مثل مصر والعراق، كانت الصناديق السيادية بمثابة طوق النجاة لإرجاع البلاد مرة أخرى ضمن ساحة العالم الاقتصادية، لذلك سارعت هذه الدول لإنشاء صناديقها الاستثمارية الخاصة وتشجيع المستثمرين على ضخ الأموال بما يعود بالنفع على البلاد، ففي مصر خُصص حوالي 18 مليار دولار للصندوق السيادي في مجالات الزراعة والصناعة والخدمات المالية والرقمية، مما اعطى أملًا كبيرًا في تخطي حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد المصري في الآونة الأخيرة.

تمثل التقلبات السوقية أحد أكبر العوائق التي تواجهها الصناديق السيادية في العالم، فتغير أسعار السلع المستمر وخاصة النفط، هو من أهم العوامل السوقية التي تؤثر على توسع الاستثمارات والتوزيع الجغرافي لنفوذ الصناديق السيادية، ويؤثر ذلك الأمر بشدة على دول الخليج لاعتمادها على السلع النفطية في ضخ الأموال داخل صناديقها.

تمتلك السياسة تأثيرًا ملموسًا في كل شئ فيما يتعلق بمشاريع الاستثمار، فعلى الصندوق تحديد مناطقه الجغرافية المُستهدفة وفقًا لمواقف الدولة السياسية وعلاقتها بالدول الاقتصادية المختلفة، فاستثمار الأموال في غير موضعها الصحيح  هو مأزق على خبراء الاستثمار تجنبه.

من أكثر العوامل المُنفرة للاستثمار في بلد ما هي مدى البيروقراطية، التي تتبعها هذه البلاد في تنظيم شؤونها الإدارية، والبيروقراطية هي البروتوكولات والطرق التنظيمية التي تتبعها البلاد كسياسة في إدارة شؤونها الإدارية، والروتين البطئ المُتبع في بلد ما من شأنه وحده دفع المستثمرين للعزوف عن دخول سوقها الاقتصادي. 

في النهاية، تُعد الصناديق السيادية إحدى الوسائل التي تنتهجها الدول لحماية مواردها، والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية الضخمة، وتحقيق الاستدامة في مجالات مختلفة، وتُعد الصناديق السيادية في الوطن العربي من أكبر الصناديق في العالم، التي تؤثر على الاقتصاد العالمي.