كتب بلال فضل.. الساحر الساخر، وصانع ضحكنا المجروح
3 د
"كتب بلال فضل"، بدأ الأدب العربي بفصل جديد من السخرية والذكاء. فالكاتب المصري الشهير، الذي أدهش الأمة بحروفه وأفكاره، لم يكن مجرد كاتبٍ أو صحفي، بل كان فنانًا في استخدام اللغة والتعبير. مع قوة في اللغة، وسرعة بديهة غير مسبوقة، وذكاء خاص، أضاف بلال فضل للأدب العربي نكهة خاصة وفريدة من نوعها. فعندما تجمع بين الفصاحة والكوميديا والذكاء، فإن النتيجة ستكون لا شيء سوى إبداعٍ لا مثيل له. لذا، إذا لم تكن قد بدأت بعد في كتاباته، فإنك على موعد مع تجربة أدبية غير تقليدية تنتظرك في كل صفحة.
بلال فضل.. واحد منّا..
لا يستطيع أحد أن يُنكر موهبة بلال فضل الفريدة من نوعها، والتي تجعله ناجحًا ومحبوبًا في أي مجال يدخل إليه، فنجح كصحفي نُشرت له مقالات يومية في أشهر الصحف، ونجح ككاتب للسيناريو لأفلام ناجحة ومحبوبة، ونجح كمقدم برامج يتحدث فيها عن عشقه الخاص، الكتب.
حتى أنّي نادرًا ما أرى أحدًا لا يُحبه، وذلك لسبيين لا ثالث لهما، إمّا أنّه مُختلف معه سياسيًا، وإمّا أنّه مُختلف معه لُغويًا، فمعروف عن بلال فضل استخدامه للألفاظ الجريئة، والتعابير الصادمة، وهذا غير التلميحات التي يعتبرها البعض خادشة للحياء، ولكن هذا هو بلال فضل، مُندفع وسليط اللسان ولكنّك تعرف أنّه في النّهاية لا يُعبّر إلا عن واقعنا البائس الخادش لحياتنا نحن أصلًا.
بارع في التهكّم والسخرية اللاذعة لدرجة أنّك تُشفق على أعدائه منه، ولكنّه سيتمكن من إضحاكك حد القهقهة، حتى ولو كنت أنت واحدٌ من أعدائه هؤلاء.
ما يُميز بلال فضل أيضًا هو أنّه رجلٌ عادي، مواطن مصري بسيط ومُكافح، قريب من رجل الشارع الذي يُشبهنا جميعًا نحن أبناء الطبقة المتوسطة، مما جعله يطّلع على أحوال الشعب المصري من خلال المواطنين البسطاء الذين يراهم على المقهى أو أثناء ركوبه المواصلات العامة مثلًا.
قُربه من الناس بهذا الشكل، بالإضافة لنظرته الثاقبة التي ترصد ما يدور من حوله، حيث يقرأ وجوه الناس ويخبر معدنهم، كل ذلك يجعله يعود إلينا مُحمّلًا بحكايات غاية في الطرافة والدهشة، مصحوبة بكلماته التي تعطي للحكاية بُعدًا ساخرًا، ونظرة عميقة.
وعلى الجانب الإنساني فطبيعة بلال فضل العاشقة لوطنه مصر، والرافضة للظلم المجتمعي، وللتعنّت السياسي، أثّرت كثيرًا على حياته الخاصة وعلى عمله الصحفي والروائي، ولكنّه على الرغم من هذا، لم يتوقف عن الكتابة، فشخص مثله لا يعرف لا المُداهنة، ولا الانسحاب، ولا حتى التقليل من حدة السخرية والهجوم في مقالاته التي تنتقد النظام السياسي في مصر.
بلال فضل كما وصفه أحد قرّائه، هو واحد من أجمل الثرثارين الذين يُمكنك أن تقابلهم في حياتك، لأنك لن تُريده أن يتوقف عن الكلام أبدًا، فبخلاف دقة ملاحظاته، وسحر تشبيهاته، ومتعة حكاياته، وتلميحاته التي لا تخلو من خُبث، فهو يُشبهنا في بؤسنا، في سخريتنا من آلامنا، في “فهلويتنا” كمصريين، ونُشبهه نحن في حُلمنا بحياة أفضل، وفي أنّنا لا نجعل اليأس يتمكن منّا أبدًا.
أفضل كتب بلال فضل
في هذا المقال سنتعرف على أفضل كتب كتبها بلال فضل وحصلت على نسب قراءة عالية، اثتنان منها مقالات ساخرة متنوعة، وواحد عبارة عن قصص قصيرة ساخرة في مُجملها، وفي الأخير يأخذنا بلال فضل في جولة داخل أفضل الكتب التي قرأها ويُرشحها لقرائه.
تقييم أراجيك
ما فعله العيّان بالميت
ما فعله العيان بالميت هو الكتاب الأكثر مبيعًا حتى الآن من كتب بلال فضل، وربما كانت خير دعاية له هو عنوان الكتاب الذي بدا للبعض مثيرًا للانتباه لأنه لم يفهم ما يعنيه، وبدا لباقي الناس عنوانًا يعرفونه جيدًا كمثل شعبي بذيء، لا يجرؤون على قوله جهارًا.
على أي حال، استطاع الكتاب أن يلفت نظر القرّاء إليه لأكثر من سبب بخلاف العنوان، فأسلوب بلال فضل يُغري على القراءة، خاصةً إن كان يتهكم على طباع الشعب المصري كما اعتاد أن يفعل عادةً، وهذا غير الاسقاطات السياسية التي تحفل بها قصصه القصيرة بالجملة.
“سأل أحد المصلين الشيخ: “هل الحزب الوطني اللي بيحكمنا هيروح النار؟” فقال الشيخ بعد أن أستحضر هيبة الله عز وجل: “جاء في الأثر أنّ امرأة دخلت النار في قطة حبستها.” وإذا كنّا بالتأكيد أكرم عند الله عز وجل من القطط، فبالتأكيد سيذهب الحزب الوطني إلي النار لأنه لا هو أطعمنا، ولا هو تركنا نأكل من خشاش الأرض، هذا والله أعلم.
من أطرف القصص الموجودة بالكتاب قصة (زبادي)، والتي تتحدث عن الفترة التي كانت لقنوات الأغاني الشهيرة وقتها شعبية كبيرة مثل قنوات ميلودي ومزيكا، وكان شريط الأخبار في أسفل الشاشة يعرض رسائل الشات بين الشباب والشابات بلا رقابة تقريبًا، فعبّر بلال فضل عن هذه الظاهرة بأسلوبه الساخر الذي من الصعب جدًا ألا يجعلك تضحك بشدة.
“هاي، إزيكوا.. أنا زبادي..حابّة أتعرف عليكم.. لم ترحم الردود السخيفة لطفها الذي بدا جليًا، برغم كلماتها المقتضبة، سريعًا إنهارت عليها مطارق الغلظة والبذاءة: “زبادي ممكن أدوقك..زبادي إنتي بتتاكلي.. زبادي إنتي كاملة الدسم.. زبادي أنا عسل ممكن تقلبيني فيكي.. زبادي إيه ميّتك”.
ومن القصص اللافتة للنظر في الكتاب أيضًا، قصة “البلد بتاعة سيادته”، والتي ينسى فيها رئيس البلاد ذو الثمانين عامًا اسم البلد التي يرأسها بحكم شيخوخته، وعندها يُقرر وزراؤه ومُعاونوه أن يحذفوا اسم البلد من كل الكتب، ويمنعوا تداوله، مُكتفيين بكلمة “بلادي” التي يستخدمها الرئيس عند حديثه عن البلد، وليس كلمة بلادنا أو البلاد فحسب، لأنّها بالفعل بلاد الرئيس وحده، وليست بلاد الشعب الذي يعيش على أرضها.
اسم الكاتب
بلال فضل
اللغة
عربية
ISBN:
9770924636
دار النشر
دار الشروق
عدد الصفحات
66
تقييم أراجيك
ضحك مجروح
رواية "ضحك مجروح" هي رواية ساخرة مملوءة بالمواضيع التي قد تضحك الشفاه وتدمي القلب في آن واحد، قدمه لنا الكاتب والسيناريست المصري الحائز على شهادة الإعلام في جامعة القاهرة قسم الصحافة "بلال فضل".
يتألف هذا الكتاب من عدة فصول صغيرة تحكي عن مواقف كانت قد قابلت الكاتب كما قد تكون قابلتنا نحن أيضاً في حياتنا اليومية وخاصة في حياة الشعب المصري، تلك المواقف التي ينطبق عليها مَثل "المضحك المبكي"، مواقف تستوقفك للتفكير فيها فيما إذا كانت فعلاً حقيقة أم لا، لتكتشف أنها تدل على الواقع المؤلم الذي وصلنا له بسبب الفساد والسطحية،
كما أنك ستجد في بعض فصول الكتاب قضايا من عالمنا العربي، يحكيها لنا الراوي بطريقة ساخرة وقريبة لدرجة أنه يجعلك تعتقد أنك جالس معه تشربون كأساً من الشاي وتتحادثون، ومن بعض تلك القضايا ثقافة العلاج بالمسكنات، وثقافة عدم التعامل مع أي مشكلة إلا بعد وقوع الكارثة ,فقط حينها نبدأ بالبحث عن حلول، وثقافة عدم الجدية وعدم تحمل المسؤولية والكثير الكثير من المواضيع التي تربينا عليها في مجتمعاتنا العربية. جعل "بلال فضل" من هذا الكتاب مرآة جعلنا نرى من خلالها الحقيقة المُرة بطريقة مضحكة، كشف لنا عن ضحكاتنا المجروحة وعن جروحنا المضحكة.
اسم الكاتب
بلال فضل
اللغة
العربية
عدد الصفحات
217
تقييم أراجيك
السكّان الأصليين لمصر
مجموعة من المقالات المتنوعة التي تم نشرها في جريدة الدستور، والتي وضع بلال فضل فيها عدسة مكبّرة على نماذج بشرية شديدة الغنى من أهل مصر، وهم الفقراء “ولاد الأصول”، اللذين أسماهم بلال فضل “السكان الأصليين لمصر”، والذين قال عنهم أيضًا إنهم الطبقة “غير المستفيدة بمصر” بخلاف طبقة “المنتفعين”، والذي يرى نفسه واحدًا منهم.
“عموماً اتطمن، جمال مبارك حاسس بمشاكلك إنت وابوك، لأنه زي ما قال لف كتير جداً، وأكيد المعاناة الإنسانية اللي شافها وهو رايح النادي علشان يلحق التدريب، وتجاربه المريرة في ركوب الباص، وحجز كرسي جنب الشباك، واللعب في الباك يارد بتاعة الإسكول، كل هذه التجارب الإنسانية العميقة ستجعله يشعر بمعاناتك أنت ووالدك”.
تحدث بلال فضل بعض الأحداث المهمة والمؤسفة التي حدثت في مصر قبل عام 2010 في مقالاته، ومنها حادثة غرق عبارة السلام، والقبض على التوربيني مٌغتصب الأطفال، وأحداث 6 ابريل عام 2008، مما جعل هذه المقالات مؤلمة عن غيرها، وهو الشيء غير المعتاد في مقالات بلال الساخرة عامةً.
“لو ظهر بين ظهرانينا اليوم أديب، يقوم بنقل أخبار صفحات الحوادث، مجرد نقل لا يضيف إليه شيئًا، ثم تمت ترجمة كتابه، لاعتبر العالم كتابه فتحًا جديدًا في الواقعية السحرية، يفوق ما كتبه ماركيز وإخوانه اللاتينيون الذين يكتبون الواقعية السحرية أدبًا، بينما نحن نعيشها قلة أدب”.
اسم الكاتب
بلال فضل
اللغة
عربية
ISBN:
9789770928836
دار النشر
دار الشروق
عدد الصفحات
229
تقييم أراجيك
في أحضان الكتب
في هذا الكتاب الذي على عكس الكتب السابقة، من الصعب أن يختلف عاشق للقراءة عليه، ففيه وكما يبدو من عنوانه، يغوص بنا بلال فضل داخل عالم الكتب الواسع جدًا، فيُخبرنا فيه عن مفضلاته من الكتب بشكل عام، فالكتاب مقسّم إلى مقالات يتحدث في كل منها عن كاتب يُحبه، ويخبرنا عن أفضل ما قرأ له بأسلوب جذاب وممتع لكل عاشق للقراءة. وممّا زاد الكتاب متعة هو تلك الاقتباسات المختارة بعناية لمؤلفي الكتب، أو للمؤلفات ذاتها.
تنّقل بلال فضل بين مؤلفين الكتب العظام وأعمالهم أمثال ديستيوفسكي، جورج أوريل، هنري ميلر، أنطون تشيخوف، سنان أنطون، يوسا، عزيز نيسين، بشار كمال، يوجين يونسكو، مارك توين، محمد الماغوط، جوستاف لوبون، إيريك هوفر، أورهان باموق، إليف شافاق، وأديبنا العظيم نجيب محفوظ وغيرهم أيضًا، وتحدث عنهم في مقالات مُفصّلة، يُوجهك فيها لأفضل الأعمال التي قرأها لكل هؤلاء العمالقة.
حكى الكاتب الصحفي بلال فضل في الكتاب عن واقعة طريفة حدثت للكاتب الكبير “باتريك سوزكيند” عندما انتقى من مكتبته كتابًا لم يقرأه من قبل، وأثناء قراءته له، فوجئ أنّ هناك من كتب ملاحظاته على هوامش الكتاب، والغريب أنّها نفس الملاحظات التي كانت تدور بباله حينما قرأ الكتاب، ليكتشف بعدها أنّه قرأ هذا الكتاب من قبل، وأنّه هو من كتب هذه الملاحظات بنفسه، ولكنه نسي هذا الأمر تمامًا.
وعندها يُقرر سوزكيند على سبيل التجربة أن يُحاول تذكر تفاصيل الكتب التي قام بقراءتها سابقًا، فيجد أنّه تقريبًا لا يتذكر أي شيء، ولكنّه في نفس الوقت يكتشف أنّ هذه الكتب شكّلت وعيه، وأثّرت في قناعاته وأرائه، وغيرت في شخصيته بالفعل على الرغم من أنّه نسي الكثير من تفاصيلها.
خصص بلال فضل آخر فصل من فصول الكتاب ليكتب فيه قائمة بترشيحاته لأفضل ما قرأ من كتب أيضًا بشكل سريع، وهو ما اعتبره هدية منه لكل قارئ، قائلًا في النهاية:
“لأنني أحب الكتابة عن الكتب، والحديث عن الكتب بمناسبة و بغير مناسبة، كنت أتلقى خلال كتابتي المنتظمة في الصحف مع كل معرض للكتاب، سيلًا من طلبات الترشيح لما أراه من الكتب أولى، وأحق بالاقتناء و القراءة، ولذلك صنعت هذة القائمة التي تضم عددًا من أحلى الكتب التي أحب قرائتها دائمًا و أبدًا، و التي يمكن أن تضم إليها الكتب التي تحدثت عنها في هذا الكتاب، مع رجائي أن تتذكر دائما أن هذة القائمة هي قائمة شخصية عشوائية مكتوبة من الذاكرة عمدًا، و لا يوجد أي منطق في اختيارها سوى أنني استمتعت بقراءة كل ما فيها، وأضمن لك برقبتي أنك ستُعيد قراءة أغلبها أكثر من مرة دون أن تمل، لاحظ أن رقبتي سدّادة كما يبدو لك من حجمها في الصور.
قد تري أن هناك كتبًا أحلى مما أخترته، و بالتأكيد هناك كتب أحلى و أجمل و أهم، سقطت من ذاكرتي ” النقاواتية “، وربما كان ذلك حافزا لأن تصنع لنفسك قائمة تخصك من أحلي الكتب، تتفوق علي هذة القائمة الشخصية التي آمل ألا تحرم نفسك منها، أو مما استطعت إليه منها سبيلا، بس و النّبي لما تنبسط ادعي لي”.
اسم الكاتب
بلال فضل
اللغة
عربية
ISBN:
9789770932674
دار النشر
دار الشروق
عدد الصفحات
216
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.