ريادة الأعمال بعد الأربعين.. كيف يكون العمر مجرد رقم؟

عندما تسمع عبارة "شركة ناشئة"، قد تربطها على الفور بشخص في أوائل أو أواخر العشرينيات من عمره، يسعى جاهدًا لكسب الملايين من خلال فكرة ثورية اقتحمت أفكاره ذات يوم. ولما لا؟ فمارك زوكربيرج أطلق موقع فيسبوك، الذي أصبح الآن شركة تبلغ قيمتها مليار دولار، عندما كان عمره 19 عامًا فقط.  لكن هل هذا يعني أنه لا يمكنك القيام بريادة الأعمال في الأربعينيات أو الخمسينيات من عمرك؟ وهل هناك رواد أعمال بدأوا في الأربعينات وحققوا نجاح؟ وإذا بدأت بالفعل في هذا العمر كيف يمكنك التغلب على العقبات وتحقيق النجاح؟

هناك اعتقاد شائع بأن أكثر رواد الأعمال نجاحًا هم الشبان، مثل بيل جيتس وستيف جوبز ومارك زوكربيرج. لكن فريق من مجلة "هارفارد بزنس ريفيو"، التي تقدم دراسات وأبحاث في مجال الأعمال وإدارة الشركات، قام بتحليل أعمار جميع مؤسسي الأعمال في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، للإجابة على سؤال: هل من الممكن أن تكون الشركات التي أنشأها رواد الأعمال الشباب هي الأكثر نجاحًا؟ ووجدوا أن هذا الاعتقاد غير دقيق.

أظهر تحليل البيانات أن العمر المتوسط لمؤسسي الشركات الناجحة هو حوالي 42 عامًا. ومع ذلك، هناك تباين في الأعمار حسب الصناعات، حيث يكون العمر المتوسط لمؤسسي شركات التكنولوجيا حوالي 40 عامًا ومن المألوف أن يكون المؤسسون أصغر سنًا، بينما يكون أعلى في صناعات أخرى مثل النفط والغاز والتكنولوجيا الحيوية.

وعند النظر إلى الشركات الناجحة بشكل خاص، تبين أن مؤسسيها كانوا في متوسط العمر حوالي 45 عامًا. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الأشخاص في منتصف العمر يميلون إلى تأسيس المشاريع بشكل أكبر. وعلى الرغم من وجود بعض الرواد الشبان الناجحين، إلا أن النجاح يزيد بشكل كبير مع العمر، وأداء ريادة الأعمال يرتفع بشكل حاد مع التقدم في السن قبل أن يصل إلى ذروته في أواخر الخمسينيات. كما أن الخبرة السابقة في نفس الصناعة تلعب دورًا حاسمًا في النجاح، حيث يكون الرواد الذين لديهم خبرة عملية لا تقل عن ثلاث سنوات أكثر احتمالاً بنسبة 85٪ لتأسيس شركة ناجحة.

أما فيما يتعلق بالرواد الشبان الشهيرين مثل بيل جيتس وستيف جوبز، فإن نمو شركاتهم بالنسبة لقيمتها السوقية قد بلغت ذروتها عندما كانوا في منتصف العمر، وهذا يشير إلى أن النجاح ليس مرتبطًا بالعمر الصغير. وبشكل عام، يظهر البحث أن الرواد الناجحين عادة في منتصف العمر، وأن العمر المتقدم قد يكون ميزة قوية لبدء الشركات الناجحة.

هناك العديد من رواد الأعمال اللذين أصبحوا مثالًا للنجاح والابتكار وهم في منتصف العمر، ,أثبتوا أن العمر مجرد رقم:

لم يفت الأوان بعد لتصبح رجل أعمال. في الواقع، قد يكون هذا هو الوقت المناسب، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل رواد الأعمال الأكبر سنًا يحققون نجاحًا كبيرًا في مجال الأعمال. فيما يلي عدد قليل من هذه الأسباب.

إن بدء مشروع تجاري ليس بالمهمة السهلة، إذ يتطلب الأمر المثابرة والإيمان بقدرتك على النجاح رغم العقبات. والأشخاص في منتصف العمر يعرفون كيفية التطلع إلى المستقبل والعمل على تحقيق الأهداف على الرغم من النكسات. في الواقع، يبدأ العديد من كبار السن العمل لحساب أنفسهم بسبب تسريح العمال أو التقاعد القسري أو الركود. وتعد المرونة صفة ضرورية لتصبح رائد أعمال ويمكن للأفراد ذوي الخبرة الاستفادة من هذه السمة المتطورة أثناء بناء أعمالهم.

يتطلب الأمر الثقة لتكون رائد أعمال، وعادة ما تكون وراء هذه الثقة تجربة الحياة. لكي تكون ناجحًا، يجب أن تكون لديك ثقة في خطة عملك وقدرتك على تنفيذها. يتمتع رواد الأعمال الأكبر سنًا بمجموعة واسعة من الخبرة ويمكنهم إجراء تخمينات مدروسة حول كيفية سير الأمور بناءً على تلك الأحداث السابقة.

رجال الأعمال الأكبر سنًا يعرفون المزيد من الناس. لقد جمعت طوال حياتك عددًا لا بأس به من الأصدقاء وأفراد الأسرة والزملاء والمعارف، وسعيت إلى التطوير المهني وعملت على بناء شبكتك، وكل شخص تعرفه لديه شبكته الخاصة. وهذا يجعل دائرتك بعيدة المدى. قد يكون الأشخاص الأصغر سنًا أصدقاء مع عدد أكبر من الأشخاص عبر الإنترنت، لكن رواد الأعمال الذين عملوا في مجال الأعمال التجارية لفترة طويلة يعرفون عادةً عددًا أكبر من الأشخاص الذين سيكونون قادرين على تقديم المساعدة في الأعمال التجارية.

إن الترحيب بأي تغيير انتقالي في منتصف عمرك ليس بالأمر السهل، وبغض النظر عن الدور الذي تقرر القيام به، لا بد أن تواجه بعض التحديات والعقبات. لذا لا تدع هذه المضايقات تردعك. واتبع الآتي لكي تتمكن من تحقيق النجاح:

قبل أن تبدأ مشروعك التجاري قم بإجراء بحث شامل للسوق لمعرفة ما يفعله المنافسون، وما يبحث عنه العملاء، ونطاق عملك والمخاطر المرتبطة به، ثم قم بتقييم وضعك المالي للحصول على توضيح بشأن متطلبات الادخار وجمع التبرعات. وتأكد أن عليك مواكبة التقدم التكنولوجي للحصول على ميزة تنافسية على الآخرين. إذا كنت من خلفية غير تقنية، فمن الأفضل أن تتعاون مع أحد التقنيين أو تستأجر خبراء تقنيين لمساعدة عملك على البقاء في المشهد الرقمي الحالي. وكن أيضًا على استعداد للتعلم ونبذ ما تعلمته. قد يكون بدء مشروع تجاري في أي وقت من حياتك أمرًا صعبًا، لذلك يجب أن تظل متفتحًا وتظل مرنًا أثناء المضي قدمًا

اختر فكرة العمل. ما هو الشيء الذي أنت متحمس له؟ اختر شيئًا تشعر أنه يجب مشاركته مع العالم وشيء سيفيد الكثيرين. تبدأ الكثير من الشركات الناشئة الناجحة بشخص وجد مشكلة وأراد حقًا حلها، ووجد العديد من أعضاء الفريق الرائعين الآخرين الذين كانوا متحمسين لها أيضًا. خذ وقتك في العصف الذهني وفكر حقًا فيما ترغب في تحقيقه.

الآن بعد أن حصلت على فكرتك، قم ببعض التواصل. كما ذكرنا سابقًا، إذا كنت تعمل في مجال الأعمال لفترة من الوقت، فربما تكون قد جمعت عددًا لا بأس به من الاتصالات المهنية. يعد هذا أمرًا ضروريًا لأن التواصل وتأسيس المستشارين والمحامين ومصممي الجرافيك والمستثمرين وغيرهم من الأشخاص الرئيسية سيساعدك على بدء عملك.

الآن بعد أن أصبحت لديك فكرة عن عملك مع عدد قليل من اللاعبين الرئيسيين، فقد حان الوقت لتصبح جديًا. الآن هو الوقت المناسب لتنظيم أفكار عملك، وتحديد موقع عملك، والميزانية، والحصول على رقم التعريف الضريبي، وفتح حساب بنكي تجاري، ووضع خطة المبيعات والتسويق.

الترويج لعملك أمر ضروري للنجاح. إذا لم يكن أحد يعرف ذلك أو كان لديه سبب للاهتمام به، فمن غير المرجح أن تحصل على الإيرادات التي تحتاجها لتحقيق النجاح. استفد من الأشخاص المبدعين الذين تعرفهم للمساعدة في صنع البضائع، وإدارة حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء مقاطع فيديو ترويجية، وإيجاد حلول تسويقية.

وسائل التواصل الاجتماعي هي الطريقة المثالية للترويج لعملك. ومع ذلك، فإن إنشاء موقع ويب، وتطوير التسويق عبر الإنترنت، ومشاركات المدونات، ورسائل البريد الإلكتروني والنشرات الإخبارية يمكن أن يكون مفيدًا جدًا أيضًا؛ تأكد من أنك تختار النهج الذي يناسب جمهورك المستهدف.

إن تحقيق عمل تجاري ناجح لا يعني أن ريادة الأعمال الخاصة بك تتوقف عند هذا الحد. استمر في تنمية شركتك ومساعدة الآخرين في أفكارهم التجارية. فكر في الحصول على درجة البكالوريوس في دراسات ريادة الأعمال أو مواصلة تعليمك بدرجة الماجستير في الأعمال لتعميق مهاراتك كمحترف في مجال الأعمال.

"العمر مجرد رقم" لأن الأحلام والعواطف لا تأتي مع حد عمري. إن بدء مشروع تجاري في الأربعينيات من عمرك أمر منطقي أكثر مما تعتقد - فأنت تتمتع بمزيد من الخبرة والموارد والاتصالات والأمان المالي، وقبل كل شيء، وضوح في رؤيتك. كل هذا يمكن أن يساعدك أثناء انتقالك خلال مراحل مختلفة من رحلة ريادة الأعمال الخاصة بك بطريقة أسهل بكثير، لذا خطط جيدًا ولا تتردد.