تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

كيف يحكم علم النفس على اختياراتنا لمواقع التواصل الاجتماعي؟

هبة دلول
هبة دلول

5 د

في عصر الرقمية الذي نعيش فيه، تشكل مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إذ تتراوح مشاعرنا تجاهها بين الإعجاب والإدمان. لكن هل تساءلت يومًا عن العلوم التي تقف وراء جاذبيتها؟ ما هو العامل الذي يجعل بعضها يستحوذ على اهتمامنا بينما نتجاهل البعض الآخر؟ في هذا المقال، سنتعمّق في علم النفس لنكتشف القوى الخفية التي تشكل اختياراتنا وتفضيلاتنا لمواقع التواصل الاجتماعي، وكيف يمكن لفهم هذه العوامل أن يمنحنا رؤية أفضل لسلوكياتنا وتفاعلاتنا في العالم الافتراضي.


التحليل النفسي لأشهر مواقع التواصل الاجتماعي

قد تتساءل عن العامل النفسي الكامن وراء تعلّق المستخدمين بتطبيقات التواصل الاجتماعي، فكل تطبيق يختلف عن الآخر في طريقة جذب الجمهور حسب دوافعه النفسية:


فيسبوك.. التفاعل الاجتماعي وبناء العلاقات

تأسست فكرة فيسبوك على مفهوم توصيل الأشخاص وبناء العلاقات. إذ يوضّح علم النفس أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه يسعى للانتماء والتواصل. وتقدم فيسبوك منصة رقمية تمكن الأشخاص من البقاء على تواصل ومشاركة الأخبار وتقوية الروابط الاجتماعية. أما تقنياً، فتم تصميم الواجهة لتكون مرحبة مع نظام يحفز الدماغ على التفاعل بشكل مستمر.

يمكن أن ينبع التعلق بفيسبوك من حاجة الإنسان الأساسية للتواصل والانتماء. إذ تظهر نظرية ماسلو للاحتياجات أن الإنسان يحتاج إلى الشعور بالأمان والتواصل مع الآخرين. وفيسبوك يلبي هذه الحاجة عبر توفير منصة تفاعل مع الأصدقاء والعائلة. فاللمسة الاجتماعية تظل حاضرة حتى في العالم الافتراضي.


تويتر.. التعبير عن الرأي والمشاركة في الحوارات

يسعى البشر دائمًا إلى أن يُسمعوا ويُعبّروا عن آرائهم. وتويتر يقدم منصة مثالية للتعبير بإيجاز وسرعة، إذ يمكن للأشخاص المشاركة في حوارات عالمية بضغطة زر. فالتكنولوجيا وراء تويتر تسعى للسرعة والتحديث الفوري، وهذا يلبي حاجة الإنسان النفسية للتفاعل الفوري والشعور بأنه جزء من نقاش أوسع. إذ يمكن أن يكون العامل النفسي وراء التعلق بتويتر مرتبطًا بحاجة الإنسان للتعبير عن نفسه والمشاركة في مجتمعه. فهناك رغبة قوية في أن يكون الشخص ذو تأثير وتويتر يوفر هذا الفضاء.


انستجرام.. الإبداع والتقدير الجمالي

يعد انستجرام الملاذ للفنانين والمصورين وأولئك الذين يقدرون الجمال في تفاصيل الحياة. فمن الناحية النفسية، يبحث البشر عن التقدير والاعتراف بجهودهم. وانستجرام يوفر المساحة المثالية لعرض الإبداعات وتلقي التقدير من خلال الإعجابات والتعليقات. كما تشجع تكنولوجيا المنصة على المشاركة من خلال تصميم بسيط وأدوات تحرير مرئية، مما يجعل الصور تظهر بأبهى حلة.

يبحث الإنسان عن جمال الحياة والتعبير عن الذات من خلال الفن والإبداع. وانستجرام هو المساحة الأنسب للفرد ليعرض جانبه الإبداعي ويتلقى التقدير. فنظرية التعزيز الاجتماعي توضح كيف يمكن للإعجابات والتعليقات أن تعزز السلوك الإيجابي وتزيد من التعلق بالمنصة. لذا يؤكد انستجرام حاجة الفرد للاعتراف والتقدير.


علم النفس الإعلاني واستراتيجيات التسويق في مواقع التواصل

في عالم يتسم بالتنافسية الشديدة والتطور التكنولوجي المتسارع، أصبح استخدام علم النفس في مجال التسويق على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر أهمية من أي وقت مضى. إذ تبدأ هذه الرحلة بفهم كيفية جذب المستخدمين، حيث يتم توظيف مفاهيم الصدق والثقة والراحة النفسية لبناء علاقة مع العميل المحتمل.

بالنسبة للإعلانات المستهدفة والتخصيص، يتم استخدام تحليلات دقيقة لفهم سلوكيات وتفضيلات المستخدمين، ومن ثم تقديم محتوى إعلاني يرتبط بشكل شخصي بمصالحهم وحاجاتهم. إذ يعزز هذا التوجيه المحدد من فعالية الرسالة ويزيد من احتمال التفاعل.

كما يسهم البحث والدراسات الحديثة في علم النفس في توسيع فهمنا للعوامل التي تحدد اختيار مواقع التواصل. وهذا يشمل فهم الدوافع والعواطف والتأثيرات الثقافية التي تقود المستخدمين نحو منصات معينة. فهذه المعرفة تمكن المعلنين من تصميم حملات مستهدفة تتوافق مع قيم وتوقعات مجموعات ديموغرافية معينة.

فإذا كان علم النفس قد كشف عن القوى المحركة للسلوك البشري، فإن استخدامه في مجال التسويق على مواقع التواصل يمكنه من تحويل هذه المعرفة إلى استراتيجيات فعّالة تستهدف القلوب والعقول. إذ يمكنه ن بناء جسور التواصل بين العلامات التجارية والمستهلكين بطرق جديدة ومبتكرة تتجاوز الحدود التقليدية للإعلان والترويج.


تأثير العوامل النفسية في اختيار مواقع التواصل الاجتماعي

الجمع بين الجانبين النفسي والتكنولوجي يكشف عن تفاعل معقد ومثير بين البشر والتكنولوجيا، إذ يتأثر اختيار المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي بدوافع نفسية متعددة، منها الرغبة في الانتماء والتفاعل وتأكيد الذات والاستجابة للضغوط الاجتماعية. لكن ما يحدث تحت هذا السطح هو تفاعل مستمر بين الفرد والتكنولوجيا.

كما يلعب الجانب التكنولوجي والابتكارات التكنولوجية وتصميم واجهة المستخدم دورًا حيويًا في تحفيز تلك الدوافع النفسية. إذ تسمح المواقع بالتفاعل المباشر مع المحتوى من تعليقات وإعجابات، مما يعطي الفرصة للمستخدم بتأكيد ذاته والشعور بالانتماء. كما يمكن للمستخدمين تخصيص ملفاتهم الشخصية والتحكم في نوع المحتوى الذي يرغبون في مشاهدته. هذا يمنحهم القدرة على تقدير ذواتهم وتعزيز الهوية الشخصية.

فالمواقع حاليًّا  تستخدم الذكاء الصناعي وتحليلات البيانات، إذ تقوم بجمع البيانات حول تفاعلات المستخدمين، ومن ثم استخدام هذه البيانات لتقديم محتوى مخصص يلبي احتياجاتهم ورغباتهم، مما يعزز الانغماس والولاء.


الأبحاث والدراسات الحديثة في علم النفس واختيار مواقع التواصل

في العقد الأخير، شهدت الأبحاث والدراسات في علم النفس واختيار مواقع التواصل تزايداً ملحوظاً، حيث ركزت على فهم التفاعلات المعقدة بين الدوافع النفسية والعوامل التكنولوجية. إذ تقوم الأبحاث بتحليل كيفية جذب مواقع التواصل بناءً على احتياجات الفرد ورغباته، مثل البحث عن التواصل الاجتماعي أو التعبير عن الهوية. وتتطرق الدراسات أيضًا إلى قضايا مثل تأثير مواقع التواصل على الصحة النفسية، والتأثير الثقافي والاجتماعي لهذه المنصات، والأخلاقيات المتعلقة بجمع واستخدام البيانات. 

ذو صلة

كما تستكشف الأبحاث الحالية كيف يمكن للتفاعل بين الإنسان والحاسوب أن يؤثر في تجربة المستخدم، بالإضافة إلى تأثير المزج بين الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات على تقديم تجربة مخصصة. حيث تمثل تلك المؤلفات والأبحاث خطوة مهمة نحو فهم كيفية تكامل التكنولوجيا في أنماط حياتنا اليومية، وتقدم نظرة ثاقبة على التفاعل المستمر بين عقولنا والعالم الرقمي المتسارع.

ختامًا، يتحول علم النفس وراء اختيارنا لمواقع التواصل الاجتماعي إلى ميدان دراسي ذو أهمية قصوى. إذ توفر مواقع التواصل الاجتماعي نافذة فريدة على النفس البشرية، تكشف كيف نتفاعل ونتواصل ونعبر عن أنفسنا في هذا العالم. فمن خلال استكشاف التفاعل بين عقولنا وهذه المنصات، نكتسب فهماً أعمق لأنفسنا ككائنات اجتماعية في هذا العصر الرقمي.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة