لماذا الأغاني هي الأطول عمراً وسط أشكال الفن والترفيه المختلفة؟

كلمات بعينها، عندما نسمعها صدفة تهلّ علينا كل ذكريات الطفولة وأخرى تذكّرنا بأيام معينة من ماضينا المليئ بالسعادة، وحدها الأغاني هي التي تستطيع أن تفعل بنا ذلك بمنتهى السهولة.

تمتاز الأغاني عن غيرها من باقي الفنون أنها الأطول عمراً والأكثر تأثيراً في الجميع، وفي هذا المقال سنتعرف على مجموعة من الأسباب التي جعلت الأغاني على قمّة الفنون الأخرى.

عادةً ما تكون الأغاني قصيرة لا تتجاوز مدتها الـ 7 دقائق في عصرنا الحالي وقديماً كانت طويلة بعض الشيء تصل إلى النصف ساعة مثل أغاني أم كلثوم ولكنها مقارنة مع باقي الفنون الأخرى من الأفلام والمسلسلات فهي قصيرة وتنتهي بسرعة.

الميزة الأساسية للأغاني أنك يمكن أن تسمعها أكثر من مرة حيث يمكن أن تصل عدد مرات الاستماع إلى الأغنية الواحدة 1000 مرة للشخص الواحد علي مدار عمره، ومع هذا لن يشعر بالملل بل على العكس يزداد حبه وتعلقه بها أكثر لأنها تصبح جزء من كيانه.

عادةً ما تكون كلمات الأغاني بسيطة ومُعبّرة، كما يقولون بلغة رجل الشارع يفهمها الصغير والكبير وتُعبّر عن الجميع، فتوفر لها هذه البساطة ميّزة الانتشار السريع والوصول لأكبر عدد ممكن من الجمهور.

الأغاني لا تموت فهي طويلة العمر، يمكن إضفاء الحيوية عليها بإعادة توزيع ألحانها، أو بأن يغنيها مطرب آخر بطريقة مختلفة فيعطيها رونقاً جديداً، أو بأن تدخل في منتج غنائي جديد.

تهتم 90% من الأغاني بالمشاعر الإنسانية وعلى رأسها الحب الذي هو سرّ الوجود والموضوع النابض بالحياة دائماً لكل الناس، فجميعنا إما نحب أو نبحث عن قصة حب أو لنا ذكريات مع الحب سعيدة أو حزينة فهو أمر يخص كل من امتلك قلب بين ضلوعه.

لا يحتاج سماع الأغاني إلى جهد كبير من المستمع أو تحديداً لا يحتاج إلى أي جهد على الإطلاق، فقط شغل الموسيقى وإفعل أي شيء آخر بمنتهى السلاسة فيمكنك أن تسمع الأغاني وأنت تقود سيارتك أو أثناء إعدادك لوجبة الغذاء لأفراد عائلتك.

يمكنك أيضا أن تستمتع بالألحان أثناء الاستحمام أو أثناء ترتيب المنزل فهو نشاط يصاحب أغلب الأنشطة ولا يتعارض معها، وعلى الناحية الأخرى فمن الصعب قراءة كتاب أثناء الانتهاء من أعمال المنزل أو مشاهدة أحد الأفلام أثناء القيادة فالأمر يحتاج إلى استخدام العينين وأيضا أن تكون على قدرٍ عالٍ من التركيز حتى يتحقق الفهم والمتعة.

الاستماع إلى الأغاني يمكن أن يكون نشاط فردي ولكنه أجمل إذ كان جماعي حيث يجتمع الأصدقاء ويستمتعون بأحد الألحان وهو نشاط محبب أثناء التجمعات والمناسبات الاجتماعية من حفلات الزفاف وأعياد الميلاد وغيرها.

أيضاً من السهل أن تجد أغنية يجتمع عليها ويحبها الجميع لكن من الصعب أن تجد الجميع متفق على كتاب بعينه أو لوحة بعينها.

يحتاج تذوق بعض الفنون التشكيلية إلى مستوى معين من الثقافة والتعليم أما تذوق الأغاني فهو أمر شعبي يخص الجميع وينفعل به الكل فالأغاني تجمع ولا تفرق.

لا يتعلّق إعجابنا وانسجامنا مع الأغاني بكوننا نفهم معانيها وكلماتها أم لا ولكن السحر كله في الألحان والموسيقي نفسها تلك التي تقرب بين الشعوب وتجعل أى شخص قادر على تذوق الموسيقي بأي لغة كانت.

إذ كنت مسافراً ونسيت أن تضع أغنياتك المفضلة على حاسبوك أو على هاتفك المحمول فيمكنك ببساطة الاستماع إليها من خلال موقع Sound Cloud الذي أصبح أشبه بذاكرة أغاني عالمية أو من خلال أي موقع آخر على الانترنت.

لكنك إذ نسيت كتابك المفضل فمن الصعب عليك أن تجده في الأماكن التي تذهب إليها لأن الأمر يتعلق بلغة الكتاب ودور النشر والكثير من الأمور الأخرى.

كما توثق الأغاني التاريخ وأحداثه الهامة، فإنها توثق أيضاً علاقاتنا الاجتماعية فالأغاني التي نسمعها في حفل التخرج تبقى مرتبطة في أذهاننا بأيام الجامعة، وتلك التي اعتادنا سماعها مع أناس بعينهم تظل مرتبطة بهم في ذاكرتنا حتى ولو فرقتنا الأيام.

وأن تكرار سماع الأغاني وفي بعض الأحيان لا يذكرنا فقط بالأماكن بل برائحة الأماكن وبالأشخاص الذين رافقونا إليها وألوان ملابسهم ورائحة العطر التي كانوا يضعونها، فهي الوسيلة الأكثر متعةً لايقاظ كل الذكريات. لذا فنحن نحتاج إلى أن نختار بعناية تلك الأغاني التي ترافقنا في مشوار حياتنا.

ماذا عنكم؟ ما هي مشاعركم حول الأغاني؟ شاركونا آرائكم وتعليقاكم..