خط بارليف.. كيف إنهار وإنهارت معه أحلام سلطات الإحتلال – الجزء الثاني
تعرفنا فى الجزء الأول من هذا المقال على أقوى خط دفاعى تم بنائه فى التاريخ، خط بارليف.. لنرى الان كيف تمكن الجيش المصرى من التغلب على خط بارليف المنيع والمحصن الذى بنته إسرائيل لوأد آى محاولة مصرية لعبور القناة..
من أجل تحقيق هذا الهدف قام الجيش المصرى بتغيير طريقة إصدار القرارات من أعلى الى أسفل، وعهد الى قادة ألوية المشاة على خط المواجهة -قناة السويس- لإبتكار والتفكير فى طرق وسبل الغلب على هذا الحصن المتين فعلا..
فأصبحت القرارات تأتى من أسفل لأعلى وفى طريقها للقائد العام بداية من صغار الضباط والقادة مرورا برئيس هيئة العمليات ورئيس الأركان، كان يتم تحسين وتغيير وتعديل الخطط بالشكل المناسب واستمر الأمر كذلك حتى ساعة الحرب..
رأى قادة ألوية المشاة انه لا بديل عن الإقتحام من خلال القواعد والنقاط الحصينة الإسرائيلية وتدميرها مع الساعات الأولى للإشتباك، حتى لا تقوم بمهاجمة القوات التى ستقوم بالعبور. وعليه بدأت عملية إعداد الفرد المقاتل بدنيا ونفسيا لعملية العبور، خاصة مع الترسبات النفسية السيئة للنكسة.
وبلغ من دقة المعلومات التى تم جمعها عن خط بارليف عن طريق المخابرات، الإستطلاع الجوى والعمليات الإنتحارية خلف خطوط العدو ان كثير من الضباط القادة الذين بدأ الهجوم، كانوا يعرفون بالضبط عدد الجنود الإسرائيليين فى حصونهم. بل وجرى تدريب الجنود على مجسمات لقطاعات من الخط ليعرفوا أنظمة السير بداخلها..
ان محاولة عبور المصريين للقناة مستحيلة، ولو حاول المصريين النزول الى قناة السويس فسيتحول لونها من الأزرق الى الأحمر
موشى ديان – 5 أكتوبر 1973، ردا على سؤال من جولدا مائير.
يكمن سر نجاح العبور المصرى؛ فى الحلول الغير نمطية التى اتبعها الجيش المصرى للتغلب على مشاكل العبور
إدجار أوبلانس – مؤرخ عسكرى بريطانى، فى ندوة عن حرب أكتوبر عام 1974.
لماذا بدأت الحرب الساعة الثانية ظهرا، بالتحديد من يوم 6 أكتوبر؟
بناء على تكليف من اللواء “الجمسى” بدأ اللواء أركان حرب “صلاح فهمى نحلة” بتحديد أنسب وقت لبدء العمليات العسكرية لإسترداد سيناء. فقام بدراسة طبوغرافية سيناء بالكامل، حركات المد والجزر داخل القناة وحالة الجو والمناخ العام فى هذا الوقت من العام.
انتهت حسابات اللواء فهمى إلى أن مدة تنفيذ العملية العسكرية المصرية لعبور القناة، تستغرق 8 ساعات، وأول رد فعل إسرائيلى سيكون بعد 6 ساعات وفقا لقواعد انعقاد مجلس الوزراء الإسرائيلى واتخاذ قرار الحرب. من ثم يكون التوقيت الزمنى المناسب لساعة الصفر بين 12 إلى 2 ظهرا، بحيث تنتهى العملية العسكرية المصرية مع نهاية اليوم وتعجز إسرائيل عن الرد لحلول الظلام وتكون مصر أمام نجاح حقيقى على أرض المعركة..
رشح “فهمى” توقيت الساعة 2 ليكون ساعة الصفر ودعمه بأنه عسكريا، لا يصح بدء المعركة والشمس أمام الجنود لأنها ستكون عائق كبير والأفضل أن تتم العملية عندما تتعامد أشعة الشمس على الرؤوس وهو ما كان.
بجانب ان عيد الغفران -كيبور- يوم 6 أكتوبر هو العيد الأطول فى الإجازات بواقع 6 أيام إجازة وتكون فيه تل أبيب فى حالة سكون تام، تغلق فيه المحلات والمؤسسات ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية فى هذا اليوم سيصيب الجيش الإسرائيلى بشلل وفى المقابل زيادة نسبة نجاح الجنود المصريين بأرض المعركة.
ساعة الصفر..
فور بدء المعركة وبالتزامن مع هجمات سلاح الطيران -أول طلعة جوية-، بدأ 2000 مدفع على الشاطئ الغربى للقناة فى صب نيرانها على الشاطئ المقابل فى خطوة استهدفت فى المقام الأول تأمين عبور 30000 جندى مقاتل الى الضفة الأخرى.
كان المتوقع ان تتم إبادة 90% من موجة العبور الأولى، لولا فكرة “خراطيم المياه” والتى ابتكرها هو اللواء “باقى زكى يوسف” الذى اقترح ان يتم التغلب على الساتر الترابى بخراطيم مياه ذات ضغط عال، وكما يقال “أكثر الوسائل فعالية أشدها بساطة” فقد نجحت هذه الفكرة البسيطة فى إهالة 3 ملايين متر مربع من الرمال والأهم أنقذت ما لا يقل عن 20 ألف جندى مصرى من الموت فى هذا اليوم.
بجانب البساطة الغير تقليدية التى اتبعت فى إهالة الساتر الترابى لخط بارليف، فقد نجح العبور نجاحا ساحقا بمعدات شبه بدائية، بعضها يعود للحرب العالمية الأولى مثل الزوارق المطاطية المستخدمة فى عبور القناة، أو السلالم المصنوعة من حبال والتى تعود للقرن الخامس عشر. بجانب الهتاف الذى دوى كالرعد من حناجر آلاف الجنود فى وقت واحد (مسلمين ومسيحيين) الله أكبر..
الله أكبر والذى أصاب الجندى الصهيونى بالرعب والذعر ومنع بعضهم من الخروج من” الدشم” مفضلا الإستسلام.
“لقد فر الجنود الإسرائيليون من خط بارليف وهم يلتقطون أنفاسهم وقد علت القذارة ابدانهم وشحبت وجوههم ، فرت فلولهم من الجحيم الذي فتحه عليهم الهجوم المصري الكاسح”
صحيفة “انا بيلا” الإيطالية.
الهزيمة يتيمة بينما النصر له ألف أب، لذا فلم يحل مساء السادس من أكتوبر حتى كان كل قادة جيش الإحتلال يتبرؤون من خط بارليف، الى حد ان “موشى ديان” نفسه قال: ان هذا الخط كان كقطعة الجبن الهشة.. شهادة حق فالوحيد من قادة الجيش الصهيونى الذى عارض موضوع خط بارليف كان الخنزير المدعو شارون..
“أن تخلى إسرائيل عن خط بارليف الحصين على الضفة الشرقية لقناة السويس
يعتبر أسوا نكسة عسكرية أصيبت بها في تاريخها”
وكالة: اليونايتد برس
لا يمكن تلخيص حرب أكتوبر والنصر العسكرى الساحق الذى صنعه “الجندى المصرى” فى 1973 فى إجتياح خط بارليف فقط -على أهميته- ونغفل عشرات العمليات العسكرية والتى إمتدت على مساحة سيناء وفى عشرات المواقع الأخرى، طوال مدة الحرب. تثبت وتؤكد على عظمة الإنسان الذى سكن هذا الوادى وروض النيل وطبعته “كنانة الله” بطابعها المميز..
مصادر أخرى
1 – 2 – 3 – 4
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
ظلمت الموضوع كثيرا
تحياتي
وتم الانتصار, رائع
شكرا جزيلا لك
Kaled N Dalloul أعتقد ان موضوع استشارة الضباط على الجبهة كان تغير كبير للغاية فى الفكر السائد فى المؤسسات العسكرية عامة ومنها الجيش المصرى.. واعتقد انه نبع من وقفة حازمة مع النفس نتيجة للهزيمة العسكرية عام 1967 فأيقن كبار القادة مثل -سعد الدين الشاذلى- على ابتكار مفاهيم مثل هذا لإستعادة الثقة فى الجندى والضابط واشراكهم فى سير العمليات بشكل عام.. وهو ما انعكس بشكل ايجابى للغاية على مجريات الحرب..
Kaled N Dalloul أعتقد ان موضوع استشارة الضباط على الجبهة كان تغير كبير للغاية فى الفكر السائد فى المؤسسات العسكرية عامة ومنها الجيش المصرى.. واعتقد انه نبع من وقفة حازمة مع النفس نتيجة للهزيمة العسكرية عام 1967 فأيقن كبار القادة مثل -سعد الدين الشاذلى- على ابتكار مفاهيم مثل هذا لإستعادة الثقة فى الجندى والضابط واشراكهم فى سير العمليات بشكل عام.. وهو ما انعكس بشكل ايجابى للغاية على مجريات الحرب..
انا بعد قراءة الجزء اﻻول كنت منتظر الجزء الثاني بفارغ الصبر
وكنت منتظر كمية احداث و وقائع تثرينا بشكل اوسع
واحنا طبعا عارفين انو بنتابع موقع و مش دراسة أكاديمية
عجبتني معلومة انو تم استشارة جميع الضباط
هاي من النادر انو تحصل علي هيك حدث ﻻنو ما حد بيروي اﻻحداث البسيطة
انا بعد قراءة الجزء اﻻول كنت منتظر الجزء الثاني بفارغ الصبر
وكنت منتظر كمية احداث و وقائع تثرينا بشكل اوسع
واحنا طبعا عارفين انو بنتابع موقع و مش دراسة أكاديمية
عجبتني معلومة انو تم استشارة جميع الضباط
هاي من النادر انو تحصل علي هيك حدث ﻻنو ما حد بيروي اﻻحداث البسيطة
قيما يخص خط بارليف، رأيت ان أكتفى بهذا القدر لأننى لست بصدد دراسة أكاديمية.. ويمكن ان اتبعه بعدة مقالات عن بعض أهم عمليات الحرب كمعركة “كبريت” و”المزرعة الصينية”..
قيما يخص خط بارليف، رأيت ان أكتفى بهذا القدر لأننى لست بصدد دراسة أكاديمية.. ويمكن ان اتبعه بعدة مقالات عن بعض أهم عمليات الحرب كمعركة “كبريت” و”المزرعة الصينية”..
بس ؟؟؟
حرب ضروس و انتصار مؤزر يختزل في سطرين ؟
كنت بانتظار احداث و عﻻمات فارقة مغيبة انت تعرضها بشكل اكبر
بالفعل يا @Khattab Zahran الإبداع هو كلمة السر..
بالفعل يا @Khattab Zahran الإبداع هو كلمة السر..
انا الصراحة انتظرت لحد ما نزل الجزء الثاني من المقال علشان اقرأهم مع بعض …. مقال رائع تسلم ايدك …والدرس الممكن اقول اني استفدته من المقال يتلخص في جملة واحدة للمؤرخ البريطاني إدجار أوبلانس ” يكمن سر نجاح العبور المصري ؛ في الحلول الغير نمطية التي اتبعها الجيش المصري للتغلب على مشاكل العبور” ….معظم الشركات الناجحة عندما تقرأ عنها تتميز بهذه الخاصية ….الحلول الغير نمطية ( الابداع )